الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / زيارة لودريان: غلافها غزة وعنوانها رئاسي وجوهرها التمديد

زيارة لودريان: غلافها غزة وعنوانها رئاسي وجوهرها التمديد

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “الجمهورية”:

فيما لاحت احتمالات استئناف الحرب الاسرائيلية على غزة والمواجهات على الجبهة الجنوبية نتيجة عدم تمديد الهدنة، ينهي الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان زيارته للبنان اليوم، وسط انطباعات البعض في انه سيعود خالي الوفاض، فهو طرح مع جميع الذين التقاهم ثلاثة ملفات: الاستحقاق الرئاسي، الاستحقاق العسكري، تنفيذ القرار 1701. لكنه لم يلمس اي تقاطع عليها بين مختلف الافرقاء، بل لمس ان المواقف لم تتغير عما سمعه منهم في زياراته السابقة. إلّا انّ الجميع لمسوا وجود اهتمام شديد لديه بموضوع تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون التي تنتهي في العاشر من كانون الثاني المقبل، ما دفعَ بعضهم الى الاستنتاج انّ إمكانية انتخاب رئيس جمهورية خلال الشهر الجاري ليست متاحة وانّ الفراغ الرئاسي سينسحب الى السنة الجديدة.
إختتم لودريان اجتماعاته التي استغرقت يومين مساء أمس بلقاءٍ في قصر الصنوبر تخلله عشاء مع سفراء دول المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية (الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر)، حيث اطلعهم على نتيجة لقاءاته مع مختلف الافرقاء اللبنانيين لينقلوها الى المسؤولين المعنيين في بلدانهم، لكي يُبنى على الشيء مقتضاه وتحديد الخطوات اللاحقة.

إنكشاف اللثام
وقد تكشّف اللثام عن هدف الزيارة التي قام بها الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان، وبسرعة انكشح الدخان من امامها ليتبيّن انه مهمته الاساسية، والتي اعطيت دفعا قطريا سعوديا ظاهرا ودعما اميركيا من الخلف، كانت التسويق لمطلب التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون بحسب ما اكد مصدر سياسي رفيع لـ”الجمهورية” واصفاً الزيارة بأنها “مغلّفة بغزة، عنوانها رئاسي وجوهرها التمديد لقائد الجيش تحت عنوان انّ لبنان في حالة حرب والمنطقة ملتهبة وفي ظل هذا الوضع القائم لا يجب ان يتخلى لبنان عن قائد الجيش ويغيره آخذاً بنظرية: “لا تبديل للضباط في خضمّ المعركة”. واعتبر المصدر “انّ مهمة لودريان فشلت في ساعاتها الاولى وانتهت، اي انها عملياً لن تقدّم ولن تؤخر ولم تعد ذات اهمية، وما حصل في الاجتماع بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر خير دليل”.
وتوقف المصدر عند مطلب لودريان التمديد لقائد الجيش، لافتاً الى “ان المفارقة تكمن في انه في الوقت الذي ننتظر طرحاً او حَضاً من الموفد الفرنسي باسم المجموعة الخماسية لمساعدة لبنان على انتخاب رئيس، جاء طلب التمديد، فهل هذا يحمل تخلياً ضمنياً عن العماد عون كمرشح لرئاسة للجمهورية؟.
وكشف المصدر انّ “خيار التمديد لقائد الجيش تراجع الى الحدود الدنيا لمعوقات سياسية وقانونية عدة والاهم لأسباب تتعلق بقيادة الجيش نفسها، اذا حصل انقسام سياسي حاد حول القرار المتخذ، (طلائعه موجودة حالياً) ماذا سيكون تأثيره على استقرار المؤسسة. كما ان التعيين سيكون صعباً لعدم مواجهة شبه الاجماع المسيحي على رفضه (باستثناء التيار الوطني الحر).
ومن هنا، رجّح المصدر ان يكون خيار تعيين رئيس اركان للجيش والذي لا يعارضه احد بالمعنى الفعلي، هو الخيار المرجّح، اذا خَطا كل فريق خطوة الى الامام لإيجاد مخرج.
وعلمت “الجمهورية” ان وزير الدفاع موريس سليم سيزور البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم لشرح موقفه من هذا الامر، وسيحمل معه قانون الدفاع ليعرض للبطريرك المواد التي تدل الى عدم قانونية التمديد.

جولة غير موفقة
والى ذلك قال احد الذين التقوا لودريان لـ”الجمهورية” ان الرجل ركّز في لقاءاته على موضوع التمديد لقائد الجيش على نحوٍ بَدا انّ المواضيع الاخرى التي حملها واثارها كانت من باب الايحاء انه آت ويحمل في جعبته مجموعة من الملفات، من الاستحقاق الرئاسي الى التطورات الناشئة من عملية “طوفان الاقصى” وصولاً الى تنفيذ القرار 1701 في الجنوب. لكن جولته لم تكن موفقة لأن طلبه التمديد لقائد الجيش يأتي في اطار موقف المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية التي كان قد رشح من اجتماعها الاخير لها في الدوحة انها بغالبية اعضائها تحبّذ وصول قائد الجيش الى رئاسة الجمهورية اللبنانية.
واكد المصدر انه “اذا كانت غاية لودريان وبقية اعضاء اللجنة الخماسية من طرح التمديد لعون هو التعبير غير المباشر عن تأييد وصوله الى سدة رئاسة الجمهورية، فإنّ هذا الامر لا يُلزم الآخرين، لا سيما منهم الذين لا يؤيدون هذا الترشيح”. وتوقّع المصدر ان يستمر الفراغ الرئاسي الى أمد طويل في ظل تمسك “الثنائي الشيعي” وحلفائه بدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وقد ازداد تمسكهم به بعد التطورات الاخيرة في الجنوب وغزة”.
وعلمت “الجمهورية” انّ لودريان أبدى خلال لقاءاته مع القوى السياسية، لا سيما مع “حزب الله”، اهتماماً بموضوع الشغور في قيادة الجيش. امّا في الموضوع الرئاسي فقد طرح التوافق على خيار ثالث طالما لم يحصل توافق على المرشحين الذين تم اقتراح اسمائهم سابقاً.
وبحسب المعلومات فإنّ “حزب الله” اكد للموفد الفرنسي انه مع أي اجراء يتم الاتفاق عليه يمنع الشغور في قيادة الجيش، سواء عبر تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون او تعيين قائد جديد.
وكان لودريان قد التقى رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، في مقر الكتلة في حارة حريك، في حضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو ومسؤول العلاقات العربية والدولية في “حزب الله” عمار الموسوي.

لقاء عاصف
وعُلم انّ لقاء الدقائق المعدودة الذي انعقد بين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ولودريان في مقر “التيار” في سنتر ميرنا الشالوحي كان عاصفاً من جانب باسيل، الذي رفض بشدة البحث في بند التمديد لقائد الجيش داعياً ضيفه الى شطبه من جدول اعمال اللقاء، معتبراً الامر تدخّلاً في شأن لبناني داخلي، مؤكداً عدم قانونية التمديد.

مواقف
وكذلك كانت للودريان لقاءات مع كتل نيابية ونواب تغييريين في قصر الصنوبر وخارجه، ولوحظ ان غالبية الكتل التي تصنّف نفسها معارضة او تغييرية، اعلنت تأييدها للتمديد لقائد الجيش مقدّمةً التبريرت التي توجِبه.
ولفت النائب مارك ضو في حديث اذاعي الى أنه شدد خلال لقائه والنائبين وضاح صادق وميشال الدويهي مع لودريان على “الحاجة الى انتخاب رئيس للجمهورية سريعاً”. ونقل عن الموفد انّ “مبادرته تأتي بالتنسيق مع موقف الدول الخماسية، عبر طرح خيار ثالث في الرئاسة، بعيداً من الاسمين المطروحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، إذ لاقى تجاوباً أكبر في هذا الإطار”. وأكد أنّ “فريق الثنائي هو المتمسّك بطرح فرنجية، وبالتالي يسقط كل حديث عن خيار ثالث، إذا لم ينتقل الثنائي الى طرح آخر”. وشدد على “ضرورة التمديد لقائد الجيش في هذا الظرف، من خلال الحكومة، إذ لا يمكن أن تحصل التعيينات بغياب رئيس الجمهورية، والحكومة لا تستطيع ان تعيّن بصلاحياتها الحالية”.
وكتب النائب فؤاد مخزومي عبر منصة “أكس” انه خلال لقائه والنائب ميشال معوض، لودريان، ممثلين كتلة “تجدد”، شددا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن. وعدم السماح بحصول أي تدخلات سياسية في عمل المؤسسة العسكرية مع ضرورة تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون لمنع الفراغ في قيادة الجيش وحماية هذه المؤسسة الوطنية، عدا عن تأكيد تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده والتنسيق الكامل مع قوات اليونيفيل”.
وشدد النائب وليد البعريني على أن كتلة “الإعتدال الوطني” ملتزمة بانتخاب رئيس للجمهورية، إلّا أن الخيار لم يُحسم حتى الآن. وأوضح أن “الكتلة ستجتمع مع كتلة “لبنان الجديد” للاتفاق على اسم مرشح، وعندما يحصل طرح جدي ونهائي في الجلسة النيابية سيكون عندها خيارنا موجوداً”. وقال: “نحن يهمّنا الرأي السعودي ولن نخرج من خيار المجتمعين العربي والدولي في الملف الرئاسي، وعند اقتراح اسم مرشح يُبنى على الشيء مقتضاه، وهذا ما لم يحصل حتى الساعة، إذ وضعا عناوين عريضة فقط”. وأكد أنّ “الاعتدال الوطني يؤيّد التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان معًا، وتمّ تقديم اقتراح في هذا الشأن”.