الرئيسية / آخر الأخبار / المخاوف على الاستحقاق إلى “ما بعد بعد المهلة”!

المخاوف على الاستحقاق إلى “ما بعد بعد المهلة”!

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت “النهار”

غداة الجلسة الأولى التي عقدها مجلس النواب في “سلسلة” مفترضة من الجلسات لانتخاب رئيس الجمهورية لم يكن غريبا ان تستيقظ المخاوف من استعادة المجريات التي بدأت عام 2014 مع جلسة مماثلة لم يتم خلالها انتخاب الرئيس ومن ثم كانت فاتحة فراغ تمدد لسنتين ونصف السنة الى ان انتخب الرئيس الحالي العماد ميشال عون . ذلك انه على رغم التطور الإيجابي الذي تمثل في ما ناله مرشحا المعارضة السيادية النائب ميشال معوض والمعارضة التغييرية سليم اده في مواجهة “الكتلة البيضاء” التي تشكلت في معظمها من أحزاب وقوى 8 اذار فان ذلك لم يحجب ترددات الاصداء المثيرة للشكوك المشروعة بإزاء قوى ما برحت تكرر ممارسات التعطيل نمطا في التعامل مع الاستحقاقات الدستورية والوطنية من منطلق الاستقواء بارتباطاتها الإقليمية ولتسخير موازين القوى في سبيل إبقاء السلطة على كل مستوياتها تحت سيطرتها والا كان الفراغ والتعطيل أسلوب الضغط الأحادي الذي تلجأ اليه . ولعل ما زاد الريبة في الساعات التي أعقبت أولى جلسات المسار الانتخابي في الاستحقاق الرئاسي ان الكلام الملتبس الذي انهى به رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة ظل من دون أصداء تذكر . اذ ان بري بدا “شكاكا” في امكان تحديد موعد لجلسة انتخابية ثانية حين ربط ورهن الموعد التالي ب”التوافق” بعدما تحدث عن توافق 128 نائبا أي انه لمح الى اشتراط الاجماع وليس التوافق فقط ! وهو امر يثير دلالات شديدة التوجس حيال شرط كهذا ولو كان ظاهره يحمل الرغبة في التوافق ولكن من شأنه ضمنا ان يرحل جلسات الانتخاب الى الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية أولا ومن ثم “الى ما بعد بعد” 31 تشرين الأول بما يعني حلول عصر الفراغ الرئاسي مجددا في #لبنان . ولذا تبين ان الأوساط النيابية والسياسية المعارضة تترقب مجريات الأسبوع المقبل لتبنىي على الشيء مقتضاه في اتجاهين : الأول استئناف حركة المشاورات مجددا وهذه المرة بنوع من الاستنفار السياسي الواسع بين مختلف القوى والكتل المعارضة ولو تمايزت في ما بينها حول مرشحيها لان الاستعداد للجولات المقبلة يقتضي زيادة التنسيق والتشاور لتحديد الخيارات وتثبيتها . والثاني مراجعة رئيس المجلس والكتل الأخرى في مسار الجلسات الانتخابية في ظل بعض الوقائع التي برزت في الجلسة الأولى وعلى هامشها ولم تترك انطباعات إيجابية .

 

ووسط هذا المناخ ترصد الأوساط السياسية مآل الاتصالات التي يبدو انها تواصلت خلف الكواليس حيال الملف الحكومي وسط معطيات عادت تتحدث عن امكان عودة المشاورات المباشرة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى السكة التي كانا توافقا عليها قبل سفر ميقاتي الى لندن ونيويورك بعدما اصطدمت المساعي باشتراطات جديدة من جانب العهد ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل . وقد تجددت الرهانات على امكان حصول تطور إيجابي الأسبوع المقبل يفترض ان تترجمه الزيارة التي ارجئت لميقاتي لقصر بعبدا في انتظار حلحلة التعقيدات الطارئة وهو الامر الذي سيتخذ دلالات بارزة جديدة ، سواء لجهة ازدياد التحوط لامكان حصول فراغ رئاسي او لجهة مواجهة لبنان استحقاق الاتفاق المحتمل الخاص بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة ورعاية الأمم المتحدة . وقد سادت معطيات على نطاق واسع امس حول امكان ان يتسلم رئيس الجمهورية التصور الرسمي التفصيلي للاتفاق من الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين في الساعات المقبلة تمهيدا لاتخاذ الجانب اللبناني موقفه الرسمي منه بما يعني ان الجانب الإسرائيلي يكون قد تسلمته أيضا لكي يتخذ مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر موقفه النهائي منه في اجتماعه غدا الاحد. وأفادت معلومات ان فور تسلم الرئيس عون التصور الأميركي سيجري التشاور بين الرؤساء الثلاثة ويحال التصور الى لجنة قانونية امنية متخصصة لدراسته ثم يعود لبنان الى مفاوضات الناقورة للبحث في كل النقاط .

 

وأفادت محطة “او تي في ” مساء أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا ستحمل خلال ساعات، ربما اليوم أو غدا إلى رئيس الجمهورية ميشال عون “الرد على الملاحظات والأساسيات التي أُسقِطت على المقترح السابق، حول ترسيم الحدود البحرية”.وأكدت أن “ما من معطيات حول ما سيتضمنه هذا الرد”، موضحةً أن “الأجواء إيجابية، ولبنان أخد كل الحقوق التي يريدها”. كاشفةً أن “الرد سيكون خطيًا”. بدورها، لفتت مصادر مطلعة على أجواء رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، إلى أنه لا يوجد معطيات حول ما سيتضمنه الرد.

 

ما بعد الجلسة

بالعودة الى ترددات مناخ الجلسة الانتخابية التي عقدت الخميس خرج مرشح تكتل النواب التغييريين سليم اده للمرة الأولى عن صمته امس واصدر بيانا لفت فيه كلامه عن “خيارجديد “وجاء فيه : “على ضوء نتائج الانتخابات التي جرت يوم امس وافضت الى قيام خيار جديد داخل المجتمع اللبناني، بناءً لرغبة لبنانية صرفة، اود أن أشكر نواب قوى التغيير على الثقة التي اولوني اياها، هذا وسأكون، كما كنت، في خدمة لبنان والانسان فيه، بعيداً عن الاعلام وعن أي سعيٍّ للمناصب”. وأضاف: “اتمنى للنواب التوفيق في انتخاب رئيسٍ ضمن المهل الدستورية، يجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة السيدّة والعادلة، ويلاقي طموحهم بالتجديد والاصلاح”.

وفي غضون ذلك برزت حركة لافتة لعدد من السفراء غداة الجلسة عكست جانبا من الاستنفار الديبلوماسي الضاغط على القوى اللبنانية من اجل إتمام الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية والحؤول دون حصول فراغ رئاسي .

 

وفي هذا السياق إلتقى رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية امس في دارته في بنشعي السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو وكان بحث في مجمل التطورات الاقليمية والدولية والمستجدات المحلية لا سيما المتعلق منها بالجلسة النيابية الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية .

كذلك التقى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، في كليمنصو، السفير المصري في لبنان ياسر علوي، في حضور عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور، حيث تمّ البحث في المستجدات السياسية والملف الرئاسي.

 

وبدوره لوحظ ان سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري استذكر ذكرى توقيع اتفاق الطائف وغرد عبر حسابه على “تويتر”: “ذكرى مرور 33 عاما على توقيع ‎إتفاق الطائف، الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي وضعت بين الأطراف المتنازعين في لبنان، في 30 سبتمبر 1989 في مدينة الطائف وأقر بتاريخ 22 أكتوبر 1989 منهيا الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعد أكثر من خمسة عشرة عاما على اندلاعها”.

 

 

ميقاتي وسعر الصرف

وغداة الجلسة في مجلس النواب، وفيما سيطر الجمود على الحركة السياسية ظل الملف الاقتصادي والمالي حاضرا بقوة في المشهد الداخلي . وفي هذا السياق رأس الرئيس ميقاتي اجتماعا في السرايا الحكومية ضم نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال يوسف الخليل، المدير العام لوزارة المال جورج معرّاوي، ومستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس وتم خلاله الاجتماع البحث في الاوضاع المالية والتحضيرات لاعداد موازنة العام 2023.

ولاحقا أعلن الرئيس ميقاتي أن “لبنان سيطبق سعر صرف رسمي جديداً يبلغ 15 ألف ليرة للدولار تدريجياً مع استثناءات أولية لتشمل رساميل (أصول) البنوك وسداد قروض الإسكان والقروض الشخصية التي ستستمر على السعر الرسمي القديم”. وسعى ميقاتي في مقابلة مع “رويترز” إلى إزالة اللبس الذي حدث الأربعاء عندما قالت وزارة المالية إن سعر 1507 سينتهي في الأول من تشرين الثاني، في إطار جهود الدولة لتوحيد العديد من أسعار الصرف التي ظهرت خلال أزمة مالية.

 

وقال ميقاتي إن “الفجوة بين سعر السوق البالغ 38 ألفاً ومعدلات أخرى يجب أن تغلق عاجلاً أو آجلاً. ويجب أن تتوازن الأمور، لا يمكن أن تبقى هذه الهوة الكبيرة بين ما يسمى سعر الصرف الرسمي وسعر صرف السوق. هذا الأمر سيطبق بطريقة تدريجية”. وأضاف: “تصريح وزير المال أظهر وكأن كل الأمور ستطبق في لحظة واحدة، لا ، سيكون في استثناءات وسيكون في أشياء تنفذ بمراحل معينة لكي تستطيع الأمور أن تنتظم، الغاية هو الانتظام. الانتظام لا يكون إلا عندما نوحد سعر الصرف وفقا لسعر السوق. هذا الأمر سنأخذه بعين الاعتبار، سيحتاج إلى وقت، نتمنى أن يحصل الانتظام بطريقة صحية وأن لا يتضرّر أحد ولا أن تبقى الناس مستفيدين على ظهر الدولة”. وأوضح أن سعر 15 ألف ليرة سينطبق مبدئياً على “الرسوم الجمركية وعلى البضائع المستوردة وعلى القيمة المضافة… أمّا الباقي فسيتم تدريجياً عبر تعاميم وقرارات تصدر عن حاكم مصرف لبنان تحدّد هذا الموضوع”. ومضى يقول: “لا شيء سيحصل فوراً وفجأة. مثلا اليوم يقولون القروض المأخوذة بالدولار تسدّد على أي سعر؟ عندنا الأشخاص الطبيعيين الذين أخذوا قروضاً لسكنهم أو أشيائهم الشخصية، هذه سيظل سعرها، ستعطى فترة زمنية تبقى تسدّد على 1507 ليرة”. وتابع: “من الآن إلى الأول من تشرين الثاني سيصدر تعاميم من حاكم مصرف لبنان وقرارات تحدّد حيثيات هذا القرار والاستثناءات المطلوبة”.