مجلة وفاء wafaamagazine
غالباً ما نكتب من مداد العاطفة والمحبة إلى الإمام المغيّب السيد موسى الصدر وعنه، وفي اكثر الاحيان تكون الكتابة مشوبة بالشوق والحرقة معاً، فتغيب معالم نهج الإمام وفكره وخطه ورؤيته إلى لبنان الدولة الحاضنة لجميع ابنائها، وهو المسار الذي انتهجه حامل الأمانة الرئيس نبيه بري وأصرّ على السير به وسط شعاب وطن يهفو إلى برّ الخلاص والأمان من مِحنِه وعذاباته. لمرة، نستميحكم العذر، ان نعرض (ولو بتصرّف لا يبدّل في المقصد والمعنى والنص الاصلي) وثائق ليست مصنّفة سرية، ولكن كثيرين يغيّبونها قصداً او عن غير دراية، لأهمية استعادتها في الزمن الصعب، لتكون خط بناء الوطن لبنان، ولو تنبّه اللبنانيون إلى وثيقة الامام الصدر عام 1977 لوفّروا على لبنان كثيراً من العذابات، لأنّ كثيراً من طروحات الإمام الصدر شكّلت عناوين أساس لـ»وثيقة الطائف».
د. طلال حاطوم
المؤتمر العام العاشر 2002
وتأكيداً لثبات توجّهاتها، أُقرّ في المؤتمر العام العاشر لحركة «أمل» تحت عنوان «شهيد أمل والتحرير» ما قاله رئيس الحركة الأخ الرئيس نبيه بري تحت عنوان الأوضاع اللبنانية:
شهد بلدنا منذ انعقاد المؤتمر العام السابق (التاسع) إلى اليوم، جملة أحداث وتطورات بارزة بينها على المستوى الوطني:
– اندحار جيش العدو الإسرائيلي وتحرير معظم أرضنا.
– محاولات متعددة لإرباك النظام العام عبر ارتكابات أمنية.
– تجاوز لغة التخاطب السياسي بين المعارضة والاعتراض وحتى الموالاة لمتطلبات الوفاق الوطني.
– التهديدات الإسرائيلية والضغوط الأميركية على لبنان وعلى سوريا على خلفية الانتفاضة الفلسطينية، والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وأحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).
– تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
لقد شكّل اندحار الجيش الإسرائيلي وانتصار مقاومة وصمود شعبنا وعلى رأسه حركة «أمل» التي كانت طليعة المقاومة والسبّاقة إلى المقاومة، اهم حدث يتصل بحركة الشعوب في مطلع الألفية الثالثة، حيث أثبتنا انّ الشعب مهما كان صغيراً ولا يمتلك وسائل الدفاع، إلّا أنّ تصميمه على رفض الاحتلال وعلى مقاومته ستمكّنه رغم التضحيات الكبيرة، من إثبات عجز قوة العدو حتى ولو كان مسلّحاً بالأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وتضمّ ترسانته أحدث الأسلحة الجوية والبرية والبحرية الكلاسيكية.
لقد جرّبت إسرائيل مختلف أنواع الحروب ضدّ لبنان، وارتكب جيشها المجازر، وقام سلاحها الجوي بضرب المنشآت الحيوية مثل الجسور والكهرباء في المرحلة الاخيرة من الاحتلال…
إننا في حركة «أمل» وفي كل الحالات لن نقبل التفريط بالمقاومة أو إسقاط سلاحها، حتى استكمال تحرير أرضنا وفي طليعتها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وحتى يلمس لبنان ضمانات دولية قاطعة بأنّ إسرائيل تنازلت عن أطماعها في المياه والأراضي اللبنانية، وضرورة استثمار المياه، وثروات لبنان.
إننا في حركة «أمل» نعتبر جرائم الاغتيال الإسرائيلية اعتداءات على لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، وحلقة من حلقات حروب إسرائيل ضد لبنان بوسائل غير مباشرة، منها الألغام وعروض القوة الجوية في سماء لبنان وتارة بواسطة البوارج الحربية.
وهذه الحروب والجرائم تتطلب وعياً وأهبة وطنية وانتباهاً شديداً في هذه المرحلة، وتشديد التحالف بين قوى المقاومة والتنسيق الكامل مع الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية ومع الجيش العربي السوري الشقيق الذي شكّل ويشكّل على الدوام ظهير المقاومة والملاك الحارس لسلام لبنان..
… كلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته، كلنا في موقع المسؤولية الوطنية تجاه تثبيت استقرار النظام العام الإقتصادي كما النقدي، كما الأمني، كما السياسي، وأساساً الثقافي، بالإنطلاق من مفاهيم موحَدة وموحّدة.
بالنسبة الينا في حركة «أمل» نعرف أنّ العلاج لطريقة إدارة الإختلافات والإئتلافات حول كل القضايا الصغيرة والكبيرة يكمن في الديموقراطية، في الخروج من ديموقراطية «حارة كلمن إيدو اللو» من الديموقراطية التوافقية إلى الديموقراطية الحقيقية، الديموقراطية مقابل الطائفية.
هذا شعار حركة «أمل» الذي ستطبّقه على نفسها من القاعدة إلى أعلى سلم الهرم، والذي ستتّبعه في مؤسساتها وفي حياتها اليومية.
اننا ندعو تأسيساً على ذلك، كل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات والمنظمات الشعبية إلى القبول بالديموقراطية كنهج حياة وطنية وليس كحدث انتخابي عابر يتوقف على كمّ الأصوات في هذا الصندوق أو ذاك، ويتوقف على توقيع الناخب لائحة الحضور.
إننا ندعو إلى ديموقراطية في المضمون لا في الشكل، ندعو إلى الخروج من حالة الإستقطاب الطائفي والمذهبي والمناطقي ورفض الإحتكام إلى مزاج الشارع في تعبئته بألوان من الأفكار والمواقف بعيدة كل البعد من روح الوفاق.
إننا نرى أنّ إخراج لبنان من واقع هذه العصبيات يتوقف على اعتماد:
1- قانون عصري للامركزية الإدارية والبلديات.
2 – قانون عصري للأحزاب لا يقزّم لبنان وانسانه وطموحه.
3- قانون للإنتخابات النيابية يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية بما يضمن حكماً تحقيق الإندماج الوطني.
4 – إعتماد قانون عصري للمنفعة العامة.
انّ حركة «أمل»، حركة المحرومين، تتبنّى هذه المطالب إلى جانب الغاء الطائفية السياسية بمعزل عن اي أبعاد سياسية وعلاقتها سلباً أو إيجاباً مع أحد.
انّ المطلوب هو:
تركيز الإستثمار على القطاعات المنتجة، بما يعني ترتيب أولويات الإنفاق الإعماري بما يؤدي إلى انخراطه داخل الدورة الإقتصادية في اتجاه تعزيز انطلاقة القطاعات الإقتصادية المختلفة… وتوجيه عناية جميع المعنيين في الدولة إلى تركيز الإستثمار على التعليم وتنمية الموارد البشرية، وتطوير العمل بالمهارات خصوصاً للشباب وربط ناتج التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل المحلي والعربي، حتى لا يبقى لبنان مورداً أساسياً لمواطنيه الذين يحملون دمغة صُنع في لبنان، الّا انّ هذه المطالب لم يجرِ التركيز على أهميتها الوطنية.
وضرورة الإستثمار قبل كل شيء في البحث والتدريب، ايماناً منا بتنمية المردود العالي لتنمية الطاقات التقنية الرفيعة من جهة، ومن جهة ثانية بأهمية أن تؤدي الأبحاث إلى وضع برامج على نطاق واسع تتيح للمؤسسات اللبنانية تحسين انتاجها ومردودها.
في حين أنّ أبرز الأمراض الحكومية لا زالت السياسة الضريبية والإتجاه المعاكس للنمط العالمي في السياسة الجمركية المرتفعة لا بهدف حماية الصناعة الوطنية، وانما حرصاً على العائدات الجمركية (كما حدث في الضريبة على التبوغ المستوردة)…
نقترح تبنّي التحرّك من أجل:
-1 إنشاء وزارة للتخطيط مترافقة مع اطلاق فعاليات ودور المجلس الإقتصادي والإجتماعي من أجل التشخيص الدقيق للوضع الإقتصادي والإجتماعي الراهن، وتحديد العوامل العضوية والأسباب الظرفية التي أنتجته، واستخلاص قواعد برنامج لمعالجته في ضوء القدرات والإمكانيات الوطنية التي يمكن توفيرها لهذه الغاية.
-2 قانون عصري يضمن حقوق العمال من دون تهديد انتاج المؤسسات وقدرتها على المنافسة.
-3 إعادة النظر في قانون نهاية الخدمة وقانون الضمان الإجتماعي، بحيث يشملان ضمان الشيخوخة ويوسعان الخدمات لشمول أوسع فئات الشعب اللبناني، كذلك لوضع قواعد لتوزيع الأعباء والمساهمات.
-4 صوغ قانون جديد للإيجار مترافق مع توضيح السياسة السكانية وبما يؤدي إلى تنمية قطاع البناء بما يراعي مخططات التنظيم المدني.
-5 التحرّك لإنشاء مجلس أعلى للتربية يخطّط العلاقة بين عائد التعليم العالي والمهني وحاجات سوق العمل.
-6 العمل من أجل زيادة حجم القطاعات الإنتاجية المحلية الصغيرة والمتوسطة واعفائها من الرسوم الجمركية على مواردها الأولية خصوصاً في المحافظات.
-7 ترشيد الإنفاق، خصوصاً بخفض كلفة القطاع العام.
-8 دعم زيادة النمو في القطاعات الإنتاجية وخصوصاً الصناعة والخدمات والسياحة وتقليل الإعتماد على الإقتصاد الريعي وتحويله اقتصاداً سلعياً.
-9 رفض الخصخصة الشاملة ودعم تنفيذ خصخصة القطاعات المتفق عليها ضمن استراتيجية مدروسة لها أهدافها العامة ووسائل تحقيقها، وتوقيت تنفيذ عملياتها ومدى ملاءمة وضع الأسواق والظروف العامة لإستيعابها وانجاح هذه العمليات.
-10 دعم السياسات الإقتصادية العامة التي تتوخّى النمو الإقتصادي هدفاً استراتيجياً لها وبما يطاول القطاعات الإنتاجية كافة والقطاعات التصديرية منها خاصة.
-1 دعم تنسيق السياسات الإقتصادية العامة مع القطاع الخاص.
-12 دعم تعميق واستكمال الخطوات المناسبة التي تمكّن لبنان من الإستفادة المتبادلة مع أشقائه ومن شراكاته وعلاقاته الإقتصادية والتجارية الدولية.
-13 زيادة الإعتمادات الزراعية وخصوصاً تشجيع مشروعات التنمية الريفية وتحقيق مشاريع الري وانشاء السدود والطرق التي طال الحديث عنها.
-14 انجاز مشروع الفرز والضم وتصنيف المساحات والمناطق اللبنانية بدافع المحافظة على البيئة وعدم تشويهها.
-15 زيادة فعالية النقل المشترك وضبط قوانين وسائل النقل بهدف تخفيف التلوث».
خاتمة: ما أشبه الأمس باليوم، نحن في حاجة إلى عناوين الامام الصدر ورؤية الرئيس نبيه بري لحماية لبنان وبناء الوطن.
الجمهورية