مجلة وفاء wafaamagazine
رَفَضَ وزير المالية، يوسف الخليل، الكشف عن مضمون تقرير التدقيق الجنائي الذي أنجزته شركة ألفاريز أند مارسال، رغم المطالبات المتواصلة من جمعيات المجتمع المدني، وعدد من المحامين والنواب. واستند الخليل تارة إلى أن الكشف عن التقرير يحتاج لقرار من مجلس الوزراء، وتارة أخرى إلى الاستثناءات الموجودة في قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، معتبراً أن مضمون التقرير تمسُّ “الأمن القومي المالي”، علماً أن هذه الحجّة هي اجتهاد غير موجود في الاستثناءات التي لها علاقة بـ”أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والأمن العام..”، ولم يذكر الأمن القومي المالي.
لكن “صمود” الوزير أمام المطالب واللجوء إلى القانون لانتزاع الحق، سقط بفعل قرار مجلس شورى الدولة إلزام الوزارة الكشف عن التقرير “بصورة فورية ودون إبطاء”.
اللجوء إلى القانون
الخطوة المتقدِّمة التي اتّخذها مجلس شورى الدولة، أتت بعد تلقّيه شكوى من “ائتلاف محاسبة الجرائم المالية” ضد وزارة المالية ورفض تسليمها التقرير. علماً أن الائتلاف الذي يضم المفكرة القانونية، الجمعية اللبنانية لحقوق المكلّفين، مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد في جامعة القديس يوسف، المرصد الوطني لحقوق المودعين، كلنا إرادة وجمعية الشفافية الجولية – لبنان (لا فساد)، كان قد سلَّم في شباط الماضي كتاباً للخليل، يطالبه بالكشف عن التقرير، لكن من دون جدوى. علماً أن وزير المالية كان قد تسلّم كتاباً من الائتلاف، في شباط الماضي، يطالب فيه بالكشف عن التقرير، دون جدوى.
وعليه، وعن مجلس شورى الدولة، قرَّرَ القاضي كارل عيراني، إلزام الوزارة “تسليم المعلومات المتوافرة لديها، وأي مستند مفيد يتعلّق بالواقع الراهن بالنسبة لمراحل تنفيذ التدقيق الجنائي، وكل ما هو مفيد من معلومات وتفاصيل لهذه الغاية وبصورة فورية وبدوء إبطاء. وتضمين المستدعى ضدّها الرسوم والمصاريف كافة”.
واستند المجلس إلى حيثيات قانونية يلخّصها اللجوء إلى المادة 5 من قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وعدم جواز تفسير الحظر عن الكشف عن المعلومات “بصورة ضيقة”. ورأى عيراني أنه “لا يجب ترك الإدارة تحت ستار التفسير الواسع والاستنساب في رفض طلبات الحق في الوصول إلى المعلومات بحجة الاستثناءات”.
وذهب المجلس أبعد من القانون وتفسيراته الضيقة أو الواسعة، إذ اعتبر أنه “من واجب الدولة اللبنانية أصلاً، ومن تلقاء نفسها، إعلام المواطنين عن المراحل التي وصل إليها تقرير التدقيق الجنائي، خصوصاً بعد انتهاء كل المهل الملحوظة بالعقد (مع ألفاريز أند مارسال)، أو أقله إعلامهم بالعوائق التي تحول دون إنجازه، وهذا حقّ لهم، خصوصاً وأنه من المفترض أن يؤدي هذا التدقيق إلى كشف الأسباب الواقعية والقانونية والمستترة التي أدت إلى الانهيار الاقتصادي اللبناني”.
إمكانية الطعن
قرار شورى الدولة يعكس، حسب عضو الائتلاف، المحامي كريم ضاهر، ضرورة “الاحتكام إلى القانون، لأنه يحرِج المنظومة، مهما بلغت أهمية المطالبات والتمنّيات”. ووفق ما يقوله ضاهر لـ”المدن”، الاحتكام للقانون وصدور قرارات مماثلة في أكثر من قضية “يحمِّس قضاة جدداً على الانتفاض وإصدار قرارات لصالح الناس والدولة. وعندها تكرّ السبحة”.
وبموجب قرار شورى الدولة، لم يعد أمام الخليل سوى تسليم التقرير، بعيداً من الحجج التي يحملها للامتناع عن ذلك. كما أن القرار يُسقِط تسخيف الخليل للتقرير بوصفه مسودّة تقرير أوّلي، وبالتالي لا يحمل معلومات مهمّة، بانتظار التقرير النهائي.
ومع ذلك، يتخوَّف ضاهر من “إمكانية لجوء الخليل إلى استئناف الحكم والطعن به، وقد يصدر حينها قرار من محكمة الاستئناف بتعليق مفاعيل قرار شورى الدولة، ويستمر وزير المالية برفض تسليم التقرير. لكن ذلك لا يعني الاستسلام لأن المسار القانون تم رسمه، ومراكمة العمل القانوني أوصلنا إلى هذه المرحلة المتقدّمة. فبواسطة الضغط تم إقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات الذي نستند إليه اليوم للكشف عن مضمون تقرير التدقيق الجنائي