مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “البناء”
فيما أنهى نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف زيارته إلى الصين بنجاح معلناً عن شراكة استراتيجية وتعاون عسكري واقتصادي بين روسيا والصين، بعد لقاءاته بالقيادة الصينية وعلى رأسها الرئيس الصيني شي جين بينغ، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن افتتاح آبار غاز جديدة في سيبيريا مخصصة لضخ الغاز إلى الصين، قبل أن يترأس اجتماعاً عسكرياً نوعياً موسعاً خصص لتقييم الأوضاع الخاصة بالحرب في أوكرانيا، وانتقال المواجهة من يد الجيش الأوكراني الى قيادة الناتو كما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي كشف عن مشاركة 500 قمر صناعي غربي منها 70 قمراً مخصصاً للاستخبارات العسكرية في الحرب، وعن قرابة 100 مليار دولار أميركي أنفقت على السلاح من دول حلف الناتو، معلناً نهاية مراحل تموضع وجهوزية ربع مليون جندي روسي في جبهات القتال، ونقل أسلحة نوعية جديدة الى خطوط المواجهة، وتفعيل معادلات الردع النووي، بينما كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصل إلى واشنطن ويلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعلن عن حزمة مساعدات عسكرية بقرابة ملياري دولار إضافي مكلفاً وزير خارجيته أنتوني بلينكن بالإشراف على تحريك مليار دولار منها، وسط إشارات بالموافقة على تسليم أوكرانيا صواريخ باتريوت، التي اعتبرت موسكو دخولها الى أوكرانيا تصعيداً أميركياً يقارب إعلان حالة الحرب مهدّدة باستهدافها فور دخولها الأراضي الأوكرانية، ووفق مصادر عسكرية فإن زيارة زيلينسكي وحزمة المساعدات الأميركية الجديدة والكلام الروسي عن الجهوزية، تأتي على خلفية متغيرات نوعية كشفها الاعتراف الأوكراني عبر وزارة الدفاع ورئاسة الأركان عن انتقال زمام المبادرة في جبهات المواجهة البرية الى اليد الروسية بعدما توقفت النجاحات الأوكرانية البرية منذ ثلاثة شهور تقريباً. ومعيار هذا التحول جاء من الجبهة التي قال عنها زيلينسكي أنها الأخطر، وهي جبهة مدينة باخموت، التي تقدمت فيها القوات الروسية. وقالت المصادر العسكرية إنها تشهد حرب شوارع في وسطها.
لبنانياً، تحرك ملف العسكريين في زمن الفراغ الرئاسي والالتباسات الحكومية والشلل النيابي عن التشريع، في ظل رفض كتل كبرى لما يُعرف بـ تشريع الضرورة، والملف الساخن مكوّن من عناصر لا تحتمل التأخير وتحتاج قراراً من مجلس الوزراء، منها ترقيات الضباط، وتأجيل تسريح عدد من القادة، وفقاً لمقترح رفعه قائد الجيش العماد جوزف عون الى وزير الدفاع موريس سليم، وسط أزمة بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد رفض سليم توقيع صيغة مرسوم وصلته من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تخصّ صرف المساعدات الاجتماعية للعسكريين، وتسجيله اعتراضاً عليها، ما استدعى رداً من ميقاتي طلب فيه من سليم «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي أعدّها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الأسلاك العسكرية على اختلافها وتنوّعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها، ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً إلى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات». وفي ملف العسكريين ما يطال تمديد مهام عدد من القادة منهم الذين يبلغون سن التقاعد خلال عام 2023، وآخرهم قائد الجيش العماد جوزف عون مطلع العام 2024، وأولهم رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يبلغ سنّ التقاعد آخر العام، وكان اقتراح القانون الذي يمدّد ولاية الضباط القادة لسنتين قد تجمّد في مجلس النواب بسبب رفض كتل كبرى للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
مالياً، قفز الدولار الى سعر 46600 ليرة قبل أن يتراجع إلى 45500 بعد الظهر، ووفقاً لمصادر مالية تتابع سوق الصرف فإن تدفقات الليرات اللبنانية عبر شركات الوساطة لشراء الدولارات مستمرة والى تصاعد، وسط تأكيد المصرف المركزي على مواصلة العمل بالتعاميم التي تنظم الدفع عبر منصة صيرفة والتي يعتبرها عدد من الخبراء أحد أسباب ارتفاع سعر الصرف.
وخطف الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأضواء عن الملفات السياسية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أنه وضع على رصيف الانتظار الدولي والإقليمي وسط غياب أي معلومات مؤكدة عن اهتمام الدول المشاركة في قمة بغداد بالملف اللبناني أو أي لقاء وحديث جماعي أو ثنائي بإجراءات تسهل انتخاب رئيس الجمهورية، ما يعني وفق مصادر سياسية أن على لبنان التعايش والتأقلم مع شغور طويل في سدة الرئاسة الأولى والاستعداد لأوضاع اقتصادية واجتماعية وربما أمنية أكثر صعوبة مطلع العام المقبل.
وانشغل اللبنانيون بمتابعة ورصد تحليق الدولار المتدرّج الى معدلات قياسية لامست ظهر أمس الـ 47 ألف ليرة للدولار الواحد. وكانت التوقعات بأن يبلغ الخمسين ألف ليرة قبل أن يحلّ الليل لولا قرار مصرف لبنان بالتمديد للتعميمين 151 و161.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ»البناء» إلى أن لا سقف للدولار وبخاصة في ظل السياسات التي تتبعها الحكومة وحاكمية مصرف لبنان، فضلاً عن غياب أي توافق سياسي حول انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ما ينعكس سلباً على أسواق الصرف والاستهلاك.
وأوضح الخبراء أن هناك أسباباً عدة لهذا الارتفاع، أهمها التوتر السياسي في البلد، والطلب الكبير على الدولار من المصارف المحلية التي تعمل على زيادة مؤنتها 3 في المئة من العملة الصعبة، إضافة الى زيادة الطلب على الدولار من التجار والمستوردين، وطباعة مصرف لبنان المستمرة لكميات كبيرة من الليرة لشراء الدولار من السوق، علاوة على المشهد التصعيدي بين المودعين والمصارف.
واستغرب الخبراء عدم تأثير الدولارات الوافدة من الخارج مع المغتربين والسياح الذين بدأوا يتوافدون الى لبنان لقضاء فترة الأعياد، على سوق الصرف، متوقعين بأن تؤدي التدفقات الخارجية للدولار الى لجم سعر الصرف بنسبة معينة. وأوضحوا بأن لا إمكانية للمصرف المركزي بظل قيمة احتياطاته الحالية بتثبيت سعر صرف الدولار أو لجمه الى ما دون الـ 40.
ولفتت مصادر نيابية متابعة للملفات المالية لـ»البناء» الى أن «الطلب على الدولار أكثر من العرض، وهناك غياب للأدوات النقدية للتخفيف من الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية»، كاشفة أن «المصرف المركزي يعمد الى زيادة الطبع لتلبية إنفاق الحكومة لا سيما سلفة الكهرباء، إذ أنها أي الحكومة لم تحصل على إيرادات كافية، فقبل الأزمة كانت الكتلة النقدية بالليرة 9 آلاف مليار أما الآن فأصبحت 74 الف مليار ليرة»، مشيرة الى أن «الموازنة العامة لهذا العام تضمنت إيرادات وهمية لا يمكن تحقيقها، كما أن زيادة الضرائب بلا تعديل للشطور وقرارات وزير المال الأخيرة زادت من تحكم الاقتصاد غير المنظم ونسبة التضخم وسعر الصرف».
وأفادت مصادر إعلامية في هذا السياق، بأن «الإجراءات القانونية للطلب من مصرف لبنان فتح اعتماد لشراء مشتقات النفط من إحدى الشركات الثلاث التي ربحت مناقصة شراء الغاز اويل لزوم تشغيل مؤسسة كهرباء لبنان ستنتهي اليوم بعد مراسلات ولقاءات مستمرة بين المعنيين».
وسارع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الى اصدار قرار بتمديد العمل بالتعميم 161 حتى 31 كانون الثاني 2023، والتعميم 151 لغاية 30 حزيران 2023.
وبعد صدور قرار المركزي لوحظ البدء بانخفاض سعر الدولار في السوق الموازية، فبعدما وصل الى ارقام قياسية بتسجيل 46 الف ليرة، انخفض سعر الصرف مساء أمس الى حدود 45800 و45900 ليرة لبنانيّة.
وفي موازاة ذلك، ارتفع أمس سعر صفيحة البنزين بنَوعيه 95 و98 أوكتان 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
وفي ما لم تتخذ الحكومة أو رئيسها أو وزير المالية أي إجراء لضبط سعر الصرف، شهدت السراي الحكومي سلسلة اجتماعات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لمتابعة بعض الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي أوضح أن «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها. فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟.
وأطلق نقيب صيادلة لبنان، نداء الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي «لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة»، مشيراً من السراي بعد لقائه ميقاتي الى أن «الإنقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، وإعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، وإلا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
وفي خطوة ستزيد من وطأة الأزمة الحكومية والتوتر بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة، وتشكل اختباراً لقدرة اللجنة الوزارية – القضائية على التفاهم على آلية إدارة البلد والعمل الحكومي بظل الشغور الرئاسي، وقع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مرسوم مساعدات العسكريين وأحاله بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأكد انه لن يقبل «بالتمديد للواءين العرم واسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب».
في المقابل وجّهت رئاسة مجلس الوزراء كتاباً جوابياً إلى وزير الدفاع الوطني طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي إلى إعطاء الأسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل إليه سابقاً، كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.
وأكد مصدر مطلع في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن وزراء التيار لن يحضروا أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو اليها ميقاتي إلا في حالات استثنائية وطارئة، كاشفاً أن اللجنة الوزارية القضائية التي اجتمعت في السراي الحكومي لم تتوصل الى تفاهم بظل معارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال المراسيم الجوالة وتوقيع كل الوزراء وإصراره على توقيعه والوزير المعني ووزير المالية في إطار سعيه للاستفراد بالقرارات الحكومية ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وممارسة عمله بشكل عادي وكأن لا شغور رئاسياً. وحذّر المصدر من أن التيار بصدد استخدام كافة الخيارات المتاحة لوقف مسلسل الاعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية بالطرق القانونية بداية وصولاً الى وسائل أخرى سياسية وشعبية.
وأبدت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري في المقر المركزيّ برئاسة النائب جبران باسيل، رفضها التام «للاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن، وتدعو إلى التراجع عنه شكلاً ومضموناً وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء، والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تمّ الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف».
على صعيد آخر، اتهم القاضي في القضاء العدلي شادي قردوحي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بأنه قرّر «تصفيته معنوياً».
وتابع القاضي قردوحي «ما شادي قردوحي يلي عم يضرب هيبة القضاء… يلي عم يضربها هو من حرّض القضاة على الاعتكاف وعاملهم مظلّة حماية ومانع تشكيل عشرات القضاة الجدد وسمح لبعض الدول بالاطلاع على ملفات محاكم بكاملها وجعل القضاة يوقعون بالموافقة». وتابع «كل ذلك كرمال كرسي رئاسة الجمهورية». وقال قردوحي: «نيرون القضاء».
لبنانياً، تحرك ملف العسكريين في زمن الفراغ الرئاسي والالتباسات الحكومية والشلل النيابي عن التشريع، في ظل رفض كتل كبرى لما يُعرف بـ تشريع الضرورة، والملف الساخن مكوّن من عناصر لا تحتمل التأخير وتحتاج قراراً من مجلس الوزراء، منها ترقيات الضباط، وتأجيل تسريح عدد من القادة، وفقاً لمقترح رفعه قائد الجيش العماد جوزف عون الى وزير الدفاع موريس سليم، وسط أزمة بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد رفض سليم توقيع صيغة مرسوم وصلته من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تخصّ صرف المساعدات الاجتماعية للعسكريين، وتسجيله اعتراضاً عليها، ما استدعى رداً من ميقاتي طلب فيه من سليم «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي أعدّها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الأسلاك العسكرية على اختلافها وتنوّعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها، ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً إلى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات». وفي ملف العسكريين ما يطال تمديد مهام عدد من القادة منهم الذين يبلغون سن التقاعد خلال عام 2023، وآخرهم قائد الجيش العماد جوزف عون مطلع العام 2024، وأولهم رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يبلغ سنّ التقاعد آخر العام، وكان اقتراح القانون الذي يمدّد ولاية الضباط القادة لسنتين قد تجمّد في مجلس النواب بسبب رفض كتل كبرى للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
مالياً، قفز الدولار الى سعر 46600 ليرة قبل أن يتراجع إلى 45500 بعد الظهر، ووفقاً لمصادر مالية تتابع سوق الصرف فإن تدفقات الليرات اللبنانية عبر شركات الوساطة لشراء الدولارات مستمرة والى تصاعد، وسط تأكيد المصرف المركزي على مواصلة العمل بالتعاميم التي تنظم الدفع عبر منصة صيرفة والتي يعتبرها عدد من الخبراء أحد أسباب ارتفاع سعر الصرف.
وخطف الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأضواء عن الملفات السياسية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أنه وضع على رصيف الانتظار الدولي والإقليمي وسط غياب أي معلومات مؤكدة عن اهتمام الدول المشاركة في قمة بغداد بالملف اللبناني أو أي لقاء وحديث جماعي أو ثنائي بإجراءات تسهل انتخاب رئيس الجمهورية، ما يعني وفق مصادر سياسية أن على لبنان التعايش والتأقلم مع شغور طويل في سدة الرئاسة الأولى والاستعداد لأوضاع اقتصادية واجتماعية وربما أمنية أكثر صعوبة مطلع العام المقبل.
وانشغل اللبنانيون بمتابعة ورصد تحليق الدولار المتدرّج الى معدلات قياسية لامست ظهر أمس الـ 47 ألف ليرة للدولار الواحد. وكانت التوقعات بأن يبلغ الخمسين ألف ليرة قبل أن يحلّ الليل لولا قرار مصرف لبنان بالتمديد للتعميمين 151 و161.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ»البناء» إلى أن لا سقف للدولار وبخاصة في ظل السياسات التي تتبعها الحكومة وحاكمية مصرف لبنان، فضلاً عن غياب أي توافق سياسي حول انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ما ينعكس سلباً على أسواق الصرف والاستهلاك.
وأوضح الخبراء أن هناك أسباباً عدة لهذا الارتفاع، أهمها التوتر السياسي في البلد، والطلب الكبير على الدولار من المصارف المحلية التي تعمل على زيادة مؤنتها 3 في المئة من العملة الصعبة، إضافة الى زيادة الطلب على الدولار من التجار والمستوردين، وطباعة مصرف لبنان المستمرة لكميات كبيرة من الليرة لشراء الدولار من السوق، علاوة على المشهد التصعيدي بين المودعين والمصارف.
واستغرب الخبراء عدم تأثير الدولارات الوافدة من الخارج مع المغتربين والسياح الذين بدأوا يتوافدون الى لبنان لقضاء فترة الأعياد، على سوق الصرف، متوقعين بأن تؤدي التدفقات الخارجية للدولار الى لجم سعر الصرف بنسبة معينة. وأوضحوا بأن لا إمكانية للمصرف المركزي بظل قيمة احتياطاته الحالية بتثبيت سعر صرف الدولار أو لجمه الى ما دون الـ 40.
ولفتت مصادر نيابية متابعة للملفات المالية لـ»البناء» الى أن «الطلب على الدولار أكثر من العرض، وهناك غياب للأدوات النقدية للتخفيف من الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية»، كاشفة أن «المصرف المركزي يعمد الى زيادة الطبع لتلبية إنفاق الحكومة لا سيما سلفة الكهرباء، إذ أنها أي الحكومة لم تحصل على إيرادات كافية، فقبل الأزمة كانت الكتلة النقدية بالليرة 9 آلاف مليار أما الآن فأصبحت 74 الف مليار ليرة»، مشيرة الى أن «الموازنة العامة لهذا العام تضمنت إيرادات وهمية لا يمكن تحقيقها، كما أن زيادة الضرائب بلا تعديل للشطور وقرارات وزير المال الأخيرة زادت من تحكم الاقتصاد غير المنظم ونسبة التضخم وسعر الصرف».
وأفادت مصادر إعلامية في هذا السياق، بأن «الإجراءات القانونية للطلب من مصرف لبنان فتح اعتماد لشراء مشتقات النفط من إحدى الشركات الثلاث التي ربحت مناقصة شراء الغاز اويل لزوم تشغيل مؤسسة كهرباء لبنان ستنتهي اليوم بعد مراسلات ولقاءات مستمرة بين المعنيين».
وسارع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الى اصدار قرار بتمديد العمل بالتعميم 161 حتى 31 كانون الثاني 2023، والتعميم 151 لغاية 30 حزيران 2023.
وبعد صدور قرار المركزي لوحظ البدء بانخفاض سعر الدولار في السوق الموازية، فبعدما وصل الى ارقام قياسية بتسجيل 46 الف ليرة، انخفض سعر الصرف مساء أمس الى حدود 45800 و45900 ليرة لبنانيّة.
وفي موازاة ذلك، ارتفع أمس سعر صفيحة البنزين بنَوعيه 95 و98 أوكتان 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
وفي ما لم تتخذ الحكومة أو رئيسها أو وزير المالية أي إجراء لضبط سعر الصرف، شهدت السراي الحكومي سلسلة اجتماعات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لمتابعة بعض الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي أوضح أن «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها. فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟.
وأطلق نقيب صيادلة لبنان، نداء الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي «لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة»، مشيراً من السراي بعد لقائه ميقاتي الى أن «الإنقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، وإعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، وإلا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
وفي خطوة ستزيد من وطأة الأزمة الحكومية والتوتر بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة، وتشكل اختباراً لقدرة اللجنة الوزارية – القضائية على التفاهم على آلية إدارة البلد والعمل الحكومي بظل الشغور الرئاسي، وقع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مرسوم مساعدات العسكريين وأحاله بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأكد انه لن يقبل «بالتمديد للواءين العرم واسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب».
في المقابل وجّهت رئاسة مجلس الوزراء كتاباً جوابياً إلى وزير الدفاع الوطني طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي إلى إعطاء الأسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل إليه سابقاً، كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.
وأكد مصدر مطلع في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن وزراء التيار لن يحضروا أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو اليها ميقاتي إلا في حالات استثنائية وطارئة، كاشفاً أن اللجنة الوزارية القضائية التي اجتمعت في السراي الحكومي لم تتوصل الى تفاهم بظل معارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال المراسيم الجوالة وتوقيع كل الوزراء وإصراره على توقيعه والوزير المعني ووزير المالية في إطار سعيه للاستفراد بالقرارات الحكومية ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وممارسة عمله بشكل عادي وكأن لا شغور رئاسياً. وحذّر المصدر من أن التيار بصدد استخدام كافة الخيارات المتاحة لوقف مسلسل الاعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية بالطرق القانونية بداية وصولاً الى وسائل أخرى سياسية وشعبية.
وأبدت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري في المقر المركزيّ برئاسة النائب جبران باسيل، رفضها التام «للاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن، وتدعو إلى التراجع عنه شكلاً ومضموناً وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء، والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تمّ الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف».
على صعيد آخر، اتهم القاضي في القضاء العدلي شادي قردوحي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بأنه قرّر «تصفيته معنوياً».
وتابع القاضي قردوحي «ما شادي قردوحي يلي عم يضرب هيبة القضاء… يلي عم يضربها هو من حرّض القضاة على الاعتكاف وعاملهم مظلّة حماية ومانع تشكيل عشرات القضاة الجدد وسمح لبعض الدول بالاطلاع على ملفات محاكم بكاملها وجعل القضاة يوقعون بالموافقة». وتابع «كل ذلك كرمال كرسي رئاسة الجمهورية». وقال قردوحي: «نيرون القضاء».