مجلة وفاء wafaamagazine
تحت إشراف وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطاط القرمازي، يحتفي «مسرح أوبرا تونس» («مدينة الثقافة») غداً الجمعة بمئوية الفنان والمطرب اللبناني العملاق وديع الصافي (1 نوفمبر 1921 ـــ 11 أكتوبر 2013). يحيي الأمسية نجل وديع الصافي، الفنان أنطوان الصافي، تُرافقه «الفرقة الوطنية للموسيقى» و«الأوركسترا السمفونية التونسية» بقيادة يوسف بالهاني، في إطار تظاهرة «رمضان في المدينة».
وديع الصافي حنجرةٌ لبنانية وعربية أصيلة، مثّل ظاهرةً استثنائية في الشرق في معظم ما أدّاه. أنطوان الصافي أخبرَنا من تونس أنّ المايسترو قال له إنّها المرة الأولى التي يجمعون فيها الأوركسترا العربية والسمفونية معاً، خصّيصاً لهذا الحدث الضخم، وستضمّ الأوركسترا 70 موسيقياً تقريباً. «هذا المشروع بدأت تحضيراته قبل خمسة أشهر فور عودتي من «مهرجان الموسيقى العربية» في مصر، حيث خُصِّصت ليلةٌ لتكريم وديع الصافي بمئويته. قابلتُ وزيرة الشؤون الثقافية التونسية وقلتُ لها إنّ مصر كانت سبّاقة في تكريم وديع، وأُحبّ أيضاً أن تقيم تونس حفلة تكريمٍ له وفقاً لمواصفاتي ورؤيتي المتجسّدة في أوركسترا ضخمة وتوزيعاتٍ جديدة تُقرّب هذا التراث من التاريخ المعاصر». أطلعنا أنطوان الصافي على برنامج الحفلة التي ستقام بحضور مواهب جديدة يرعاها بموازاة صوته حتى تستمرّ الرسالة الفنية، و«ثمة صوتٌ رجاليّ وصوتٌ نسائيّ» على حدّ تعبيره. تكمن أهمية الاحتفالية في أنها «تخلّد ذكرى إنسان حقّق نقلة نوعية في الموسيقى المشرقية العربية لم تشهدها موسيقانا منذ مار أفرام السرياني، وقد جمع كل ألوان المنطقة الموجودة التي كان كلٌّ منها متميزاً على حدة، وأضاف عليها «الطَّعم» الجبليّ. وديع الصافي عبَرَ حياتنا وزيّنها وجمّلها وأثراها بألوان فنية جديدة لم تكن موجودة قبلاً، وهو يعد محطّة ومرجعية لكل صوت يريد أن يثبت حضوره في الساحة الفنية، فلا بدّ له من أن يمرّ بأغنيات وديع ليكون متسلّحاً بالجدارة والتمرّس في فضاء الغناء المشرقي العربي. هذه الذكرى تعني مَن ينظّمها ويحييها أكثر ممّا تعني تراث وديع الصافي، وتشفّ عن حرص المنظّمين على هذا التراث الفريد، وهم من حَمَلة الشعلة الصافية».
يشتمل برنامج الحفلة على أغنيات عدّة محبّبة للجمهور بينها: «طلّوا احبابنا»، و«لبنان يا قطعة سما»، و«عندك بحرية يا ريّس»، و«لأجلك تونس» (من ألحان أنطوان الصافي)، و«ياما أنا والليل»، و«رح حلّفَك بالغصن يا عصفور»، و«بالساحة تلاقينا»، و«الليل يا ليلى يعاتبني»، و«بترحلَك مشوار قِلْتِلاّ يا ريت»، و«يا عيني عَ الصبر»، و«دار يا دار»، و«جايين»، و«هوى الوديان»، و«يا ريت ما حبّيت» (من ألحان أنطوان الصافي).
وديع الصافي قيمةٌ موسيقية وفنية بذاته، وأوتارٌ صوتية ممهورة بالفخامة. مع «جارة القمر» فيروز والشحرورة صباح وإلى جانبهما، صار التراث القرويّ مدينياً أيضاً، والمحلّي جاب أفضية العرب، وصولاً إلى العالم. واءمَ وديع بين الطربي التقليدي والشعبيّ الخام والحداثي والبوب، وسواها من الألوان في شسوع مراوحها وتبايناتها وتشعّبها. علماً بأنّ الموروث الزاخر المتطلّب رقِيَ حين قدّمه بسلاسةٍ وانسياب حَفَّفهُما بالإعجاز بلا تكلّف أو تعمُّد. إحياء مئوية وديع في تونس تمثل التفاتةً نبيلة، فيما لبنان الغائص في أزماته، لم يحتفِ بعد بإبن نيحا مارد الغناء في مئويته.