الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / فضل الله أيد الدعوة إلى تفعيل عمل مجلسي الوزراء والنواب: كفى تضييعا للوقت ومراهنة على الخارج

فضل الله أيد الدعوة إلى تفعيل عمل مجلسي الوزراء والنواب: كفى تضييعا للوقت ومراهنة على الخارج

مجلة وفاء wafaamagazine

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله أوصيكم أوصي نفسي بما أوصى به رسول الله(ص) أصحابه، عندما قال: “إذا كان يوم القيامة أنبت الله تعالى لطائفة من أمتي أجنحة فيطيرون من قبورِهم إلى الجِنانِ يسرحون فيها ويتنعمون فيها كيف شاؤوا، فتقول لهم الملائكة: هل رأيتم الحساب؟ فيقولون: ما رأينا حسابا، فتقول لهم: هل جزتم الصراط؟ فيقولون: ما رأينا صراطا، فتقول لهم: هل رأيتم جهنم؟ فيقولون: ما رأينا شيئا، فتقول الملائكة: من أمة من أنتم؟ فيقولون: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فتقول: ناشدناكم الله، حدثونا ما كانت أعمالكم في الدنيا؟ فيقولون: خصلتان كانتا فينا، فبلغنا هذه المنزلة بفضل رحمة الله، فقد كنا اذا خلونا نستحي أن نعصيه، ونرضى باليسير مما قسم لنا، فتقول الملائكة: يحق لكم هذا”.


إننا أحوج إلى أن نستهدي بهاتين الخصلتين لنحظى بما حظي به هؤلاء، لنكون بذلك أقدر على القيام بالمسؤوليات ومواجهة التحديات.

والبداية من مشهد السيول التي غمرت العديد من المناطق اللبنانية والتي هددت الناس في بيوتهم وعلى الطرق، وكادت أن تتسبب بفقدان الأرواح.

ومع الأسف فإنه رغم كل ما أدت إليه السيول لم يقم المعنيون بإجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة الأسباب ومعالجتها لتلافي أن يتكرر ما حصل في الأيام القادمة وفي مناطق أخرى، ليبقى الأمر وكما في كل مرة في إطار تبادل الاتهامات عمن يتحمل المسؤولية عما جرى، ما يجعلنا نخشى من تكرار هذه المأساة في هذه المنطقة أو غيرها من المناطق.

أضاف:” ونحن أمام ما جرى، ندعو إلى تحديد المسؤوليات وبعيدا من كل الاعتبارات التي غالبا ما تقف أمام تحديدها وعدم إبقائها ضائعة بين الوزارات والبلديات ومحاسبة المرتكبين.

في هذا الوقت، تستمر معاناة اللبنانيين على الصعيد الاجتماعي والمعيشي بفعل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي والذي تجاوز حدود الأربعين ألف ليرة، والمرشح للاستمرار في الارتفاع لعدم وجود ضوابط له في ظل التلاعب الذي يحصل من المصرف المركزي ومنصات المضاربين في السوق، وذلك للتداعيات التي يتسبب بها هذا الارتفاع أضعافا مضاعفة على صعيد أسعار السلع والمواد الغذائية والدواء والاستشفاء والمحروقات والنقل والخدمات في بلد مدولر ويعتمد في أغلب احتياجاته على الخارج، ما يهدد قدرة المواطنين على تأمين حاجاتهم الأساسية واستقرارهم”.

وتابع : “وبدلا من أن ترأف الدولة بمواطنيها، وتخفف الأعباء عنهم، فهي لا تزال تستمر بسياساتها بمد اليد إلى جيوب المواطنين لسد عجز الخزينة وتأمين احتياجاتها والذي جاء هذه المرة عبر البدء بتنفيذ قانون الدولار الجمركي رغم آثاره الكارثية على الأسعار المرتفعة أصلا ورغم التحذيرات، وكنا قد حذرنا من عدم البدء فيه، وإذا كان هناك من يتحدث أن ذلك لن يمس المواد الغذائية والحاجات الضرورية للمواطنين، فمن يضمن ألا ترتفع أسعارها في ظل عدم وجود رقابة جدية تمنع جشع التجار والمحتكرين الكبار وحتى صغارهم ومع عدم وضوح نوعية هذه السلع المستثناة لغاية الآن، ولم تقف الأعباء التي فرضتها الدولة عند هذا الحد بل تعدت ذلك إلى فرض الضرائب والرسوم العالية والتي وصلت إلى الرواتب التي يتقاضاها الموظفون من ذوي الدخل المحدود”.

واردف فضل الله :”إننا أمام هذا الواقع نردد ما قلناه سابقا، إن من حق الدولة أن تفرض الضرائب والرسوم لتأمين حاجاتها ومتطلباتها، وهو ما يحصل في كل دول العالم، لكن ذلك لا يحصل عندما لا تتوافر لدى اللبنانيين الإمكانات التي تجعلهم قادرين على دفعها، وإذا لم تقم الدولة بمسؤولياتها تجاههم، فالدولة عندما تأخذ الضرائب بيد عليها أن تعطي باليد الأخرى خدمات بمستوى ما تأخذ.

ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا لكل من هم في مواقع المسؤولية ممن كانوا وعدوا اللبنانيين بأن لا ضرائب في هذه الموازنة إلى العودة عن هذا القرار والتفتيش عن بدائل وطرق أخرى تؤمن تمويل الخزينة ومتطلبات القطاع العام، وهي موجودة، وإذا كان ذلك غير ممكن فبإيجاد ضوابط تخفف من تداعياتها على اللبنانيين ووقعها عليهم بحيث لا تمس بالأساسيات بل بالكماليات”.

وقال فضل الله :ونبقى على الصعيد السياسي، لنجدد دعوتنا للقوى السياسية إلى ضرورة فتح أبواب الحوار واسعة من أجل إخراج البلد من حالة المراوحة والاجتماعات بلا جدوى وتبادل اتهامات التعطيل على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية.

فقد أصبح واضحا، أن الطريق إلى ذلك بأيدي القوى السياسية مجتمعة، وهو لن يكون ببقاء كل فريق على مواقفه، فلا بد من أن يتنازل الجميع للوصول إلى خيار جامع، ولا يراهنن أحد على الخارج كما يراهن الآن، فالخارج إما غير مبال بما يجري في هذا البلد أو هو غارق في همومه، ولم يعد لبنان من أولوياته ولماذا يجعله من أولوياته ما دام من يحكمون هذا البلد لا يجعلونه من سلم أولوياتهم”.

أضاف : “كفى تضييعا للوقت وكفى مراهنة على الخارج، فالبلد لم يعد يحتمل المزيد…
وإلى أن يحصل ذلك، فإننا نقف مع الدعوة إلى تفعيل عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي للقيام بأعباء هذه المرحلة ومتطلباتها وتأمين احتياجات البلد الضرورية لتيسير أمور الدولة والمواطنين وسد احتياجاتهم، وإذا كان هناك من يرى ان ذلك يساهم في استمرار التعطيل من موقع رئاسة الجمهورية، فليعمل على تذليل العقبات التي تقف أمام حصوله، فالبلد لا يحتمل الفراغ لا سيما في هذه المرحلة، فالفراغ فيها قاتل.

ونبقى على صعيد تفشي جرائم القتل التي شهدنا بعضاً منها في الأسبوع الفائت وأدت إلى إزهاق أرواح بريئة، والتي نخشى أن يتفاقم هذا الواقع، فإننا في الوقت الذي ندعو إلى معالجة جادة للأسباب التي أدت إليها، فإننا نشدد على العقوبات الصارمة والقصاص العادل لمرتكبيها الذي يبقى هو الضمان لدرئها وعدم انتشارها {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

وختم فضل الله :أخيرا في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، فإننا نحيي في هذا اليوم هذا الشعب بشبابه ورجاله ونسائه وفتيانه وأطفاله، وهو من يثبت يوماً بعد يوم أنه جدير بالحياة ويحمل أمانة قضيته التي هي قضية العرب والمسلمين وكل الأحرار في العالم، ويقدم لأجلها أغلى التضحيات الجسام والتي لن يكون آخرها ما جرى في جنين في الضفة الغربية والقدس، وندعو العالم إلى أوسع تضامن مع هذا الشعب بكل الوسائل المتاحة لتعزيز صموده وثباته في الأرض واستعادة حقوقه المشروعة.