الرئيسية / آخر الأخبار / وسط الاحتدامات والمجازر… تصعيد بلا سيناريو لأزمة التمديد

وسط الاحتدامات والمجازر… تصعيد بلا سيناريو لأزمة التمديد

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة النهار

 على وَقع مجازر وحشية إضافية أقدمت على ارتكابها، أمس، القوات الإسرائيلية في غزة ضد المدنيين، احتدمت الجبهة الجنوبية في لبنان واتّسع نطاقها على نحو لافت، ومع ذلك فإنّ هذه التطورات الميدانية والحربية المثيرة لقلق متعاظم إقليميّاً ولبنانيّاً لم تكن كافية لتبريد الملف السياسي المحتدم بقوّة تصاعدية في الداخل والمتصل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، إذ يبدو أنّ جولات وجولات لا تزال تنتظر بلوغ هذا الملف نهاياته.

ولكن الساعات الأخيرة حملت تطورات دامية بفعل الوحشية الإسرائيلية في غزة كما حملت تصعيداً واسعاً في المواجهات بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية عبر كامل الخط الحدودي الجنوبي وفي بعض الأعماق للمرة الأولى، بما طغت معه هذه التطورات على كل الأمور الأخرى الداخلية من دون أن يعني ذلك إسقاط التحسّب لمطلع أسبوع قد يتّسم بأهمية لجهة ما يُطرَح من سيناريوات لملف الاستحقاق العسكري تمديداً أو تاخيراً للتسريح أو تعييناً لقائد جديد مع أعضاء المجلس العسكري.

وفيما كانت الأنباء تحمل استشهاد أكثر من 200 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال في المجزرة الجديدة التي ارتكبها الجيش الإرائيلي باستهداف مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تأوي آلاف النازحين في مخيم جباليا في قطاع غزة، وفيما أعلنت وزارة الصحة في غزة عن 32 قتيلاً من عائلة واحدة بينهم 19 طفلا في غارة استهدفت منزلاً في مخيم جباليا، كانت الحدود الجنوبية تشهد احتداماً واسعاً في العمليات العسكرية. وسُجّل تطوّر خطير مع استهداف الطيران الإسرائيلي فجر أمس، لأول مرة منذ حرب تموز 2006، عمق منطقة النبطية حيث أطلقت مسيّرة صاروخين باتّجاه معمل لأشغال الألومينيوم الواقع على طريق تول – الكفور (النبطية) ما أدّى إلى احتراقه بالكامل. وظهراً، طاول القصف أطراف مارون الراس و يارون وطريق منطقة “هرمون” بقذائف من عيار 155ملم، وبلغ أيضاً أطراف بلدتي كفرتبنيت وشوكين بالقرب من مدينة النبطية، واطراف بلدتي مركبا وبني حيان. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية على منطقة اللبونة في الناقورة وأطلق صاروخَين في اتجاه المنطقة وأخرى على عيتا الشعب. في المقابل، مضى “حزب الله” في تكثيف عملياته، فأعلن في سلسلة بيانات باستهداف موقع “الراهب”، ومقر القيادة العسكرية ‏المستحدث في وادي سعسع، ‏وثكنة “راميم” (قرية هونين اللبنانية المحتلة)، وأيضاُ موقع “الراهب” مجدّداً، وتجمّعاً للجنود ‏الإسرائيليين في حرج “شتولا” ‏وتجمّعاً للجنود في خلة وردة.

وكان الحزب أعلن إسقاط طائرة إسرائيليّة من نوع “هيرميز 450، وهي طائرة مسيّرة قتاليّة ‏متعدّدة المهام بواسطة صاروخ أرض جو”، لافتاً إلى أنّ “حطامها شوهد يتساقط فوق منطقة أصبع الجليل”.‏

وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في المقابل، إنّ “الجيش أغار قبل قليل على أهداف عدّة لـ”حزب الله” في الأراضي اللّبنانيّة، من بينها مجمّعات عسكريّة”. وأشار عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، إلى أنّ “مقاتلات سلاح الجوّ دمّرت منظومةً متقدّمةً لصواريخ أرض- جوّ، ردًّا على إطلاق صاروخ جو- أرض على طائرة للجيش اللّيلة الماضية، علمًا بأنّه قد تمّ اعتراض الصّاروخ بنجاح”. وشنّت مروحيات إسرائيلية من نوع “أباتشي”، مساء ،غارات بالصواريخ على اطراف بليدا وعيترون.

وسط هذه التطوّرات، يتّجه المشهد الداخلي إلى مزيد من التوترات والتعقيدات اذ لا شيء يضمن التوصّل الى أي حل مرض للجميع في ملف الاستحقاق العسكري. وهو الأمر الذي دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى الإعلان من خلوة الشيخ أبو طاهر منير بركة في ضهور العبادية: “لا أفهم الخلافات الضيّقة في البلاد لأجل رئاسة قد تأتي أو لا تأتي، والإفراج عن قاتل الجندي الإيرلندي خطأ لأن الشعب الإيرلندي يقف إلى جانب القضية الفلسطينية وكان من الخطأ الإفراج عن قاتله في هذه الظروف”.

وتصاعد الاحتقان السياسي بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” حول هذا الملف فأكّد رئيس حزب “القوّات” سمير جعجع خلال استقباله طلاب جامعتي “الحكمة” و”العائلة المقدسة” إثر فوزهم في الانتخابات الطالبية، أن “رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يريد التخلّص من قائد الجيش العماد جوزف عون لاعتبارين: الاول أن الأخير تمكن من بناء كيان للمؤسسة العسكريّة ومنعه من التدخل فيها خصوصاً لناحية التشكيلات، وأدارها كما يجب، ولا سيّما أن لا خلاف سياسي بين الرجلين، باعتبار أن عون لا يتدخل في الشؤون السياسيّة ولم يطلق يوماً مواقف سياسيّة، بينما الاعتبار الثاني يكمن في أن باسيل يخاف من قائد الجيش على خلفية أن “العونيين” يسمعون له ومن الممكن إذا استمر في موقعه وبعدها في غيره، أن يشكّل منافساً جدياً وقوياً له”.

في المقابل، أشار عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون، إلى أن “لكي نحمي الجيش يجب أن نجنّبه التجاذبات الشخصيّة ويفترض لمن يرفض التمديد أن يكون لديه حجّة منطقيّة لذلك ولمن يتحمّس للتمديد أن تكون حجته منطقية وليس التعاطي بكيدية”.”و قال: “يتم تحويل موضوع قيادة الجيش الى تحدٍّ بين فريق وآخر وليس العمل على ما يصبّ في مصلحة الجيش”.وأضاف عون: “السفيرة الاميركية دوروثي شيا قامت باتصالاتها من أجل منع الشغور في قيادة مؤسسة الجيش وكان اتجاهها الاكبر نحو التمديد”.ولفت إلى أن “في موضوع الرئاسة انتقلنا من “البرّاد الى الثلاجة”، لأن هناك توازنًا سلبيًّا داخليًا أما خارجيًا، فالأصدقاء مهتمّون بموضوع غزة والوضع الامني”.

وفي هذا السياق، كتب المديرالعام للأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم على حسابه عبر “منصّة” إكس: “الاستنزاف المعنوي الذي تتعرض له المُؤسسة في سوق “عُكاظ السياسة” هدفه تدمير آخر ما تبقى من هياكل الدولة”. وأضاف: “أياً يكن القرار بشأن مستقبل قيادتها فالمطلوب سحب النقاش العلني من التداول صوناً لآخر ما تبقى من هياكل الدولة ومعنويات العسكريين”.