الرئيسية / آخر الأخبار / المرتضى في ملتقى “سكن” حول الاسرة: المجتمعات لا تسقط إلا بفعل انحلالها الاجتماعي وتفشي الدعوات المتحلِّلةِ من الخُلُقيات فيصيرُ سقوطُها انهيارًا داخليًّا قبل أي عملٍ عدوانيٍّ خارجي

المرتضى في ملتقى “سكن” حول الاسرة: المجتمعات لا تسقط إلا بفعل انحلالها الاجتماعي وتفشي الدعوات المتحلِّلةِ من الخُلُقيات فيصيرُ سقوطُها انهيارًا داخليًّا قبل أي عملٍ عدوانيٍّ خارجي

مجلة وفاء wafaamagazine

اعتبر وزير الثقافة القاضي في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى أن “الأسرة التي هي أقدم خلية اجتماعية عرفتها البشرية، ما زالت صامدة إلى اليوم، بل ما زالت الحاجة إليها ملحة لبقاء المجتمع سليما من الآفات والأمراض الهدامة. ذلك أن أي أمة سادت الأرض أو بعضها في زمان ما على مر العصور، لم تسقط إلا بفعل انحلالها الاجتماعي، وتفشي الدعوات المتحللة من الخلقيات التي نشأت عليها، فيصير سقوطها انهيارا داخليا قبل أي عمل عدواني خارجي”، وقال: “لقد قاومنا وانتصرنا في ساحات الجهاد، وسوف نقاوم وننتصر في ساحات حماية القيم والاسرة والمحبة العائلية”.

كلام المرتضى جاء خلال اطلاقه فعالية ملتقى:”سكن لمجتمع بمحورية الأسرة” في مجمع المجتبى” في محلة السانت تريز، في حضور عدد من النواب والفاعليات السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية والتربوية.

وقال المرتضى: “كان ينبغي لعنوان هذا اللقاء، أن يحملني على العودة المباشرة إلى القانون الوضعي، بعد أن طوف المتحدثون الذين سبقوني في فضاء الدين والمعتقد والفقه والفضائل، مبينين القيمة الإيمانية للأسرة ووجوب صيانتها في ظل تعاليم الإسلام. لكنني أود قبلا أن أؤكد على أن الأمر هو نفسه في سائر الديانات السماوية الأخرى، حتى لتذهب المسيحية مثلا إلى اعتبار العائلة كنيسة صغيرة، بمعنى المحبة والتضخية والعيش الروحي الذي يجب أن يسود بين أفرادها.والحقيقة أن القوانين الوضعية في جميع الدول، وبخاصة قوانين العقوبات، ليست سوى انعكاس للمفاهيم القيمية في مجتمعاتها. ولأن القيم العربية التي نحملها ونعيش في هديها مستقاةٌ بمعظمها من الدين، فقد فرضت المعادلة الآتية نفسها على المشرعين اللبنانيين والعرب: ما تحرمه الأديان عادة ما تجرمه القوانين ما خلا استثناءات قليلة ليس هنا مقام الخوض في تفصيلها”.

واضاف: “فإذا عدنا إلى قانون العقوبات اللبناني وجدناه قد أفرد فصلا كاملا من عشرين مادة عنوانه: “في الجرائم التي تمس العيلة” استعاد فيها كلها على وجه التقريب الأوامر والنواهي الدينية والأخلاقية التي فرضتها التقاليد والآداب على مر العصور.
كان لا بد لي من هذا الباب مدخلا إلى كلمتي في ملتقاكم العائلي، من أجل التأكيد على أن ما ترمون إليه فيه، إنما يصب أيضا في خدمة تحصين المصلحة القانونية اللبنانية، وحماية الانتظام العام. فإذا توغلنا أكثر في الناحية الاجتماعية من المسألة وجدنا أن الأسرة التي هي أقدم خلية اجتماعية عرفتها البشرية، ما زالت صامدة إلى اليوم، بل ما زالت الحاجة إليها ملحة لبقاء المجتمع سليما من الآفات والأمراض الهدامة. ذلك أن أي أمة سادت الأرض أو بعضها في زمان ما على مر العصور، لم تسقط إلا بفعل انحلالها الاجتماعي، وتفشي الدعوات المتحللة من الخلقيات التي نشأت عليها، فيصير سقوطها انهيارا داخليا قبل أي عمل عدواني خارجي”.

وتابع: “ومن يتأمل ما يجري له الترويج في بلادنا من مقولات مخالفة لتراثنا الديني والأخلاقي والقانوني، تحت ستار التطور والحرية، يكتشف بسرعة أن المسألة تتعدى هذين الشعارين، وأنها خطة منظمة لضرب الأسس التي تقوم عليه إنسانيتنا. فإن جميع أولئك الداعين إلى التطور والحرية، يتخلون عنهما ويزيحون القناع عن وجوههم الحقيقية إذا قلنا لهم مثلا إن الحرية حقٌ لأبناء فلسطين، أو إن التطور التكنولوجي السلمي حقٌ لجميع شعوب الأرض، عند ذاك لا يبقى لهاتين القيمتين مجال في خطابهم، ويصبح القمع والتهديد والعقوبات لسان حالهم الوحيد”.

وختم: “من هذه المنطلقات جميعها يصبح ملتقاكم حركة حماية لمستقبل الأرض كلها وللشعوب جمعاء. فالأسرة ليست خاصية دينية فقط، تنتمي إلى هذا الدين أو ذاك، بل هي العلامة الفارقة لوجود الحضارة البشرية، ذلك أنها التعبير الأكمل عن التضامن والتعارف والوحدة من ضمن التنوع، والتلاقي من أجل البناء. وما انحلال هذه القيم في أي مجتمع إلا بابٌ للسيطرة عليه وترويضه والاستيلاء على خيراته. لقد قاومنا وانتصرنا في ساحات الجهاد، وسوف نقاوم وننتصر في ساحات حماية القيم والاسرة والمحبة العائلية”.

رئيسة “مركز سكن”
بدورها القت رئيسة “مركز سكن” اميرة برغل كلمة قالت فيها: “ان الملتقى هو دعوة للتضامن لبذل الجهد الفكري والعملي من أجل بلورة نظرية مجتمع بمحورية الأسرة، هي دعوة موجهة إلى كل من يؤمن بأهمية قيام المجتمع على محورية مؤسسة الأسرة في مقابل ما يروج له الغرب من الدعوة لقيام المجتمع على محورية الفرد والدولة، هذه الدعوة التي بدأت بتزهيد الشباب والشابات بدور الزوجية والوالدية، وانتهت الى ما نراه اليوم من التنكر النهائي للمؤسسة الطبيعية للزواج. إن هذا الواقع دعانا للعمل الجدي من أجل الحفاظ على هذه المؤسسة النواة وقد بدأنا عملنا بجهد متواصل مع مجموعة من الأخوة والأخوات المهتمين بالشأن الثقافي والأسري ووفقنا الله لكتابة رؤية تحت عنوان “أهمية الأسرة وكيفية حفظ ديمومتها والسكينة بين أفرادها”.

وتابعت: “ان ما أنجزناه سابقا طال أفكارا كلية، رأينا أنها غير كافية لمواجهة التحديات التي تعصف بمؤسسة الأسرة، مع لحاظ التبدلات والتحولات الفكرية والاقتصادية التي طرأت على مجتمعاتنا، لذا وجدنا، من الضرورة بمكان أن يبلور المؤمنون بضرورة حفظ هذه المؤسسة، نظرية متكاملة حول كيفية إقامة مجتمع بمحورية الأسرة إذ لا يكفي الحماس لأية فكرة مهما كانت صائبة ومنطقية حتى تتحقق بل لا بد من تهيئة الظروف العملانية المساعدة على تحققها، وبتعبير آخر: قيام المجتمع على محورية الأسرة له مستلزمات وهو ما دعانا للتخطيط لهذا الملتقى الذي هو دعوة لجميع المؤمنين بأهمية الأسرة، من الباحثين والمفكرين والقانونيين والتربويين والإعلاميين وعلماء الدين وغيرهم، لكي يقدموا بحوثا وطروحات فكرية تجيب على أسئلة من قبيل:

  • ما هي المنظومة القيمية التي يجب أن تسود في المجتمع حتى نحافظ فيه على مؤسسة الأسرة؟
  • ما هي المناهج التربوية التي يجب أن يتنشأ عليها التلامذة في المدارس حتى يكونوا أفرادا صالحين في أسرهم الحالية وقادرين، في المستقبل، على تأسبس أسرة ناجحة لها استقرار وديمومة؟
  • ما هي الضوابط والقيم التي يجب أن تتقيد بها البرامج الاعلامية، حتى يتوفر في المجتمع المناخ الداعم للاستقرار والترابط الأسري؟
  • ما هي القوانين والتشريعات التي يجب استنانها من أجل حفظ ديمومة الأسرة وسكينتها؟
  • ما هي المؤسسات الداعمة التي يجب أن تتوفر لتقديم ما يلزم من خدمات مادية واستشارية وتوجيهية تساعد على ديمومة الأسرة وسكينتها؟
  • كيف يمكننا تذليل العقبات المادية أمام المقبلين على الزواج؟
  • كيف يمكننا إعداد المقبلين على الزواج للنجاح في مهامهم الزوجية والوالدية مع ما تغير على صعيد العلاقات والأدوار ، بين الرجال والنساء،داخل الأسرة وخارجها؟
  • وأخيرا وليس آخرا، كيف يمكننا ضمان تدخل عادل لفض النزاعات بين الزوجين بأقل خسائر ممكنة، خاصة على الأولاد؟”.

وختمت: “إن العمل البحثي وإن كان غير كافيا لحل الإشكاليات المطروحة، ولكنه دوما يشكل نقطة البداية للتغيير، وهذا ما رغبنا في الإسهام فيه من خلال ملتقى “سكن لمجتمع بمحورية الأسرة”.

باقر
بدوره القى المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد كميل باقر كلمة ذكر فيها اخطر عشر ارتکبتها هذه الحضارة الغربية بحق الأسرة وهي :

  • ترجيل المرأة باسم المساواة
  • تشييء المرأة وجعلها سلعة
  • ترويج المثلية
  • الفردانية الشخصية
  • الرأسمالية الذكورية
  • محورية المال دون المحبة
  • محورية القانون من دون الأخلاق
  • فصل العلم عن الدين والروحانية
  • الليبرالية الجنسية والفساد
  • اختلاق البدائل المزيفة لرفع الحاجات العاطفية”.

جرادي
كما تضمن اطلاق الملتقى كلمة لمدير معهد المعارف الحكمية الشيخ شفيق جرادي دعا فيها الى “تكثيف الجهود من اجل بناء ثقافة مجتمعية تواجه حالة الفوضى السائدة وثقافة التفاهة” التي اعتبرها “فخا مستديما في واقعنا بعد ان فرضت نفسها بفضل سيطرة قوى سياسية واقتصادية واعلامية”.

وتحدث عن “ضرورة ان تتم مراعاة العوامل الاخلاقية خلال اي مواجهة ثقافية اضافة الى ضرورة الاستفادة من تجارب مجتمعاتنا المضيئة اجتماعيا واسريا وتحويل عوامل القوة في تجاربنا الى ثقافة مستديمة، وان لا ننهار امام النقد تافه وان لا نتحول الى مستهلكين على المستوى الفكري وان نعمل من اجل تقديم بدائل منسجمة مع قيمنا ثقافيا واجتماعيا واسريا”.

الصدر
بدورها اشارت رئيسة “مؤسسات الصدر” السيدة رباب الصدر، الى انه في زمن العولمة المربك والمرتبك تتوالى البيانات والمؤتمرات حول المرأة دون ان نشهد تغييرا في واقعها واضافت انه بالمنظور الاسلامي لا اساس للاسرة دون المرأة والام”.

واعتبرت ان “المفاهيم المتراكمة انتجت ما يشبه الممانعة لتحقيق العدالة بين الجنسين، وان عدم استعادة المرأة للمبادرة هو عامل اساسي في عدم وصول الاوطان والمجتمعات الى الاستقرار”.

ودعت رجال الدين الى “العودة الى الناس والاقتراب منهم وعدم اهمال القضايا المجتمعية الجوهرية”.