مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون
عبثية هي الحرب بمعناها الشمولي. لكن عندما تكون المواجهة بين حق تمثله مقاومة شعوب حرة، وباطل يستند إلى استكبار واحتلال تصبح الحرب حينئذ ذات جدوى وفرض وجوبي .
ما يحصل اليوم من مواجهات بين المقاومة اللبنانية في الجنوب والفلسطينية في غزة من جهة وبين احتلال إسرائيلي يستفيد إلى الدرجة القصوى من مقومات الدعم المفتوح أمريكيا وغربيا. لذلك فبعد ما ينيف على الشهرين على عملية “طوفان الأقصى” وبدء العملية البرية الإسرائيلية في شمال القطاع والمتعثرة حتى الساعة والعاجزة عن تحقيق أهدافها ، ومع فتح جبهة الجنوب للمساندة والإشغال والضغط والدعم وتثبيت خطوط الاشتباك وقواعده المرسومة منذ انتهاء عدوان عام 2006 .
مع بداية المواجهة بين المقاومة اللبنانية وجيش الاحتلال بقيت الأيام والأسابيع الأولى تشير إلى أن سيرها محصور بما يسمى “قواعد الاشتباك” . إلا أن تدحرج المواجهة يزداد يوما بعد آخر وازدياد التصعيد “كما ونوعا ” وصولا إلى الأيام الأخيرة أي قبل أسبوعين جعلنا نرصد الآتي :
بحسب مصادر ذات صلة بالشأن العسكري والاستراتيجي، فإن المنازلة العسكرية التي يخوضها “حزب الله ” بوجه الاحتلال بدأت تأخذ منحًى مختلفاً عمّا سبق الهدنة الأخيرة غير المعلنة، إذ إن سير المعارك واتساع رقعة الأهداف بين المقاومة والاحتلال يشير إلى الخروج التدريجي من قاعدة الاشتباك إلى المواجهة الشاملة حتى وإن ظلت في بقعة جغرافية محددة . وتشير المصادر إلى تطور المشهد الميداني لجهة الأسلحة التي دخلت على خط المواجهة بين الجانبين .
من ناحية المقاومة ترى هذه المصادر أن توسيع رقعة الرد على جيش الاحتلال باتت تتجاوز ضوابط الخطوط الحمر فمثلا استهداف مقرات عسكرية في العمق الفلسطيني وخاصة خليج حيفا ومنطقة صفد بصواريخ دقيقة ومن ثم انتقاء تجمعات معادية في قاعدة “معيان باروخ ” في الجليل الأوسط وبعدها “خربة ماعر ” في عمق بلدة ابل القمح وهي احدى القرى الللبنانية المحتلة منذ العام 1948 وصولا إلى القاعدة العسكرية غرب مستوطنة “مسكاف عام” قرب المطار العسكري للكتيبة الشمالية في سلاح المشاة الإسرائيلية .
كل الأحداث تشير بوضوح إلى أن المقاومة، واستنادا للمعاملة النارية بالمثل، تخطت ” قواعد الاشتباك ” هذا عدا نوعية السلاح والصواريخ التي باتت عملا يوميا “كالبركان والكورنيت المعدل “مزدوج الفوهة” والمدفعية بعيدة المدى، والتي وضعت الاحتلال أمام حالة إرباك وتضعضع انعكس على قطعان مستوطنيه الذين أعلنوا عدم عودتهم حال انتهاء الحرب، طالما أن التهديد قائم بوجود مقاومة مقتدرة . هذا من ناحية المقاومة .
أما من جهة جيش الاحتلال الإسرائيلي فكان ملحوظا بشكل كبير إدخال السلاح الجوي وخاصة في الأيام الأخيرة المنصرمة وتجاوزه أهدافا تقليدية وصولا إلى عمق الأراضي الجنوبية من مسيرة العاقبية إلى رابيد الشعيتية ومنزل بيت ياحون الذي أدى الى استشهاد خمسة من كوادر المقاومة ومن بينهم نجل رئيس كتلة الوفاء النائب محمد رعد ثم كونين وأرنون التي أودت إحدى غارتها باستشهاد أحد عناصر حزب البعث السوري في لبنان، وصولا إلى استهداف مراكز الجيش اللبناني واستشهاد أحد عناصره وجرح آخرين ثم مركز “اليونيفيل” في محيط “تلة الحمامص ” ويوم أمس الغارات غير المسبوقة على بلدات “يارون، عيترون، بليدا” ومعظم قرى الجهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة مرورا بقصف الطريق العام التي تربط بلدة الطيبة بالقنطرة على كتف وادي الحجير.
كل ذلك يدل على بدء اتساع رقعة المواجهة وتقلص مساحة “قواعد الاشتباك” .
وعليه ثمة سؤا يطر ح ؟ .
اولا :
ما مامدى علاقة التصعيد العنيف بالحديث مجددا عن القرار 1701 . والذي عملت الدبلوماسية الفرنسية والأمريكية مؤخرا على بحثه مع الافرقاء اللبنانيين .
ثانيا :
هل من ارتباط بين إخفاق الاحتلال في غزة وعجزه عن تحقيق بنك أهدافه ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية لذا فهو يستدير لفتح كوة في جدار المواجهة ليغطي هزيمته هناك ؟ .
ثالثا :
هل صحيح ان قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية باتت مقتنعة بأن خروجها من مأزق غزة يستدعي فتح جبهة لبنان على مصراعيها.
ونحن نسأل :هل يدرك الاحتلال عواقب أي مغامرة في الجنوب اللبناني وهو يعلم علم اليقين قدرات المقاومة التسليحية والبشرية الجاهزة للمواجهة بالاستناد إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل أعوام .
إننا في أي مواجهة مستقبلية قد تكون المعركة من قلب الجليل وما بعد بعد الجليل هذا بالإمكان إلى الترسانة الصاروخية القادرة على تحقيق أهدافها في كل أرجاء الكيان المحتل .
وبالتالي إن “قواعد الاشتباك” باتت هشة وهي سائرة نحو التوسع إذا ما التزم الاحتلال ضوابطها ضمن معايير الاشتباك على قاعدة الند بالند والعين بالعين والبادئ أظلم .