مجلة وفاء wafaamagazine
بعد أشهر على شبه الاستقرار في سعر صرف الدولار أقلّ أو أكثر قليلا من 89.500 ليرة لكلّ دولار واحد، ورفع دولار مصرف لبنان الى السعر نفسه، ومثله الضمان الاجتماعي، يبدو أنّ الكثير من القطاعات في البلاد ستّتخذ المنحى نفسه، لتعيد ترميم ما عبثت به فوضى التسعير، ولتضبط التفلّت الحاصل بما يضمن حقوق المواطن ، وكذلك الجهة الرسمية التي يتعامل معها، على أنّ إجراء توحيد سعر الصرف لم يبصر النور رسميا بعد.
وبعيدا عن الإعلان الرسمي لتوحيد سعر الصرف، فإنّ شبه استقراره يعطي مساحة من الأمان للبتّ رسميا في تعريفات كثيرة تخصّ شؤون حياة المواطن اليومية، ومنها تعرفة النقل، التي أصبحت حديث الإعلام مؤخرا، لا سيما بعد مقابلة إذاعية أجريت مع رئيس “اتحادات ونقابات قطاع النقل البري” بسام طليس حول الموضوع، وأنّ تعرفة رسمية جديدة للنقل ستبصر النور قريبا.
والكل يتذكر جيدا، منذ أن لاحت بوادر الأزمة الاقتصادية في لبنان، والفوضى عاثت بموضوع تعرفة النقل، وكان كلّ من المواطن والسائق يشعر بالغبن والاستغلال، وحينئذ كان هناك سدّ منيع أمام بلورة تعرفة نقل جديدة رسميا، في ظلّ المنحى التصاعدي الذي اتّخذه سعر صرف الدولار، أمّا اليوم فقد استقر انهيار هذا السدّ، وأصبحت الأرضية جاهزة لإصدار تعرفة نقل رسمية، تضبط حق المواطن والسائق في الوقت عينه.
90% من عناصر التعرفة جاهزة
رئيس “اتحادات ونقابات قطاع النقل البري” بسام طليس اوضح لـ “الديار” أنّ الاتّحاد يطالب منذ فترة طويلة بإقرار تعرفة رسمية تصدر عن السلطات الرسمية، لا سيّما وزارة الأشغال العامة والنقل، لكنّ المبرّر الذي كان في الفترة السابقة ما قبل إقرار الموازنة العامة، كان مقنعا بالنسبة لي وللزملاء أيضًا بعد نقاش مع معالي الوزير، حيث انّ عناصر إعداد التعرفة لم تكن متوافرة أو مستقرة، أي العناصر التي تتكون منها التعرفة، والتي تبلغ 17 عنصرا، منها: الرسوم، الضرائب، التأمين، اشتركات الضمان، الاستهلاك، راتب السائق… إلخ، وكل هذه العناصر، وسواها لم تكن مستقرة ولا ثابتة، وأضاف أنّه ما بعد الموازنة، أصبح 90% منها تقريبا مستقرا، ولهذا السبب اجتمعت بمعالي وزير الأشغال العامة والنقل في جلسة مطولة، وتمّ الاتفاق على البدء بإعداد تعرفة جديدة وإصدارها رسميا من قبل معالي الوزير.
كيف تبلورت معالم هذه التعرفة الجديدة؟ شرح طليس أنّ المديرية العامة للنقل البري والبحري أعدت مشروعا ناقشه الاتحاد اليوم (امس)، وكانت الأرقام مبدئيا منطقية تراعي ظروف المواطنين والعمّال والموظفين والعسكريين، وفي الوقت نفسه تقارب للكلفة الحقيقية، ولا تظلم السائق على جميع الأراضي اللبنانية، كاشفا أنّه يصدد عقد اجتماع آخر مع وزير الأشغال العامة والنقل لبتّ التعرفة الجديدة، وسيتّم التوقيع عليها وتصدر بشكل رسمي، بحيث ان السائق “بيعرف قديش بدو ياخد والمواطن بيعرف قديش بدو يدفع”.
فوضى التعرفة الحالية
منذ فترة والتعرفة المتداولة تبلغ 150 ألف ليرة ضمن بيروت وضواحيها، على أنّ هناك من يرفعها إلى 200 ألف ليرة أحيانا، وهذا ما رآه طليس نتيجة حتمية وأمرا طبيعيا، فالسعر مختلف بين منطقة وأخرى، وبين شارع وآخر، وبين مركبة وأخرى، وأصبحت المسألة عرضا وطلبا، ولم يكن هناك استقرار بالتعرفة، وبالتالي كان لا بد أن نصل الى هذا المكان من الفوضى.
هل التعرفة الجديدة ثابتة؟ أجاب طليس أنّ التعرفة تصدر وتتعدّل وتتغيّر كلما دعت الحاجة لذلك، وكلّما حدث تقلّب في الأسعار، أي بعناصر كلفة التعرفة، وسنجري كلّ شهرين أو ثلاثة أشهر تقييما جديدا، وسنعدّل إن ظهر أنّ شيئا يتطلب التعديل بمعيّة وزير الأشغال العامة والنقل كيلا نظلم السائقين، محذّرا في المقابل من أنّ هذا الأمر يمكن ألا يكتمل ما لم يطبق القانون، فالسائق العمومي الشرعي القانوني، يقوم اليوم بكل ما عليه من واجبات اتجاه الدولة، ويسدّد ما عليه من مترتّبات من رسوم و ضرائب وضمان وتأمين مع إيجارات السيارات، فيما لا يتكلّف بهذه العناصر المزوّر والخصوصي والمكرّر والتطبيقات و “التوك توك” والدراجات النارية والسيارات غير المسجلة التي يعمل عليها أجانب، فكلّ هؤلاء لا يتكلّفون شيئا.
واوضح أنّه إذا أقرت التعرفة من دون تطبيق القانون، فهذا سيؤذي السائق القانوني العمومي ويشجّعه على أن يخالف القانون، معلنا عن اجتماع قريب بهذا الخصوص مع وزير الداخلية، كي يكون هناك شيء مشترك بينه وبين وزير الأشغال العامة والنقل، فتبدأ إجراءات التعرفة من جهة، وإجراءات قمع المخالفات وتطبيق القانون على المعتدين على هذا القطاع من جهة أخرى، وهذا تستقر وتنتظم وتسير الأمور بالشكل الطبيعي، وإثر سؤاله ختاما عن قيمة التعرفة التقريبية قبيل الإعلان الرسمي عنها، أكّد لنا أنّها لن تتجاوز مئتي ألف ليرة.
الموافقة على مشروع القرار
مع بعض التعديلات
يذكر هنا ، ان رؤساء “اتحادات ونقابات قطاع النقل البري” في لبنان عقدوا اجتماعاً مساء امس برئاسة طليس في مقر الاتحاد العمالي العام، وقد خصصت الجلسة للاطلاع على مسّودة مشروع تعرفة النقل الجديدة. وبعد الإطلاع على المشروع وما تضمنه من أرقام بناءاً لعناصر الكلفة التي تتكون منها التعرفة، قرر المجتمعون وبالاجماع على “انه بعد المناقشة المستفيضة للأرقام والمسافات والأسعار، وافقوا على مشروع القرار مع بعض التعديلات الهامة التي تناسب السائقين والمواطنين”، وتمنوا “أن تترافق الخطوة مع البدء بتطبيق قانون السير لجهة قمع التعدّيات “مزور – خصوصي- تطبيقات وهمية – درجات نارية وعمالة أجنبيه…وغيرها” فور توقيع القرار والإعلان عنه وبدء سريانه”.
خلاصة القول، بات اللبناني يضع يده على قلبه كلّما سمع بزيادة جديدة حتى وإن كانت محقّة، وحتى لو كان هو نفسه سائقا على سبيل المثال لا الحصر، فالزيادة التي سيحصل عليها ستقابلها زيادة تؤخذ منه، فالزيادات تطبق على كلّ ما يحيط به من مقومات البقاء، وبالحديث تحديدا حول تعرفة النقل، نتأمّل أن تصدر بالتزامن مع تطبيق القانون، وإلا هناك حتما من سيُعرض عن الالتزام بها من السائقين بذريعة أنّ القانون الذي يطالبه بها لم يحمه، فاقتضى التوضيح!