الرئيسية / آخر الأخبار / الاختراق الأخطر يُنذر بالاشتعال الأوسع… إسرائيل تغتال العاروري في قلب الضاحية

الاختراق الأخطر يُنذر بالاشتعال الأوسع… إسرائيل تغتال العاروري في قلب الضاحية

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار”:

بعد 87 يوما وقبل أيام من مرور ثلاثة اشهر على حرب غزة والمواجهات الميدانية في جنوب لبنان، ضربت إسرائيل الضربة الأخطر في العمق اللبناني والأولى منذ حرب 2006 من خلال اغتيالها صالح العاروري احد اكبر رموز وقادة حركة “حماس” نائب رئيس المكتب السياسي للحركة والموصوف في محور الممانعة بانه “مهندس وحدة الساحات”، وذلك في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. هذا التطور يعد الأخطر لجهة تجاوز إسرائيل قواعد الاشتباك “المحدثة “السائدة في الجنوب اللبناني منذ الثامن من تشرين الأول من السنة الفائتة حتى لو لم يستهدف “حزب الله” مباشرة او الحكومة اللبنانية كما نقل عن جهات إسرائيلية، اذ ان غارة بمسيرة إسرائيلية استهدفت شقة في الضاحية الجنوبية كانت تضم اجتماعا لقادة بارزين في “حماس” و”كتائب القسام” في لبنان، شكلت الاختراق الأمني الاستخباراتي والعسكري الأخطر منذ عملية “طوفان الأقصى” الذي كان العاروري من ابرز مهندسيها. وهو التطور الذي اشعل التساؤلات عما اذا كانت مرحلة جديدة من الصراع الحربي والاستخباري ستفتح على الغارب بين إسرائيل من جهة، و”حماس” و”حزب الله” خصوصا من جهة مقابلة، وهل سيؤدي ذلك إلى إنتقال الحرب الشاملة الى لبنان ام ان الرد على اغتيال العاروري سيبقى في اطار تصعيد تقليدي في العمليات ولو تجاوز اطر المرحلة السابقة.

في أي حال، يبدو واضحا ان الرد الأول والاساسي على هذا التطور سيأتي مساء اليوم الأربعاء مع الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والتي لم تلغ كما تردد بعد العملية الإسرائيلية في الضاحية، بل ابقي على موعدها في السادسة مساء اليوم بما يؤشر الى ان قيادة “حزب الله” قررت ان يكون تثبيت موعد الكلمة بمثابة الرد الأساسي على العملية بما ستتضمنه من مواقف للسيد نصرالله .

اما “حماس” فكانت أعلنت أولا اغتيال صالح العاروري واثنين من قادة القسام في بيروت، وأعلنت لاحقا مقتل القائدَين في “كتائب القسام” سمير فندي “أبو عامر” وعزام الأقرع “أبو عمار” في الضربة الإسرائيلية في لبنان.

وأفادت معلومات أمنية غير رسمية أن الشقة المستهدفة كانت تحتضن اجتماعاً للفصائل الفلسطينية حين قصفت بصاروخ من مسيرة إسرائيلية التي أطلقت صاروخا ثانيا استهدف سيارات المواكبة عند مدخل المبنى. وتصاعدت سحب الدخان من منطقة معوّض، وشوهدت أشلاء بشرية في مكان الانفجار بالقرب من أتوستراد هادي نصرالله، وكذلك شوهد دمار في إحدى الشقق وحرائق اشتعلت في السيارات وأفاد شهود عيان عن سماع انفجارين.

وأشار مصدر أمني لـ”النهار” الى استهداف مسيرة شقتين تابعتين لحركة حماس في مبنى في معوض.

بين “حماس” وإسرائيل

وفي كلمة وجهها مساء رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية وصف اغتيال إسرائيل للعاروري ورفاقه بانه عمل إرهابي مكتمل الأركان وانتهاك لسيادة لبنان، فيما أكد عضو المكتب السياسي لـ”حماس” عزت الرشق أنّ اغتيال العاروري “لن ينال من استمرار المقاومة”. وقال إنّ “عمليات الاغتيال الجبانة التي يُنفّذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا أو النيل من استمرار مقاومته الباسلة”. ووصف العملية بـ”عملية اغتيال جبانة ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني”.

ويُعدّ العاروري من مؤسّسي كتائب “عز الدين القسام”، الجناح المسلح لحركة “حماس”، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991ـ1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية. وفي عام 1992، أعاد الجيش الإسرائيلي اعتقال العاروري، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة تشكيل الخلايا الأولى لكتائب القسام بالضفة. وأفرج عن العاروري عام 2007، لكن إسرائيل أعادت اعتقاله بعد ثلاثة أشهر لمدة 3 سنوات (حتى عام 2010)، حيث قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج فلسطين.وتم ترحيله آنذاك إلى سوريا واستقر فيها ثلاث سنوات، قبل أن يغادرها ليستقر في لبنان.

وعقب الإفراج عنه عام 2010، اختير العاروري عضواً في المكتب السياسي للحركة. وكان العاروري أحد أعضاء الفريق المفاوض من حركة “حماس” لإتمام صفقة تبادل الأسرى عام 2011 مع إسرائيل بوساطة مصرية، التي أطلقت عليها حركته اسم “وفاء الأحرار”، وتم بموجبها الإفراج عن جلعاد شاليط (جندي إسرائيلي كان أسيراً لديها)، مقابل الإفراج عن 1027 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية. وفي التاسع من تشرين الأول عام 2017، أعلنت حركة “حماس” انتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي للحركة.

وأفاد ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية بأنّ بنيامين نتنياهو طالب الوزراء بعدم التعليق على الاغتيال. وذكرت “يديعوت أحرونوت” نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين انّ “اغتيال العاروري عملية عالية الجودة وكل قادة حماس مصيرهم الموت”. كما نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين أنّ “العاروري كان وراء الهجمات المتزايدة في الضفة الغربية”. وفي سياق متصل، قال مستشار نتنياهو: “لم نعلن مسؤوليتنا عن هجوم بيروت وهو لم يستهدف الحكومة اللبنانية ولا حزب الله”.

واعلن مسؤول إسرائيلي ليلا “اننا مستعدون لاحتمالات التصعيد على الجبهة الشمالية مع حزب الله”.

ميقاتي وشكوى

في المقابل دان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الانفجار الذي وقع في منطقة الضاحية الجنوبية. وقال ميقاتي إنّ “هذا الانفجار جريمة اسرائيلية جديدة تهدف حكماً إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات بعد الاعتداءات اليومية المستمرة في الجنوب والتي تؤدي الى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى. كما أنّ هذا الانفجار هو حكماً توريط للبنان وردّ واضح على المساعي التي نقوم بها لإبعاد شبح الحرب الدائرة في غزة عن لبنان، وإنّنا نهيب بالدول المعنية ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف استهدافاتها، كما نُحذّر من لجوء المستوى السياسي الاسرائيلي الى تصدير إخفاقاته في غزة نحو الحدود الجنوبية لفرض وقائع وقواعد اشتباك جديدة”. وأضاف ميقاتي أنّ “لبنان ملتزم كما على الدوام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة لاسيما القرار 1701 ولكن الذي يُسأل عن خرقه وتجاوزه هي إسرائيل التي لم تشبع بعد قتلاً وتدميراً، وبدا واضحاً للقاصي والداني أنّ قرار الحرب هو في يد إسرائيل، والمطلوب ردعها ووقف عدوانها”. واجرى ميقاتي اتصالاً بوزير الخارجية عبد الله بو حبيب طالبا “تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي على خلفية الاستهداف الفاضح للسيادة اللبنانية بالتفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء اليوم ( امس) وكل الخروقات الإسرائيلية المستجدة للسيادة اللبنانية”. وتابع ميقاتي مع قيادة الجيش والأجهزة الأمنية المعنية تفاصيل الانفجار وملابساته.

وفي ردود الفعل الخارجية اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية ان اغتيال العاروري واثنين من قادة القسام “انتهاك لسيادة لبنان” ودعت في بيان الأمم المتحدة الى “رد عاجل ومؤثر”.

وفيما أكدت “حماس ” ليلا ان ستة من قادتها وكوادرها قتلوا في العملية اصدر “حزب الله” بيانا اعتبر فيه جريمة اغتيال العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت “اعتداء خطيرا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات وتطورا خطيرا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة”. واكد ان “هذه الجريمة لن تمر ابدا من دون رد وعقاب وان مقاومتنا على عهدها ثابتة آبية وفية لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها يدها على الزناد ومقاومتها في اعلى درجات الجهوزية والاستعداد وان هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام فصبرا جميلا …” .