الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / الراعي يسأل المسؤولين : أية تربية توفرون لشبابكم؟ أي ولاء للوطن تربون فيهم؟

الراعي يسأل المسؤولين : أية تربية توفرون لشبابكم؟ أي ولاء للوطن تربون فيهم؟

مجلة وفاء wafaamagazine

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وحنا رحمة، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر، رئيس مزار سيدة لبنان الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف الحلو، السفير جورج خوري، اتحاد المدارس الكاثوليكية واتحاد رابطات قدامى المدارس الكاثوليكية، رئيس بلدية العقيبة جوزف الدكاش، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: “الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله به”، قال فيها: “هذا الكلام قاله ربنا يسوع عندما قام يهوذا الإسخريوطي عن عشاء الفصح الأخير، وخرج لكي يسلم يسوع بين أيدي اليهود ليصلب ويموت. سمى يسوع ساعة صلبه “تمجيده” لأنه بموته إفتدى خطايا البشرية جمعاء، وانتصر على الخطيئة والموت، من أجل حياة كل إنسان. وسمى ساعة صلبه “تمجيد الآب”، لأن إرادته الخلاصية تمت بموت الإبن فدى عن كل إنسان. فتم بذلك حب الآب الأعظم، وقد جاد بابنه لكي لا يهلك أحد من الذين هم في العالم. وكذلك حب الإبن، يسوع المسيح، الذي قال: “ما من حب أعظم من الذي يبذل نفسه عن أحبائه” (يو 15: 13). في هذا الجو من الحب الأعظم، ترك لنا يسوع وصيته الأخيرة: “إني أعطيكم وصية جديدة: أن تحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم” (يو 13: 34). نصلي اليوم لندرك أننا بالمحبة نمجد الله ونتمجد. وليس من مجد حقيقي يبلغه أي إنسان إلا بالمحبة. أدركت القديسة تريز الطفل يسوع هذه الحقيقة، فقالت: “لقد وجدت دعوتي في الكنيسة، وهي أن أكون المحبة!”.

وتابع: “يسعدني أن أرحب بكم جميعا لنحتفل معا بهذه الإفخارستيا التي هي “سر المحبة”، فنصلي فيها من أجل المدارس الكاثوليكية في يومها العالمي ذاكرين القيمين عليها وأساتذتها وطلابها وأهلهم والقدامى. ونوجه تحية خاصة إلى السيدة باتريسيا وهبه زوجة الدكتور الياس صفير فيما نصلي لراحة نفوس أعزائها المرحومين ريان وهبه ووهبه وهبه وأنطوانيت رزق وفيليكس وهبه، ونحيي عائلة المرحوم جوزف بشارة صفير الذي ودعناه الأحد الماضي مع زوجته السيدة تقلا شاهين، وابنيه وبناته وأنسبائه، فنصلي لراحة نفسه وعزاء أسرته. نحتفل هذا الأحد باليوم العالمي للمدارس الكاثوليكية، وموضوعه: “لنبن معا التربية محليا وانفتاحا على العالم”.وقد دعا إليه عزيزنا الأب يوسف نصر المخلصي، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، باسم “اتحاد رابطات قدامى المدارس الكاثوليكية في لبنان”، المعترف به من وزارة الداخلية، وهو عضو في “المنظمة العالمية لقدامى التعليم الكاثوليكي”. إن “اليوم العالمي للمدارس الكاثوليكية” محدد أصلا في يوم خميس الصعود. لكن “الإتحاد” جعله في الأحد الثاني من الشهر المريمي، على أن يتم الإحتفال به في كنيسة الكرسي البطريركي مع السيد البطريرك. فيسعدنا أن نرحب بأعضاء هذا “الإتحاد” وبالأمين العام للمدارس الكاثوليكية وهيئاتها، وباللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية بشخص رئيسها سيادة أخينا المطران حنا رحمة، وإدارات هذه المدارس وهيئاتها التعليمية والتلامذة وأهاليهم والقدامى. فنهنئهم جميعا بهذا العيد. وأود في المناسبة الإعراب عن التقدير للأهداف التي يعمل “اتحاد الرابطات من أجل تحقيقها. وهي: دعم المدرسة الكاثوليكية، توحيد جهود قدامى هذه المدارس وخلق صلة دائمة ومستمرة مع خريجيها، العمل على تعزيز الشخصية الكيانية للاتحاد والسهر على الشؤون الثقافية والتربوية والإجتماعية، مساعدة الطلاب المتفوقين والمحتاجين، التعاون مع اتحادات خريجي سائر المدارس في لبنان، ومع الإتحادات الدولية، واتحادات بقية البلدان المنضمة إليها، وأخيرا الإشتراك في اللقاءات الدولية في لبنان والخارج”.

أضاف: “يطيب لي أن أحيي بالتقدير والشكر المدارس الكاثوليكية، وأدعوها لتواصل أكثر فأكثر وبالشكل الأفضل رسالتها وهي، على ما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي: “رجاء جديد للبنان”: “متابعة أعمالها في خدمة الشباب، المحتاجين إلى الحصول على الأسس الثقافية والروحية والخلقية التي تجعل منهم مسيحيين ناشطين، وشهودا للإنجيل، ومواطنين مسؤولين في وطنهم” (الفقرة 106). من هنا تظهر رسالة المدرسة الكاثوليكية وقيمتها وأهميتها. فلا غنى عنها من أجل تكوين إنسان لا شيء يعوق نموه البشري والروحي، وبه يتمجد الله، على ما يقول القديس إيريناوس “مجد الله هو الإنسان الحي” (راجع رجاء جديد للبنان، 100). إن رسالة المدرسة الكاثوليكية بشأن هذا “الإنسان الحي” لا تنحصر ضمن جدرانها، بل تبدأ وتستمر في العائلة، والمجتمع البشري، وعلى الأخص في الدولة بمسؤوليها السياسيين. فنتساءل أين هي الممارسة السياسية عندنا في لبنان من رسالتها؟ أين هي السياسة عندنا من احترام الشخص البشري بحد ذاته وفي حقوقه الأساسية وحرياته الطبيعية؟ أين هي من إنماء المواطن إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا، ومن توفير ما يحتاج إليه من غذاء وكسوة ودواء، وعمل يؤمن له حياة كريمة؟ وأين هي هذه الممارسة السياسية من توفير السلام والعدالة والإستقرار الأمني؟ (راجع شرعة العمل السياسي، ص 7)”.

وتوجه الى المسؤولين عن الاحزاب: “أية تربية توفرون لشبابكم؟ أي ولاء للوطن تربون فيهم؟ ما نحتاج إليه في لبنان هو إعداد شباب ولاؤه للبنان، لا لأشخاص أو لبلد آخر! شباب شجاع للحوار! حر في قول الحقيقة! جريء في الإصغاء لإعتراض صوت الضمير في كل ما يتنافى والعدالة والمحبة وروح السلام! جميع الناس بحكم كونهم خلائق الله، مدعوون ليمجدوا الله في إتمام إرادته، التي تنكشف لهم في الكتب المقدسة وفي صوت الضمير الذي هو “صوت الله في أعماق كل إنسان، يدعوه دائما ليحب، ليصنع الخير ويتجنب الشر. وفي الوقت المناسب، يدق هذا الصوت في أعماق قلبه ويقول له: “إفعل هذا، وتجنب ذاك!” (الكنيسة في عالم اليوم، 16). هذا الصوت الداخلي يدعو إلى ما يسمى “باعتراض الضمير” في كل مرة يكون الخير العام أو مجموعة شعب في خطر كبير (راجع المرجع نفسه، 79)”.

وختم الراعي: “كم يؤسفنا في ضوء هذا الكلام أنه لا يوجد نائب واحد في الكتل النيابية يجرؤ، بقوة “اعتراض الضمير” على إدانة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية منذ سبعة أشهر، وإفقار الشعب وتهجيره، وهدم الدولة بمختلف مؤسساتها، بسبب رهن مقام رئاسة الجمهورية لشخص أو لمصالح شخصية أو فئوية! ولكن بكل أسف، خنق المسؤولون السياسيون فيهم صوت الضمير، صوت الله، فمن أين يأتيهم “إعتراض الضمير” الذي أسكتته مصالحهم. فيا ليتهم يقرأوون سيرة القديس Thomas More (1478-1535)، رئيس حكومة بريطانيا العظمى الذي جابه الملك هنري الثامن باعتراض الضمير، ورضي بقطع رأسه حماية لصوت ضميره. وقد أعلنته الكنيسة شفيع رؤساء الحكومات ورجال السياسة. فلنصل لكي يرسل الله حكاما أصحاب ضمير يمجدون الله بأفعالهم ومواقفهم البناءة والشجاعة. فلله كل مجد وتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين”.

بعد القداس استقبل البطريرك الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيخة الإلهية.