مجلة وفاء wafaamagazine
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب صلاة عيد الأضحى المبارك في مقر المجلس، وألقى خطبتي العيد، وقال فيهما:
“أيها الاخوة المؤمنون، كل عام وأنتم بخير وأعاده الله عليكم بالصحة والسلامة وعلى بلدنا بالأمن والأمان، وأن يخرج لبنان واللبنانيون من هذا الواقع المزري الى وضع أفضل والعرب والمسلمين من التفرّق الى التوحّد، ومن المعاناة على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية الى حلّ مشاكلهم المختلفة والنهوض ببلادهم. لقد كان الحج أكبر مظهر من مظاهر التوحد بين المسلمين والذي كان دائماً وعلى مرّ تاريخهم الى جانب توحيدهم لله تعالى وإيمانهم وحفظهم وصونهم لكتابه الكريم، الذي يمثّل وحي السماء وخطاب الله للعالمين، وبنبوة رسوله وخُلقه العظيم والصلوات الخمس والصوم والحج والزكاة منارات تعيد الامة الى رشدها كلما شذّت عن الطريق وبَعُدت عن الأهداف التي رسمها الله تعالى لها وأمرها بالسير نحوها لتنهض من جديد. رغم التحديات الكبرى التي واجهتها في تاريخها والعثرات التي وقعت فيها، بقيت هذه الامة ثابتة وبقي الدين حاضراً في وجدان أبنائه، وسيبقى الحج عنواناً من عناوينها الكبرى الى جانب العناوين الأخرى يجمع شتاتها ويعيدها الى الطريق القويم للقيام بتحقيق الأهداف الإلهية الكبرى، والتي تبقى الأمل الوحيد لتحقيق السلام الحقيقي للعالم، وهذا جانب من الحكمة الربانية الى جانب تأكيد العبودية لله تعالى وتوحيده التي ابتغتها في تشريع فريضة الحج وتذكير الامة بالأسس والمبادئ والاهداف التي كانت السبب في وجودها المرتبط بالعبودية لله تعالى وأنها أمة واحدة (إن هذه أمتكم واحدة وانا ربكم فاعبدون) تحمل نفس القيم والاهداف (كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
إن حالة التخلّف التي تعاني منها أمتنا اليوم تعود الى أن هذه القيم وهذه الأسس لم تعد تقوم بدورها في حياة الامة، حيث أصبح بعضها مجرد مظاهر بلا مضمون، وجسداً بلا روح، فحافظنا الى حد ما على الصورة والشكل وتركنا الجوهر والمضمون، وحتى الصورة والشكل شُوّها الى حد بعيد، إضافة الى التخلي عن واحد من اهم قواعد الإسلام وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي عملية الإصلاح ومواجهة الفساد، حتى أصبح الفساد القاعدة الحاكمة ليس لدى الطبقة السياسية الحاكمة فقط بل تعدتها الى الشرائح الاجتماعية المختلفة المستفيدة من الفساد أو خائفة على مصالحها المهددة من الحاكم والمتنفّذ. لذلك فإن الخروج من الوضع الذي نعيشه في لبنان يحتاج من الجميع تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية والخروج من حالة الانقسام الداخلي الحزبي والطائفي التي هي أهم العوامل المساعدة على الفساد، فلا يعقل أن نُدينَ الفساد ونحن جميعاً نرتكبه، ويكتفي كل طرف بتوجيه أصابع الاتهام الى الذين ينتمون الى اخصامه طائفياً او سياسياً او حزبياً، بل وصل الامر أن يُتهم أنظف جسم وطني في لبنان وهو المقاومة وبيئتها ويُطالب بنزع سلاحها، وهو الامر الذي يدل بوضوح على أن هؤلاء يعملون فعلاً على تغطية الفساد وزبائنه، لأنهم يعلمون بأنه ليس باستطاعتهم تحقيق هذا الهدف، مع ان لديهم القناعة بعدم صحة هذا الاتهام، وإنما الهدف هو إرضاء أسيادهم ومواليهم من القوى الخارجية التي تنكّرت لهم في تجارب سابقة واستخدمتهم لتحقيق مآربها ثم تركتهم لشأنهم دون ان تكترث لهم”.
وأضاف: “آن للبنانيين أن يهتموا بمصالح شعبهم وبلدهم بعد كل هذه التجارب، وليقوموا بأنفسهم بالاتفاق على بناء الدولة على أسس متينة لا يحتاجون معها الى الوقوع في نفس التجارب السابقة من الانقسام السياسي والاحتقان الطائفي، والاحتراب الداخلي الإعلامي أو العسكري مما يؤدي الى تهديم كل ما بنوه، ويحتاجون في إعادة بنائه الى الخضوع الى ما يمليه من يريد تقديم (المساعدة وإعادة الاعمار). إنّ معالجة أزمة النازحين السوريين التي هي أحد أوجه تخفيف الأعباء عن لبنان يستدعي من المسؤولين اللبنانيين التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، وإلا فليخبرونا كيف سيعيدون هؤلاء وبأي طريق، فلا تنتظروا الاذن الخارجي الذي سيكون مصيره مصير الاذن باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، وتعاطوا بمسؤولية في هذه الملفات الوطنية والقومية خصوصاً مع الشقيقة سوريا التي لم تبخل على لبنان يوماً في تقديم الدماء وانجزت ما يسهل وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فهي تستحق منا كل الشكر”.
وقال: “مبارك للأمة العربية والإسلامية عيد الأضحى وبالأخصّ لجماهيرها ومقاومتها وشهدائها التي تواجه جرثومة الفساد الأكبر الكيان الغاصب لفلسطين وللقدس ومقدسات الامة، العدو الإسرائيلي الذي سيبقى العدو الوحيد ومن يدعمه رغم كل محاولات التطبيع الفاشلة، على أمل ان نرى قريباً محاولات التقريب وإصلاح العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تحققت، وعودة العرب الى سوريا الشقيقة التي لم تتخلف يوماً عن واجبها القومي والإسلامي في نصرة قضاياهم وعلى رأسها دعم المقاومة في لبنان والقضية الفلسطينية والقدس الشريف جنباً الى جنب الجولان والذي لن يبقى تحت رجس الاحتلال”.