مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
وسط رتابة اليوم الثاني من “منبريات” جلسات مناقشة الموازنة في مجلس النواب قبل ان تصل الى خواتيمها، ومع عودة التصعيد الميداني اللافت في المواجهات على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل مقترنا بتصعيد مماثل في التهديدات الإسرائيلية لـ”حزب الله” ولبنان، اتجهت الأنظار امس إلى الاجتماع الأول من نوعه لسفراء الدول الخمس الأعضاء في المجموعة الخماسية المعنية بالأزمة الرئاسية في لبنان كونه سيشكل مبدئيا حجر الزاوية في اجندة محدثة لعمل المجموعة التي ستنعقد على مستوى ممثليها الأساسيين في باريس او الدوحة في بداية شباط المقبل للاتفاق على مسار متجدد حيال لبنان.
اجتماع سفراء الدول الخمس عقد في الرابعة والربع عصرا في دارة السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة وضم الى بخاري سفراء الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، وفرنسا هيرفي ماغرو، وقطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني، ومصر علاء موسى. وإذ لم يصدر أي بيان عن اللقاء وسط كتمان عما تخلله من أبحاث فهم ان الاجتماع كان تنسيقيا بحيث توافق السفراء على الخطوات التي يتخذونها معا في المرحلة المقبلة والتي ستبدأ بجولة على المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين ورؤساء الكتل النيابية لوضعهم في الخطوط الأساسية لتحرك المجموعة الخماسية على ان تتحدد طبيعة التحرك في المرحلة التالية بعد الاجتماع المبدئي المقرر للمجموعة في باريس او الدوحة وسط تأكيد الفصل بين الازمة الرئاسية ومجريات الأحداث الجارية في الجنوب اللبناني وغزة.
وأفادت معلومات ان بين أبرز النقاط التي وردت في نقاشات السفراء الخمسة التأكيد أن دور الخماسية لا يحل بأي شكل من الأشكال مكان إرادة اللبنانيين التي تنعكس في مجلس النواب. كذلك، كان تأكيد للتقارب في الموقف بين الخماسية ورئيس مجلس النواب لناحية الفصل بين الملف الرئاسي والتطورات في غزة والمنطقة.
التصعيد جنوباً
في غضون ذلك واصلت إسرائيل امس تهديداتها بتوجيه ضربة عسكرية قوية ضد لبنان، واقترنت هذه التهديدات بما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن انتشار عدد كبير من القوات الإسرائيلية قرب حدود لبنان .وفي حين صعد الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته على بلدات وقرى حدودية مستهدفا تجمعات تجارية ومحدثا دمارا واسعا فيها، هدد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال لقائه نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني بان “الجيش الإسرائيلي سيوجه للبنان ضربة عسكرية لن يتعافى منها في حال لم ينسحب حزب الله من الحدود”. وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيان، إن كاتس طلب من تاياني “العمل مع الحكومة اللبنانية لسحب حزب الله من جنوب لبنان، وحذّر من حرب من شأنها أن تلحق أضراراً جسيمة بالمواطنين اللبنانيين”.
وفي هذا الوقت كان الطيران الحربي يشن غارات على أهداف مدنية فاستهدف اطراف بلدة البازورية حي حانيين، مما ادى الى اصابة امرأة في منزلها، وتم نقلها بواسطة سيارة اسعاف تابعة لكشافة الرسالة الاسلامية الى احد المستشفيات في صور. كما شن ثلاث غارات على بركة الجبور في منطقة جزين مطلقا خمسة صواريخ. وشن لاحقا غارة على كفركلا – تل نحاس، كما اغار على بلدة بليدا مستهدفا بالصواريخ منزلا دُمر بالقصف والغارات المسيّرة سابقا. واعلنت هيئة البث الإسرائيلية ان “الجيش الإسرائيلي هاجم مواقع لحزب الله بينها مهبط طائرات عسكري يبعد 20 كم عن شمال المطلة”.
وبعد الظهر أغار الطيران الإسرائيلي على منطقة الضهور في بلدة كفركلا، واستهدف “سنتر حسن وحسين دخل الله جمعة” مما تسبّب بدمار شامل في المركز التجاري والمحلات والمنازل المجاورة له.
وفي المقابل، اعلن “حزب الله” انه استهدف موقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة كما شن هجومًا جويًا بمسيّرتين إنقضاضيّتين على أحد مواقع منظومة الدفاع الجوّي ومنصّات القبّة الحديديّة قرب مستوطنة كفربلوم وحقق فيها إصابات مباشرة.
“ثلاثية” الموازنة
اما جلسات مجلس النواب لمناقشة قانون موازنة 2024، فغرقت في رتابتها في اليوم الثاني الذي لم يكن كافيا لانهاء الكلمات، فتمددت الى يوم ثالث حيث ستعقد الجلسة الختامية في الثالثة بعد ظهراليوم ويلقي خلالها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رد الحكومة على النواب ثم يجري التصويت بندا بندا على الموازنة. ومن بعض المواقف اللافتة في الكلمات التي ألقيت في جلستي البارحة رأى النائب آلان عون “ان هناك عجزا مستفحلا يسمح بالتدخّل الخارجي، وحان وقت العودة للحديث عن السلة المتكاملة وأي كلام آخر هو تمديد للفراغ. والخروج من المأزق بحاجة إلى العودة لمنطق التسويات. ولو كان الرئيس سعد الحريري موجوداً اليوم لكانت المعادلة اختلفت كثيراً، شجاعة الحريري في فتح الثغرات.
اشتقنالك”. واعتبر النائب رازي الحاج “ان هذه الموازنة ليست موازنة 24 انها موازنة 24 جريمة”. وقال “من كتب الفذلكة ليس هو من حضّر الموازنة وهذا دليل على الإنفصام في الدولة “، مؤكدا انه “يجب عدم القبول بموازنة من دون قطع حساب”. ودعا النائب اسامة سعد “إلى إسقاط الموازنة وردّها من حيث أتت، لأنّه لا يمكن إصلاحها ” وأعلن ان “انتخاب الرئيس هو دورنا نحن نواب البلد، واللبنانيون يريدون رئيسا مستقلا عن المحاور الدولية والاقليمية”. وقال: “لا لمرشح التوافقات الاقليمية والدولية ولا لمرشح الصفقات والتسويات وانتخاب الرئيس حق الناس على النواب”.
وسأل النائب سليم الصايغ، في الجلسة ، “الى متى الاهتمام بكل شيء بينما المطلوب واحد وهو استعادة الشرعية في كل الميادين الذي هو المدخل للاصلاح” وأكد “ان غياب الرئيس هو فضّ للشراكة الوطنية فالدستور لا يحتمل اي انتظام للحياة الديمقراطية في غيابه “. وأشار النائب علي حسن خليل الى ان “قدرنا ان نحمي وجودنا في هذا البلد ولا مجال لفكرة القوة وفائضها في علاقاتنا مع بعض، ولا تستقيم أمورنا باحتكار الوطنية واختراع العداوات وحريصون على من نختلف معهم”. وجدد الحرص على “إتفاق الطائف وعلى تطبيقه والشراكة هي روح لبنان”.
النائب غسان حاصباني قال” مع إلتزامنا بأولوية إنتخاب رئيس للجمهورية وعدم تطبيع التشريع في غيابه، فالمادة 32 من الدستور توجب علينا في العقد الثاني للمجلس ان نبحث بالموازنة ونصوّت عليها قبل أي عمل آخر وأن ما نُعت “بالبهلوانات السياسية” ليس بممارسة حق التصويت أو عدمه بل بتقديم هرطقات دستورية عبر اقتراح قانون منفصل للموازنة من خارج مجلس الوزراء، الذي يتعارض مع مبدأ فصل السلطات”.
جعجع
وفي ألمواقف القيادية البارزة اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، بان “ما يقوم به حزب الله في الجنوب لا يخدم قطاع غزة بشيء ويشكل خطراً كبيراً على لبنان”. ولفت في حديث إلى برنامج “صار الوقت” من محطة “ام تي في” ، ان “حزب الله هو أكبر مشكلة يواجهها لبنان في المرحلة الحالية، وكثر حاولوا معالجتها ولا نزال في المشكلة نفسها، والحزب انخرط فعلاً بالحرب لكنه لم يذهب بعيداً لأن ميزان القوى ليس لصالحه”. وأضاف ان “حزب الله وايران انخرطا في الحرب إلى الحد الذي يناسبهم وموقفنا من حزب الله معروف ولا يتغير، في السلم والحرب، واليوم حزب الله وضع لبنان في خطر حقيقي، لكننا لا نتمنى أن تندلع الحرب لأي اعتبار ولكن نخشاها لأنها ستكون حربا مدمّرة”. ورأى ان “ما يقوم به حزب الله في جنوب لبنان هو للبقاء مع إيران في المعادلة القائمة، لأنه فعلياً لا يؤثر على الأحداث بشكل مباشر في قطاع غزة، ما يقوم به حزب الله لا يقدّم بل يؤخر في موضوع الحل”. وقال جعجع، “ان كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن ربط وقف النار في لبنان بوقفه في غزة غير مقبول لأنه يؤدي إلى نتائج غير محسوبة. والمسؤولية اليوم تقع على هذه الحكومة رغم كل “خنفشرياتها”.
ولفت الى ان “حكومة تصريف الأعمال تكون “تصريف أعمال” في الأيام العادية لكن في حال الحرب تكون حكومة “طبيعية” وعليها تحمّل المسؤولية عن أي شيء يقع في لبنان”. وذكر جعجع، أن “على الحكومة اللبنانية أن تضبط ما يحصل وعلى من يملك صلاحيات أن يستعملها و”ما فينا إلّا ما نطبق القرار 1701”. دول العالم تطالبنا بتطبيق القرار 1701 فيما نحن نقول لهم “لا ما فينا” وهذا غير مقبول”.