الجمعة 06 كانون الأول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
طلبت نانسي بيلوسي من رئيس اللجنة القضائية صياغة لوائح الاتهام ضد دونالد ترامب، ما يعني أنّ عملية العزل التي ارتدت الصفة الشبه الرسمية انتقلت إلى مرحلة متقدّمة، الأمر الذي رأى فيه العديد من المراقبون تسرّعاً غير مبرّر
نقَل الديمقراطيون إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب إلى مرحلة جديدة، أمس، مع طلب رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي من رئيس اللجنة القضائية صياغة لوائح الاتهام ضد ترامب، ما يعني أنه بات من شبه المؤكد انطلاق عملية رسمية لعزل الرئيس الـ45 من منصبه. بيلوسي بَنَت طلبها على إساءة استغلال ترامب للسلطة لتحقيق منافع سياسية، معتبرة أن الأمر «لا يترك لنا خياراً سوى التحرك». وقالت في بيان تلفزيوني مقتضب: «للأسف، ولكن بكل ثقة وتواضع، وبولاء لمؤسسي البلاد وبقلب مفعم بالحب لأميركا، أطلب اليوم من رئيس (اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر) المضي قدماً في صياغة لوائح الاتهام»، بهدف عزل الرئيس.
وأدلت بيلوسي بتلك التصريحات، بعد يوم من عقد اللجنة القضائية جلسة قال فيها خبراء قانون دستوري استدعاهم نواب ديمقراطيون، إن ترامب شارك في أفعال تشكل جرائم تستدعي المساءلة بموجب الدستور. إلا أن خبيراً رابعاً استدعاه نواب جمهوريون قال إن تحقيق المساءلة الذي يقوده ديمقراطيون أُجري على عجل وحافل بالأخطاء، الأمر الذي يتوافق عليه العديد من الخبراء والمراقبين، فيما يرى آخرون أنه سيفتح المجال أمام إجراءات مماثلة متسرّعة سيتعرّض لها الرؤساء في المستقبل بكل سهولة.
وقد نبّه ترامب إلى هذا الأمر، أمس، مشيراً إلى أن قرار الديمقراطيين في مجلس النواب مواصلة إجراءات مساءلته، «سيعني أن إجراء المساءلة المهم والنادر الاستخدام، سيتم بشكل روتيني لمهاجمة الرؤساء في المستقبل. ليس هذا ما كان الآباء المؤسسون يفكرون فيه». ترامب الذي بدا واثقاً من انتصاره في معركة عزله، كتب على موقع «تويتر»، أن «الجيد هو أن الجمهوريين موحّدون الآن أكثر من أي وقت مضى. سننتصر». وكان، في وقت سابق من يوم أمس، قد حثّ أعضاء مجلس النواب من الديمقراطيين على التحرّك سريعاً لو كانوا يعتزمون مساءلته حتى يتسنّى لمجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، التعامل مع القضية.
وكتب على «تويتر»: «إذا كنتم ستقرّرون مساءلتي، فلتفعلوا ذلك الآن، بسرعة، حتى تكون لدينا محاكمة عادلة في مجلس الشيوخ، ولتتسنّى لبلدنا العودة للعمل». وكتب ترامب: «الجيد هو أن الجمهوريين موحّدون الآن أكثر من أي وقت مضى. سننتصر»، مضيفاً أن «الديمقراطيين اليساريين المتطرّفين أعلنوا أنهم سيسعون لعزلي من دون سبب».
كذلك، ردّ البيت الأبيض على هذا التطوّر، مؤكداً أن على الديمقراطيين «أن يخجلوا» من أنفسهم. وصرّحت كبيرة المتحدثين باسم ترامب ستيفاني غريشام على موقع «تويتر»، بأنه عندما يطلق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون إجراءات العزل، فإن ترامب يتطلع إلى «محكمة عادلة في مجلس الشيوخ»، الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
في مقابل ذلك، عبّر معظم أعضاء مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون عن نيّتهم دعم هذه العملية، الأمر الذي يرجّح أن يصبح ترامب ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُحاكم بهدف عزله. وفيما لم تعلن بيلوسي عن التهم، إلا أن ترامب يمكن أن يواجه العزل في تهم الرشوة وإساءة استخدام السلطة، وعرقلة عمل الكونغرس وإعاقة العدالة. وقد أكدت بيلوسي أن الرئيس «أساء استخدام سلطته لتحقيق منافع سياسية على حساب أمننا القومي»، من خلال حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا، ومنع عقد لقاء مع نظيره الأوكراني فولدويمير زيلينسكي في البيت الأبيض للضغط عليه لإجراء تحقيق بشأن منافسه السياسي جو بايدن». وأضافت: «إذا سمحنا للرئيس أن يكون فوق القانون، فإننا نعرّض جمهوريتنا للخطر».
ويبني الديمقراطيون قضيّتهم على أساس أنه تنبغي إقالة ترامب لمحاولته الاستفادة من اجتماع البيت الأبيض مع زيلينسكي والمساعدات العسكرية للضغط على أوكرانيا، لكي تفتح تحقيقاً بشأن نائب الرئيس السابق جو بايدن، منافس ترامب المحتمل في انتخابات الرئاسة 2020. ويصرّ الديمقراطيّون على إجراء تصويت على إطلاق إجراءات العزل قبل عطلة الميلاد التي تبدأ في 25 كانون الأول/ديسمبر. وإذا صادق مجلس النواب، كما هو متوقّع، على إطلاق إجراءات العزل، سيحال الملف إلى مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية لإطلاق محاكمة في كانون الثاني/يناير.
ومنذ بدء إجراءات عزل ترامب إلى اليوم، أفردت الصحف الأميركية حيّزاً لمناقشة المسألة. وحتى مع إعلان بيلوسي أمس، رأت صحيفة «بوليتيكو»، أن «عزل ترامب أمر شبه مستحيل»، معتبرة أن «الإبطاء في العملية سيمنح الرأي العام الوقت لامتصاص الأدلّة الوافرة على سوء سلوك ترامب». وكانت صحيفة «ذي واشنطن بوست» قد عبّرت عن الموقف ذاته، بعد نشر لجنة الاستخبارات في مجلس النواب تقريرها الخاص بالتحقيق، وخلُصت إلى أن «الديمقراطيين لم يستطيعوا إثبات أن ترامب هو شخصياً من وضع خطة المنفعة المتبادلة مع أوكرانيا، حين حجب تقديم المعونة العسكرية لها ليضغط على رئيسها فولوديمير زيلينسكي في ما يتعلق بإعلان التحقيق مع بايدن وابنه هانتر». وأشارت إلى أنه بما أن «كبار مساعدي ترامب رفضوا الامتثال لطلبات الاستدعاء، فقد اعتمدت لجنة التحقيق على أشخاص لم يكونوا على اتصال مباشر مع الرئيس»، موضحة أن «أقوى الأدلة الدامغة التي استند إليها الديمقراطيون جاءتهم من أقوال وأفعال أشخاص داخل إدارة ترامب».
وفي السياق ذاته، رأت الصحيفة أن الديمقراطيين على عجلة من أمرهم من أجل عزل ترامب، الأمر الذي يمكن أن يرتد عليهم. وأوضحت أن هؤلاء «يسعون لعزل ترامب من منصبه من دون الاستماع إلى كبار المسؤولين السابقين ممّن كانوا على اتصال مباشر به، ويرغبون على ما يبدو في الإدلاء بشهاداتهم. ومن بين هؤلاء المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون». ولفتت إلى أن «الديمقراطيين واجهوا انتقادات من داخل وخارج الكونغرس بسبب ذلك. فلو أنهم انتظروا لأشهر أخرى، هل كان بوسعهم إثبات وجود علاقة بين مخطط المنفعة المتبادلة مع أوكرانيا وترامب، من دون أن تخالج محاولتهم هذه ذرة من الشك؟».الأخبار