مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت “نداء الوطن”
غداة طيّ صفحة الانتخابات النيابية على روزنامة الاستحقاقات الدستورية المرتقبة على الساحة اللبنانية، تتوالى البيانات الدولية المرحّبة باحترام مبدأ تداول السلطة والتزام إجراء العملية الانتخابية في موعدها، لتتجه الأنظار تالياً إلى الاستحقاقين الحكومي والرئاسي وسط تعاظم الهواجس من أن يعود أركان السلطة إلى لعبة التعطيل والتسويف، سواءً في عملية التكليف والتأليف أو في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الأمر الذي من شأنه أن يعيق مسار الإنقاذ واستنهاض الاقتصاد في لبنان لحسابات سياسية وشخصية على حساب مصالح البلد وأبنائه.
ومن هذا المنطلق، كان التركيز جلياً، في جوهر المواقف الصادرة خلال الأيام والساعات الأخيرة على المستويين العربي والدولي عقب إنجاز الاستحقاق النيابي، على ضرورة تشكيل “حكومة قادرة على إنقاذ الاقتصاد وإعادة الثقة بلبنان سريعاً” كما جاء في بيان الخارجية الأميركية أمس، بالتزامن مع تشديد مجموعة الدعم الدولية على وجوب تسريع تأليف “حكومة يمكنها تنفيذ الإصلاحات ومواصلة العمل مع صندوق النقد الدولي”. وكذلك حضرت “الأوضاع في لبنان بعد الانتخابات التشريعية” خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فجددا التأكيد على “الحاجة إلى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة للتعافي التي يتوقعها اللبنانيون والمجتمع الدولي”.
غير أنّ حسابات “حقل السلطة” لم تبد مطابقة لحسابات “البيدر الإصلاحي” أمام المجتمع الدولي في ظل مكاشفة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الرأي العام الداخلي والخارجي بحقيقة العرقلة التي واجهها من جانب “التيار الوطني الحر” وحالت دون تنفيذ مشاريع إصلاحية لا سيما في قطاع الكهرباء، حتى بدا ميقاتي في “جردة الحساب” التي قدمها قبيل دخول حكومته مرحلة تصريف الأعمال كمن يقتبس الشعار العوني “ما خلّوني” حين فضح تعطيل وزير الطاقة المتعمد لعرض تزويد شركتي “جنرال الكتريك وسيمنس” معملي دير عمار والزهراني بألف ميغاوات طاقة على الغاز “مع التزام الشركتين بتأمين مادة الغاز بسعر مقبول جداً”.
وإذ أوضح أنّ العروض التي تلقاها لبنان في هذا الإطار كانت كفيلة على المدى الطويل “بتزويد لبنان بمولدات إنتاج الكهرباء بمعدل 24 ساعة وبصورة دائمة”، كشف رئيس الحكومة أنّ وزير “التيار الوطني” وليد فياض و”بعد تكليف مكتب استشاري وضع دفتر الشروط بأسرع وقت لإجراء عملية التلزيم عاد فسحب الموضوع من مجلس الوزراء (أمس الأول) من دون إعطاء أي تبرير”، كما سحب فياض أيضاً “الملف المتعلق بتغويز الغاز لمعمل الزهراني وفق مناقصة دولية تشارك فيها شركات عالمية”، علماً أنّ “هذا العرض كان سيساعد لبنان في المستقبل”، ليختم ميقاتي كلامه بالتأكيد على أنه لن يكون “شاهد زور إزاء محاولات رهن البلد مجدداً بمصالح شخصية، أو التعاطي مع الملفات الحيوية بمنطق الشخصانية الذي كلف الخزينة أعباء باهظة”، معرباً عن أسفه لاستمرار محاولات دفع البلد إلى الانتحار “لأنّ هناك من يريد مصلحته قبل أي أمر آخر”.
أما على مستوى قرارات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا، فرأت فيها مصادر اقتصادية “هروباً إلى الأمام، لا سيما تحت وطأة الإمعان في سياسة زيادة الأعباء المالية على كاهل المواطنين من دون الإقدام على خطوات إصلاحية ملموسة تخرج البلد من دوامة الانهيار”، بحيث أقرّ مجلس الوزراء زيادة تعرفة الاتصالات والانترنت ابتداءً من شهر تموز لتصبح بالتالي “أغلى فاتورة اتصالات في العالم سيتكبدها أفقر شعب في العالم” على حد توصيف الوزير جورج كلاس لدى خروجه من جلسة بعبدا.
وتزامناً، انتقدت المصادر إقدام رئيس الجمهورية ميشال عون على “رشرشة” الأموال من الخزينة العامة في نهاية عهده، مستغربةً “استعجاله في دفع أتعاب استشارية مستحقة على الدولة بينما الدولة نفسها توقفت عن سداد ديونها للخارج واللبنانيون أصبحوا في الداخل يتقاتلون على ربطة خبز”، طارحةً علامات استفهام حول “الجهات المستفيدة من جزء من سلفة الخزينة” التي أقرّ عون صرفها أمس بقيمة 90 مليار ليرة، أي نحو ثلاثة ملايين دولار وفق سعر الصرف في السوق السوداء.
وما لم تجاهر به المصادر، وضعه مراقبون في خانة “صرف الأموال لعيون صهر الجنرال”، ليذهب بعض المواطنين إلى حدّ التعليق على التغريدة الرئاسية التي أعلنت توقيع رئيس الجمهورية على صرف سلفة الخزينة باعتبارها مخصصة لتسديد “أتعاب سماسرة جبران”.
ولاحقاً، سارع رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل نفسه إلى الاستثمار الشعبوي في التوقيع الرئاسي مدوّناً على صفحته على “تويتر”: “للبترون مكملين.. واليوم توقيع مرسوم 60 مليون دولار للصرف الصحي لوسط قضاء البترون من الصندوق الكويتي. واليوم كمان قرار مجلس الوزرا بتحويل مستشفى البترون لمستشفى حكومي…وبعد في كتير”.