الرئيسية / آخر الأخبار / برلمان لبنان يقر الموازنة على وقع تحركات شعبية ومواجهات مع القوى الأمنية

برلمان لبنان يقر الموازنة على وقع تحركات شعبية ومواجهات مع القوى الأمنية

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”:

أنهى البرلمان اللبناني أمس (الاثنين) مناقشة موازنة العام 2022 على وقع احتجاجات شعبية نفذت في محيطه وسط بيروت، حيث سجلت مواجهات بين المعتصمين، لا سيما من العسكريين المتقاعدين، والقوى الأمنية، ووصلت إلى حد ضرب النائبة سينتيا زرازير من قبل شرطة المجلس، بحسب ما أعلن زملاؤها النواب.

وأقر المجلس الموازنة المتأخرة بنحو سنة بأكثرية الحضور، أي بـ63 صوتا من أصل 128 نائبا يتألف منهم البرلمان، ومعارضة 37 نائبا. وفي جلسته الصباحية أقر البرلمان البنود المتعلقة بإعفاء رواتب المتقاعدين من ضريبة الدخل على الراتب، وإلغاء دفع رسوم على مصادقات الجامعات في الخارج، كما رفع تعريفة جواز السفر إلى مليون ليرة لخمس سنوات ومليوني ليرة لعشر سنوات.

وكان المجلس استهل جلسة مناقشة مشروع قانون الموازنة لعام 2022 بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء فاجعة «مركب الموت» في طرابلس، بطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وفي مناقشات بنود الموازنة، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان (التيار الوطني الحر): «جرى الحديث عن رواتب الموظفين وباب النفقات وضريبة الدخل. وتم تناول زيادة الرواتب 3 أضعاف والعجز وطريقة زيادة الإيرادات بعد زيادة الرواتب وتأثيرها على العجز»، فيما اعتبرت النائبة بولا يعقوبيان أن «موضوع الزيادات سيؤدي إلى كارثة». وسألت عن «الخمسة آلاف وظيفة من العام 2018»، في إشارة إلى التوظيفات الانتخابية التي حصلت قبيل الانتخابات النيابية.

وتطرق عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل إلى تراجع القدرة الشرائية، قائلاً: «قيمة الرواتب انخفضت 24 مرة، وهناك استحالة أن تبقى المعاشات كما هي اليوم». وقال: «نحن نقوم بعمل جزئي بسيط بما يساهم في إعادة العجلة إلى القطاع العام، لا نستطيع أن نترك القطاع العام معطلا، وما نقوم به سلة صغيرة».

وتحدث عن فرق العجز وأعطى أرقاما عن العجز والاحتياط، وقال: «هناك واردات لم يتم إعادة تقديرها. وهناك تصويب كامل لموضوع المخصصات، نحن أمام مشروع يتسم بالوضوح، والعدالة جزئية في ملف الرواتب».

من جهته، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: «اليوم إذا وافقنا على الاعتمادات، ولدينا كثير من الأمور تحتاج إلى تعديل وفق سعر الصرف، فسوف نكون بذلك خففنا عجز الموازنة. وممنوع الاستدانة من مصرف لبنان حسب الاتفاق مع صندوق النقد»، مشيرا إلى أنه «وفقا للجلسة الماضية، أرسلت وزارة المال أرقاما جديدة للنواب قبل جلسة اليوم (أمس)، ومنها جعل الدولار الجمركي 15 ألف ليرة».

وفي مداخلة له، وصف رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل الموازنة بـ«الجريمة الكبيرة». وقال: «حضورنا اليوم هو للحفاظ على وحدة صف المعارضة، ما نفعله اليوم هو جريمة كبيرة… اقترحنا كخطوة أولى، أن تلغى الوظائف الوهمية فعليا بشطبة قلم، وأن نزيل العبء على الاقتصاد الموازي».

بدوره، اعتبر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أن الموازنة بعيدة عن الإصلاح، وقال: «إقرارها على سيئاتها يحقق بعض الأهداف، منها العمل بالدولار الجمركي، وتصحيح وضع الإدارة ومنح الموظفين بعض التحسينات».

أما خارج قاعة البرلمان فكانت أصوات الموظفين تصدح مطالبة بالإنصاف، بحيث نفذ حراك العسكريين المتقاعدين اعتصاما وقد حاول عدد منهم الدخول إلى مجلس النواب بالقوة ما أدى إلى مواجهة بينهم وبين القوى الأمنية التي ألقت قنابل مسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين في ساحة النجمة.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن قوة من الجيش وصلت إلى الساحة لمؤازرة شرطة مجلس النواب والقوى الأمنية، حيث سجلت احتكاكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية التي حاولت إبعاد المتظاهرين الذين افترشوا الأرض منعا لمحاولة إبعادهم، فيما ناشد العسكريون المتقاعدون قائد الجيش (العماد جوزيف قهوجي) للنزول إلى الأرض والاستماع إلى مطالبهم والعمل على تحقيقها إنصافا لهم.

وتعرضت النائبة سينتيا زرازير للضرب في محيط مجلس النواب خلال محاولة العسكريين المتقاعدين الوصول إلى البرلمان بعدما خرجت للتضامن معهم، واصفة الدولة بـ«البوليسية التي تقمع المتظاهرين»، وهو ما علقت عليه النائبة بولا يعقوبيان قائلة خلال مشاركتها في الجلسة: «هناك دولة موازية في الخارج تضرب الناس». ليرد بري «لا دولة موازية ولا شيء، نعالج الأمر».

وفي وقت لاحق أعلنت النائبة حليمة القعقور تضامنها مع المتظاهرين ومع زرازير التي «نفذ حرس مجلس النواب تهديداته السابقة بحقها مستغلا وجودها في المظاهرة»، حسب قولها. وقالت، بحسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»: «سنواجه لحل شرطة المجلس فوراً بسبب صلاحياتها الموسعة المرتبطة بشخص رئيس المجلس، وسنواجه لمحاسبتها على جرائمها منذ ١٧ أكتوبر (تشرين الأول)… أزمة النظام تجعل من قوى أمنية ميليشيات شخصية».

وخلال مشاركته في المظاهرة، أكد العميد المتقاعد جورج نادر «ضرورة إعادة النظر بالموازنة وإنصاف العسكريين لأنهم أصبحوا في وضع مترد لا يستطيعون إدخال أولادهم إلى المدارس والجامعات وتأمين لقمة العيش بكرامة»، كما رفض «أي احتكاك مع عناصر الجيش كونهم (زملاء)»، معتبرا «أن الرسالة من المظاهرة وصلت».

ولفتت «الوكالة» إلى أن وفدا من المتظاهرين دخل إلى المجلس للتشاور في المطالب وإقرارها وكيفية الحصول عليها والالتزام في تطبيقها، ليعود بعدها وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم ويخرج من الجلسة ليبلغهم أن «المطالبة بالحقوق تشمل العسكريين بفئاتهم كافة وعوائل الشهداء والعسكريين المتقاعدين بما فيهم كل الأسلاك العسكرية»، وأوضح «نعمل ضمن إمكانات الحد الأقصى لنيل حقوق العسكريين، في المرحلة الأولى كانت هناك مساعدة اجتماعية وتضاعفت». وأعلن أنه «تقرر أن تتضاعف الرواتب 3 مرات، فيما تعود الحسابات التفصيلية للأجهزة المختصة في المال. أما موضوع المخصصات فيحسم لاحقا وفق الحسابات، وفي موازنة 2023 سيطرح تعديل قيمة الراتب من أساسه».