مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “نداء الوطن”:
ما زال السعي الدولي لتحذير لبنان من الانزلاق الى الحرب مستمراً. وفي موازاته، سعيٌ داخلي لتجنيب المؤسسة العسكرية خطر الفراغ في القيادة. وبدا أنّ الواقع الميداني في منطقة «قواعد الاشتباك الجديدة» على الحدود الجنوبية، يكبّد قرى الشريط الحدودي يومياً أثماناً بشرية ومادية باهظة. وهذا ما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى إدانة «سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها إسرائيل» على الحدود الجنوبية إسوة بما يحصل في غزة.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر ديبلوماسية لـ»نداء الوطن» أنّ هناك «خطراً» يتهدّد لبنان «إذا بقي في موقع المتفرج» حيال تداعيات الحرب في غزة على الجنوب. ولفتت الى أنّ المنطقة تعيش حالياً في ظل المواقف الآتية: موقف أميركي يريد أن تبقى الحرب محصورة في غزة. وموقف ايراني غير واضح لجهة الطلب من «حزب الله» فتح جبهة الجنوب كي لا تُستفرد «حماس» في غزة. وموقف اسرائيلي ملتبس بالنسبة الى لبنان واحتمال مبادرة اسرائيل الى فتح جبهة الجنوب ضد «الحزب». وخلصت المصادر الى القول: «الحل الوحيد الذي يمثل فرصة ثمينة، هو أن يقول لبنان للأميركي والإيراني والإسرائيلي، إنّ الحدود اللبنانية صارت تحت سيطرة الشرعية، فيتم تحضير قرار لبناني لتنفيذ القرار الدولي 1701، بدلاً من أن ينتهي لبنان ساحةً، ولا يعود هناك مجال لأي قرار لبناني على الاطلاق».
وفي موازاة ذلك، بدا الاهتمام الداخلي يتصاعد من أجل معالجة أوضاع المؤسسة العسكرية التي سيكون على عاتقها تطبيق القرار 1701 جنباً الى جنب مع قوات «اليونيفيل».
وعلمت «نداء الوطن» أنّ تأكيد الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في لقائهما أمس على أنّ «موضوع المؤسسة العسكرية يجب مقاربته بهدوء وروية للوصول الى النتائج المرجوة»، لم يأتِ من فراغ، فهما يعملان على إيجاد تخريجة قانونية تتيح بقاء قائد الجيش جوزاف عون في موقعه بعد 10 كانون الثاني المقبل، تاريخ بلوغه السنّ القانونية. وفي اجتماع العمل الذي عقده ميقاتي مساء الثلثاء، صيغت المحاولة الأولى، التي تسببت بإغضاب وزير الدفاع موريس سليم بعد تسلّمه مراسلة عاجلة من رئيس الحكومة تحت عنوان «رفع اقتراحات لتفادي الشغور المرتقب في مركز قيادة الجيش»، قال عنها وزير الدفاع إنّها صيغت بأسلوب غير مألوف.
ولكن هذه المحاولة لا تزال محفوفة بالفشل، خصوصاً اذا انضم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى خيار رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل برفض التمديد، فيما لا يزال رفع السن القانونية بقانون يواجه اعتراض القوى المسيحية المقاطعة للجلسات التشريعية.
حتى الآن، لا تخريجة قانونية واضحة. وثمة من يستعيد شريط واقعة محاولة التمديد للمدير العام للأمن العام للواء عباس ابراهيم التي لم تتحقق فتقاعد، ليقول إنّ حسابات التمديد لقائد الجيش قد لا تكون مضمونة.
وفي المقابل، قالت مصادر مطلعة إن المعطيات تشير الى أن خيار التمديد لقائد الجيش يتقدم على ما عداه إنطلاقاً من ظروف داخلية وخارجية وتقاطعات تحتم التمديد. وستتضح المعطيات أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة. وكشفت هذه المصادر عن مخاطر الشغور في قيادة الجيش بعد الشغور في رئاسة الأركان، واقتراح البعض الاتكال على التراتبية فقط سيؤدي الى تشتت المؤسسة بعودة كل قائد لواء الى مرجعيته السياسية.
الى ذلك، لم يُفاجأ المقربون من الرئيس ميقاتي، من «الاسترخاء» الذي أبداه الوزراء المحسوبون على «التيار الوطني الحر» بعد مشاركتهم في اجتماع العمل الذي ترأسه ميقاتي قبل يومين، تحت عنوان الاستماع إلى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بعد زيارته العاصمة السورية، ذلك لأنّ الزيارة التي قام بها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل للسراي في بداية جولته التشاورية، بدت بمثابة مقدمة للعودة عن قرار المقاطعة.
إلا أنّ ما تبيّن أمس هو أنّ الوزراء العونيين وضعوا سلّة شروط لعودتهم تجعل من كلّ واحد منهم «رئيساً»، سواء لجهة المشاركة في إعداد جدول الأعمال، أو تنقيحه، أو اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء بالإجماع أو توقيع المراسيم من جانب الوزراء الـ24. ويقول مقربون من ميقاتي إنّ عودة الوزراء المقاطعين، موضع بحث ونقاش جدي، لكن رئيس الحكومة لن يكرّس واقعاً جديداً ولن يعطي هؤلاء الوزراء ما رفض تكريسه منذ دخول حكومته في تصريف الأعمال.
من ناحية ثانية، كانت لافتة المواقف التي أعلنها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وجاء فيها «أن لبنان في واقع الحرب، وأن مفتاح منع تمدّدها» في يد بري وميقاتي. ورأى »أن الحل، هو بتوصية نيابية أو قرار حكومي لنشر الجيش وسحب المسلحين من الجنوب». وخلص الى القول: «إننا منكبّون على وضع إطار حل جدي يبعد الخطر عن المؤسسة العسكرية».