الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / “خماسية” باريس: “تأكيد المؤكّد” دولياً وعربياً… وطهران بالمرصاد!

“خماسية” باريس: “تأكيد المؤكّد” دولياً وعربياً… وطهران بالمرصاد!

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “نداء الوطن”

على سلّم الانهيار يواصل لبنان تدحرجه المتسارع إلى الدرك الأسفل بمختلف مؤشراته الحيوية ليبلغ في جديد تصنيفاته المرتبة الثالثة عالمياً والأولى عربياً على قائمة الدول الأكثر تضرراً من تضخم أسعار الغذاء بعد زيمبابوي وفنزويلا، وتحت سقف الدولة المنهار على رأس اللبنانيين يبدأ اليوم التسعير بالدولار في السوبرماركات بموازاة التئام مجلس الوزراء صباحاً لمواصلة سياسة “الترقيع” وتوسيع فجوة التضخم من خلال إقرار جملة اعتمادات مليارية بالليرة ومليونية بالدولار، تقطيعاً للوقت وقطعاً للطريق أمام تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة عربياً ودولياً، بانتظار استنفاد ما تبقى من أرصدة المودعين وتذويب المزيد والمزيد من ديون الدولة والمصارف.

وعلى نية التبصّر بمآل لبنان ومصير أبنائه تحت حكم المنظومة الفاسدة الفاشلة، ينعقد اجتماع باريس الخماسي التشاوري اليوم بين ممثلين عن فرنسا وأميركا والسعودية ومصر وقطر، بغية “تأكيد المؤكد” دولياً وعربياً حيال ملفي الإصلاح والاستحقاقات الدستورية في سبيل استنهاض البلد من أزمته، وفق تعبير مصدر ديبلوماسي لـ”نداء الوطن”، موضحاً أنّ خلاصات الاجتماع لن تخرج عما جرى التأكيد عليه سابقاً في مقاربة الملف اللبناني، سواءً في المبادرة الكويتية أو في اجتماع نيويورك الثلاثي (الأميركي – الفرنسي – السعودي) أو في قمة جدة الأخيرة.

ونقل الديبلوماسي نفسه أنّ مقاربة “خماسية باريس” ستعكس بطبيعة الحال لهجة حادة في التصويب على “السلوك المشين للقيادات اللبنانية الممسكة بالسلطة نتيجة ما آلت اليه الاوضاع على كل المستويات الاقتصادية والمعيشية والمالية والخدماتية، في ظل الفشل التام في قيادة الدولة وانهيار المؤسسات العامة والتلكؤ الفاضح في انجاز الإصلاحات واحترام الواجبات التي ينصّ عليها الدستور عند أوان كل استحقاق”. وأكد على أنّ هذه المقاربة ستعيد الإضاءة على “السبل الكفيلة باستنهاض المؤسسات الدستورية ودفعها لمعالجة الأزمة السياسية بلا إبطاء، وفي دفع القطاعين العام والخاص الى التكامل في عملية البحث عن حلول جذرية تعالج الازمة اللبنانية ببعدها الاقتصادي والمالي والنقدي، لتمكين الدول المهتمة بلبنان من التدخل لمساعدته في الخروج من أزمته”، غير أنه شدد بصريح العبارة في الوقت عينه على أنّ “الأهم يبقى عودة لبنان إلى الحضن العربي، لجهة الالتزام بالتضامن والاجماع العربيين حول القضايا المطروحة، وتوحيد السياسة الخارجية اللبنانية وفق الثوابت العربية والتزامات لبنان الدولية، والخروج من تحت عباءة نزاع المحاور الذي تقوده إيران في المنطقة العربية”.

وفي السياق نفسه، وضع مصدر سياسي مخضرم اجتماع باريس في مهبّ “الرياح الإيرانية” معرباً عن ثقته بأنّ طهران ستكون بالمرصاد لنتائجه “الرئاسية وغير الرئاسية”، تأكيداً لسطوتها على “الورقة اللبنانية” وعلى أنّ أي حل لبناني سيكون محكوماً بالفشل حكماً “ما لم يمرّ عبر قنوات التواصل والتفاهم مع إيران”، متوقعاً في هذا المجال أن تتولى هذه المهمة قطر “في مرحلة معينة” لضمان إنجاح أي تفاهم لبناني – لبناني على الحل تحت سقف التفاهمات الخارجية.

ومن هذا المنظار، استرعى الانتباه أمس استهداف “حزب الله” اجتماع باريس عشية انعقاده من دون تسميته بالاسم عبر التشديد على رفض أي “إملاءات خارجية لا رئاسية ولا غيرها” على لسان عضو المجلس المركزي في “الحزب” نبيل قاووق، وأضاف: “معادلة صيف العام 1982 التي انتجت رئيساً ورئيسين قد تغيّرت، والمعادلة اليوم لا تسمح بإملاء وفرض رئيس للجمهورية من دول إقليمية أو دولية”، مع التصويب بشكل مباشر على الدول العربية باعتبارها تمثل “العروبة المزيفة” قائلاً: “عروبتنا هي عروبة أصيلة، أما عروبة التطبيع فلا تشرفنا ولن يأتي اليوم الذي يكون فيه لبنان جزءاً من هذه العروبة المزيفة”.

أما على مستوى الموقف الكنسي عقب تفويض القيادات الروحية للطوائف المسيحية بكركي المبادرة لمحاولة جمع الشمل النيابي المسيحي على حل توافقي لإنهاء الشغور الرئاسي، فجدد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد أمس التنديد بـ”سوء أداء السياسيين الممعنين في خيانة الشعب الذي ائتمنهم على مؤسسات الدولة لكي يحكموا له بالحق والعدل”، وخصّ بالتحديد “نواب الأمة” الذين يدينون “بالطاعة العمياء لمرجعياتهم ويحجمون عن انتخاب رئيس للجمهورية، ويؤثرون الإنهيار المتفاقم في المؤسسات الدستورية والعامة وقهر الشعب”، وسأل: “أليست هذه خيانة عظمى؟ بل جرماً عظيماً بحق الشعب اللبناني والدولة؟ وما القول عن القضاء، هذا العمود الفقري للدولة الذي يهدم أمام أعيننا من أهل السياسة بتدخلهم وضغوطهم، ومن أهل القضاء أنفسهم المنصاعين لهم؟ هذه كلها نتيجة غياب رأس للدولة”.

وفي مستجدات التناحر القضائي، تتجه الأنظار اليوم إلى “قصر العدل” ترقباً لمجريات جلسات الاستدعاء الأولى التي سطّرها المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار قبل أن يشن عليه النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات هجمة مضادة أجهض من خلالها عمليات تبليغ المدعى عليهم عبر منعه الإجهزة الأمنية من تنفيذ قرارات القاضي البيطار بدعوى أنه “مكفوف اليد”.

وبناءً عليه، سيحتمي المدعى عليهم الذين جرى استدعاؤهم إلى جلسات الاستماع أمام المحقق العدلي خلف قرارات عويدات وشكاوى نقل الملف للتمنّع عن المثول أمام القاضي البيطار، في حين تؤكد المعلومات أنّ الأخير عازم على استكمال مهامه باعتبار أنّ استدعاءاته لا تزال قائمة “لصقاً”، على أن يبني على الأمر مقتضاه القانوني والقضائي في حال عدم حضور المدعى عليهم بموجب هذه الاستدعاءات التي كان قد حدّد تواريخها مسبقاً بدءاً من اليوم، موعد استجواب كل من الوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر.