الرئيسية / آخر الأخبار / الـ2023 ترث المصاعب والتعقيدات.. برّي: التوافق.. ثم التوافق

الـ2023 ترث المصاعب والتعقيدات.. برّي: التوافق.. ثم التوافق

مجلة وفاء wafaamagazine

اليوم السبت 31 كانون الأول 2022، تطوي السنة الحالية آخر صفحاتها، وتذهب الى مثواها الاخير لتنضَمّ إلى السنوات المريرة التي صاغت أزمة هي الأقسى والأسوأ في تاريخ لبنان، ورسمت على الخريطة وطناً مهدداً بكيانه وبقائه، وخلّفت وراءها شعباً بات الأكثر تعاسة وشقاء على وجه الكرة الارضية، وحاضره ومستقبله ومصيره في غابة المجهول.

 

إستعراض حصاد السنة الراحلة ليس متعباً على الاطلاق، ذلك أنها تلخّص بكونها «سنة سوداء»… فاقت سابقاتها مرارة وظلماً للبنانيين. سنة، سيّرت كلّ اللبنانيين على حدّ سكّينها، وخنقتهم في عتمتها، وأدخلت الوجع والجوع والفقر الى كلّ بيت، وأغرقتهم في وحول كائنات سياسية احترفت التسلّط والقهر والتخلي عن المسؤولية وانكار جريمتها المتمادية منذ بداية الازمة، بإبقاء هذا البلد وشعبه أسير أهوائها ونزواتها وحساباتها ورهاناتها وارتهاناتها وشهواتها للسلطة والتحكّم. حيث تحوّل البلد معها، بشهادة القريب والبعيد، الى بنك طافح بالمصائب والويلات لا شك في أنّه سيشكّل التحدّي الاكبر للسنة الجديدة.

 

على هذه الصورة تنتهي السنة الحالية، ومن هنا ستبدأ السنة الجديدة، من أفق مسدود سياسياً، ومشتعل فوق الخطورة مالياً واقتصادياً، ومهدد امنياً واجتماعياً ومعيشياً، واللبنانيون وهم يودّعون هذه السنة السوداء، متوسّلين الفرج والافلات من العقاب الذي يمارس بحقهم منذ سنوات، فإنّ خوفهم كبير جداً من أن يكون وداعهم لسنة سوداء وداعاً نهائياُ لوطن ودولة، خصوصاً انّ عقليات التسلّط وإرادة الفرقة والانقسام قد اعدمت كلّ سبل التشارُك في نزع صواعق الأزمة ومنع انفجاراتها، والتوافق على سلوك طريق الانفراج، الذي يشكل الملف الرئاسي اولى الخطوات المؤدية الى هذا الانفراج.

 

بري: طريق الحل

ثمة إجماع بأنه طالما انّ سبل الحل معدومة، فإن صندوق المصاعب والمصائب على اللبنانيين سيتوسّع اكثر فأكثر، وثمة إجماع ايضاً على ان مختلف اطراف الانقسام الداخلي قد اصطدمت بعجزها وفشلها في ابتداع حل توافقي يحسم الملف الرئاسي بما يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، فلا سبيل متاحاً سوى التشارك في صياغة هذا الحل، والّا فإن البلد ذاهب حتماً الى ما لا تحمد عقباه. وهذا الامر يحذّر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بتأكيده لـ»الجمهورية» على انه «آن الأوان لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه لبنان».

يؤكد بري انه لا بد من حراك جدي بداية السنة الجديدة لحسم الملف الرئاسي سريعاً، وقال: «أعود واكرر من جديد انّ الفراغ في رئاسة الجمهورية يتحمل بضعة اسابيع، وليس أشهراً، فحالة البلد بالويل، بل اقول انّه على النار، وهذا ما يفرض التوافق على انتخاب الرئيس واعادة إطلاق عجلة البلد».

على انه في موازاة رفض بعض الاطراف للحوار («التيار الوطني الحر»، و»القوات اللبنانية»)، فإنّ بري يؤكد انه لن يبادر الى الدعوة الى الحوار من جديد، «فقد حاولتُ ولم يستجيبوا، ففي هذه الحالة ما نفع الدعوة الى الحوار».

وحسم بري الطريق الى الحل وقال: من البداية قلتُ وما زلت أقول وأؤكّد انه لا مجال لانتخاب رئيس للجمهورية من دون التوافق، وبغير هذا التوافق ما بيمشي الحال، ولنكن واقعين، «2 زائد 2 ما يساووا 6»، ففي هذا المجلس النيابي لا توجد اكثرية واقلية، ولا توجد اكثرية تستطيع ان تميل الدفة كما تريد، كلّنا أقليات، ولذلك الحوار هو الاساس، والمطلوب بلا أي إبطاء ان تبادر جميع الاطراف الى ان تجلس مع بعضها البعض والعين على العين، وبنيّات صافية ومسؤولية صادقة، حتى بلوغ التوافق، واقول التوافق، ثم التوافق، ثم التوافق، وبناء على هذا التوافق ننزل الى المجلس النيابي وننتخب رئيس الجمهورية.

ورداً على سؤال عمّا يُحكى عن المشاورات التي يمكن ان تحصل لن تنحصر فقط بانتخاب رئيس الجمهورية بل بسلّة متكاملة، قال بري: الاساس هو انتخاب رئيس للجمهورية، امّا بالنسبة الى ما خَص الحديث عن السلّة، فلنعد قليلاً الى الوراء، فلقد سبق ودعوتُ إلى حوار في عين التينة، ويومها كان الحديث عن السلة، واما النتيجة فكانت اننا فشلنا ولم نتمكن من الاتفاق… وذهبنا الى الدوحة.

 

يسترضون… ثم يهاجمون!

الى ذلك، تعكس اجواء عين التينة استغرابا جدّيا لِما بَدا انّه هجوم متعمّد وغير مفهوم وغير مبرّر لا في الزمان ولا في المكان، من الرئيس السّابق ميشال عون على الرئيس نبيه بري. هذا الهجوم الافترائي على الرئيس بري استوجَب ردّاً مناسباً عليه. فلا نعرف ماذا يريدون، قبل فترة قصيرة جاؤوا الى عين التينة (زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل) للتشاور واسترضاء الرئيس بري وفتح صفحة جديدة،، ثم تراهم اليوم يهاجمون لماذا؟ لا نعرف؟!

على انّ مصادر سياسية لاحظت ان هجوم عون على بري يأتي استباقاً لتحرّك سيقوم به باسيل لطرح افكار مرتبطة بالملف الرئاسي، وقالت لـ»الجمهورية»: هذا الهجوم يعبّر عن واحد من خمسة امور؛ إمّا هو ناجِم عن جهل وقصور في قراءة الاحداث والتطورات السياسية، وامّا هو يعبّر عن حقيقة انهم لا يملكون شيئا ليطرحوه، وامّا هو ناجم عن ادراك مسبق بأن ما سيطرحونه ساقِط سلفاً امام الجبهة الواسعة من الخصوم، وامّا هو ذرّ للرماد في العيون لرفع تهمة الفشل عن عهد عون، وامّا هو ناجم عن حقد لا يستطيعون ان يخفوه… كل تلك الامور شبه مؤكّدة، انما اكثرها قرباً الى الواقع هو الحقد الدفين.

 

إجتماع باريس

وفي موازاة الكلام عن حركة مكثفة بداية السنة حول الملف الرئاسي، حيث يرجّح ان يستأنف الرئيس بري مسلسل الدعوات الى المجلس النيابي لعقد جلسات لانتخاب رئيس الجمهورية، ابلغت مصادر موثوقة الى «الجمهورية» قولها «انّ حراكا إقليميا دوليا مرتبطا بالملف الرئاسي قد ينطلق بزخم في الفترة المقبلة، وثمة جهود ما زالت تبذل حتى الان لعقد اجتماع في باريس برعاية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سعياً لتجنيب لبنان الدخول في فوضى واسعة، ولإيجاد تسوية سياسية كاملة تسهّل التواصل بين الفرقاء اللبنانيين وتؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن ثم إطلاق مسار الانقاذ السياسي الاقتصادي والمالي في البلد.

وبحسب المصادر فإنه لا شيء واضحاً حتى الآن، ولا سيما حجم ونوع المشاركة في هذا الاجتماع، وقالت: أيّاً كان شكل هذا الاجتماع إن حصل، او الاطراف الدولية والاقليمية التي ستشارك فيه، فإنه يبقى قاصراً عن تحقيق ايّ اختراق ما لم تكن هناك ارضية لبنانية جاهزة لسلوك منحى التوافق على رئيس للجمهورية. فشرط نجاح ايّ تحرك خارجي او اي مبادرة خارجية مهما كان شكلها، وايّاً كان مصدرها، هو التوافق الداخلي الذي يشكل المعبر الوحيد الى التسوية الرئاسية ويوفّر النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

 

يشار في هذا السياق الى ان الاجواء السابقة لاجتماع باريس مشوبة بالتشاؤم حيال عدم قدرة اي تحرّك خارجي على تحقيق اختراق مرتبط بالملف الرئاسي، ونقل عن اوساط سياسية قولها: «التواصل بين العواصم لا يعني انها متفقة على مقاربة واحدة تجاه لبنان، وبالتالي فإنّ الحل للأزمة اللبنانية لا يزال بعيدا، فضلاً عن ترويج بعض الجهات الخارجية لمرشحين معينين من خارج الطقم السياسي يبدو ان لا افق له، خصوصاً انّ اطرافاً اساسيين في لبنان ترفض هؤلاء المرشحين، وتمتلك قدرة تعطيل ايّ مسعى داخلي او خارجي في هذا الاتجاه.

في سياق فرنسي آخر، أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو أنه سيمضي ليلة رأس السنة مع قوة بلاده العاملة في قوات اليونيفيل جنوب لبنان. وأضاف في تغريدة عبر «تويتر» أنه سيزور أيضا مكان الانفجار في مرفأ بيروت حيث تعاونت عناصر الجيش الفرنسي مع عناصر الجيش اللبناني تعاوناً وثيقاً.

 

ميقاتي: سنظل نعمل

الى ذلك، وعشية التسليم والتسلّم بين السنة الحالية والسنة الجديدة، تمنى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي «أن تكون السنة الجديدة بداية خروج لبنان من الأزمة الخانقة التي يمر بها، وأن تتلاقى كل الارادات الطيبة لمعالجة الملفات الكثيرة ووضع البلد على سكة الحل».

وقال ميقاتي خلال استقباله موظفي رئاسة الحكومة لمناسبة نهاية العام: «لقد مر لبنان عبر تاريخه بصعوبات وظروف قاسية، ولكنه كان ينهض دائماً وينطلق من جديد. وهذه الانطلاقة ليست صعبة بتعاون كل الارادات وبوجود جنود مجهولين مثلكم يعملون بصمت رغم الاوضاع القاسية».

وأضاف: «لن نتخلى عن الأمل بنهوض لبنان وعودة الامور الى وضعها الطبيعي، وسنظل نقوم بواجباتنا ولن نتوقف عند العراقيل والمصاعب».

في سياق متصل، زادت العلاقة بين التيار الوطني الحر والرئيس ميقاتي سخونة وتوتيراً، ويُعبّر عن ذلك في النبرة القاسية التي يتبادلانها، حيث لفت بالأمس ما أورده موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، في اتهام التيار الوطني الحر بالاصرار على توتير الاجواء السياسية بسجالات عقيمة وتصعيد وصل الى حد اتهام رئيس الحكومة «بالتزوير واصدار مراسيم غير ميثاقية ولا دستورية ولا قانونية» في استدراج واضح لسجالات طائفية بغيضة باتت سِمة ملازمة لـ»التيار» الذي، «مِن فرط ما استردّ من حقوق للمسيحيين» حَملَهم إيّاها بحقائب الهجرة، فيما من بقي منهم في لبنان يعاني كسائر اللبنانيين من نار جهنم التي بشّرهم بها الرئيس سيّد «العهد القوي» الرئيس الاسبق ميشال عون.

وبحسب الموقع، فقد «بَدا واضحاً من نبرة «التيار» وبياناته انه يحاول مجدداً تعطيل العمل الحكومي نهائياً والتشكيك بما يصدر من قرارات للتغطية على فشل رئيس «التيار» النائب جبران باسيل في تسويق مبادرة أعلن انه ينوي إطلاقها، بعدما اكدت اللقاءات التي عقدها حتى الآن ان لا قبول ولا قناعة بطروحاته التي تهدف الى عرقلة انتخاب اي أحد سواه رئيساً للجمهورية. كما تندرج حملة «التيار» المتجددة في خانة الخطوات الاستباقية لتعطيل اي جلسة لمجلس الوزراء قد تفرضها الظروف والملفات الضاغطة والمُلحّة».

في المقابل، اضاف الموقع، وفي عودة متجددة لمشهدية «مسلسل «التيار» الكهربائي وسلف الخزينة»، اتهم وزير الطاقة وليد فياض وزارة المال بأنها لا تعطي القرار لمصرف لبنان بصرف الأموال لتوريد الفيول لتشغيل معامل إنتاج الطاقة في مؤسسة كهرباء لبنان، لِتردّ وزارة المال «بأنّ مبلغ السلفة المقدّر بـ62 مليون دولار لا يمكن صرفه إلاّ بمرسوم يوقّعه رئيس الحكومة والوزراء المختصون وهو ما ليس متوافراً. ناهيك عن ان مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً بإعادة اي سلفة يتم إقرارها كما يفرض قانون المحاسبة العمومية، لا بل حتى انها نأت بنفسها عن سدادها».

ونسب الموقع الى «مصدر معني» تعليقه على ذلك بالقول «إزاء الفشل المتجدد لوزراء «التيار» في معالجة ملف الكهرباء رغم إمساكهم عبر خمسة وزراء بحقيبة الطاقة منذ اكثر من ١٤ سنة، لا تستغربوا ان يطلّ «الملهم الروحي» للكهرباء مجدداً ليبكي وينعي ويقول للبنانيين «ما خَلّونا».

 

قائد الجيش

من جهة ثانية، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال افتتاح طريق جرود بريتال – بعلبك الذي يصل بين عدد من مراكز فوج الحدود البرية الرابع، أنّ الجيش صامد ومتماسك وقادر على الاستمرار خلافاً لكل الشائعات التي تطاله ومنها أعداد الفارّين، مشيراً إلى أنّ هناك آلافاً من الشباب الذين تقدموا بطلبات تطويع للانخراط في صفوف المؤسسة العسكرية.

وشدد العماد عون على أنّ القيادة تتابع أوضاع العناصر عن كثب من خلال رؤسائهم التراتبيين، وتسعى بأقصى جهودها إلى تخفيف وطأة الأزمة عنهم عبر تعزيز الطبابة العسكرية وتأمين مساعدات مختلفة، لافتاً إلى أن لبنان سيبقى بوجود الجيش وأنه لا بد من التحلّي بالصبر حتى انجلاء الأزمة.

وقال العماد عون: «الدفاع عن وطننا شرف لنا، وهو دفاع عن العِرض والهوية. نحن نكبر بكم ولبنان يكبر بكم أيضاً. لقد نلتم محبة اللبنانيين وثقتهم كما ثقة المجتمع الدولي، وهي عامل أساسي في استمرارنا عن طريق المساعدات المقدمة من قبل اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، والدول الصديقة».

كذلك تفقّد العماد عون قيادة فوج الحدود البرية الرابع في بعلبك واطّلع على المهمات العملانية التي ينفذها والتحديات التي يواجهها في سياق مراقبة الحدود وضبطها. وإذ أثنى على جهود ضبّاط الفوج، اعتبر أنهم ورفاقهم في بقية الوحدات أصحاب مبادرة وإرادة صلبة وإيمان قوي، ودعاهم إلى التمسّك بإيمانهم ببلدهم لأنهم جميعاً أبناء مدرسة الصبر والإرادة والإيمان.

 

 

 

الجمهورية