مجلة وفاء wafaamagazine
رَبط علماء في الآونة الأخيرة بين بكتيريا الأمعاء وتصنيع فيتامين B ومرض باركنسون، وهو مرض عصبي تَنكسي يصيب عادةً الأشخاص الذين تجاوزوا سن الستين، ويترافق مع رعاشٍ وفقدانٍ للتوازن.
يحدث مرض باركنسون نتيجة تلفٍ وموتٍ للخلايا العصبية في العقد القاعدية، وهي منطقة في الدماغ تتحكم بالحركة، ويتوقف إنتاج الناقل العصبي الدوبامين بسبب هذا التلف.
ولقد أظهرت دراسة حديثة شملت خمس دول تحليلًا لجراثيم الأمعاء لدى مرضى باركنسون وغيرهم، أنّ مرضى باركنسون يعانون نقصاً ملحوظاً في الجينات البكتيرية المسؤولة عن إنتاج الريبوفلافين (فيتامين B2) والبيوتين (فيتامين B7).
وعلّق الدكتور سامبسون، أحد المشاركين في الدراسة، على هذه النتائج قائلًا: «وجدنا انخفاضًا في الجينات البكتيرية المسؤولة عن تصنيع هذه الجزيئات».
كما أوضح الدكتور سامبسون كيف تساهم هذه التغيرات في ظهور أعراض مرض باركنسون، فقال: «هناك فهم متزايد بأن مرضى باركنسون يعانون التهاباً مُتزايداً، وقد تساهم البيئة المعوية في ذلك جزئيًا».
أهمية التوازن البكتيري المعوي:
تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية التوازن البكتيري المعوي للصحة العامة، بما في ذلك صحة الدماغ. تؤدي بكتيريا الأمعاء الصحية دورًا رئيسيًا في إنتاج العديد من العناصر الغذائية المهمة، بما في ذلك فيتامينات B التي يحتاجها الجسم لعمل الدماغ والجهاز العصبي بشكل سليم. بالإضافة إلى ذلك، تساعد البكتيريا المعوية على تنظيم الالتهاب في الجسم، والذي يرتبط بالعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض باركنسون.
فرضية الالتهاب المعوي ومرض باركنسون:
يعتقد الباحثون أن نقص فيتامينات B بسبب قلة إنتاج البكتيريا المعوية لها، قد يساهم في الالتهاب العصبي الذي يُعد سِمةً مميزة لمرض باركنسون. وبناءً عليه، يرى الباحثون أن تعويض نقص هذه الفيتامينات عن طريق المكملات الغذائية قد يكون مفيدًا لبعض مرضى باركنسون.
آفاق بحثية جديدة:
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة حديثة ولا تزال بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد العلاقة السببية بين بكتيريا الأمعاء وفيتامين B ومرض باركنسون. ومع ذلك، فهي تفتح الباب أمام إمكانية تطوير علاجات أو استراتيجيات وقائية جديدة تعتمد على تحسين صحة الأمعاء وتوازن البكتيريا المعوية للحد من خطر الإصابة بمرض باركنسون أو تأخير ظهوره.
وبالإضافة إلى دراسة دور المكملات الغذائية، يمكن للباحثين أيضًا استكشاف العلاقة بين النظام الغذائي وصحة الأمعاء ومرض باركنسون. على سبيل المثال، قد يؤدي اتّباع نظام غذائي غني بالأطعمة التي تغذي البكتيريا المعوية المفيدة إلى تحسين صحة الأمعاء وتقليل خطر الإصابة بهذا المرض.
الأطعمة التي تُغذي البكتيريا المعوية المفيدة لتحسين صحة الأمعاء:
1 – الأطعمة الغنية بالألياف:
الفواكه: مثل الموز، والتوت، والتفاح، والبرتقال، والمانجو.
الخضروات: مثل البروكلي، والهليون، والخرشوف، والسبانخ، والكرفس.
الحبوب الكاملة: مثل الشوفان، والأرز البني، والكينوا، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة.
البقوليات: مثل العدس، والفاصولياء، والحمص.
2 – الأطعمة المخمّرة:
اللبن: يُعد مصدرًا غنيًا بالبروبيوتيك، وهي بكتيريا حية مفيدة للأمعاء.
المخللات: مثل مخلل الملفوف، ومخلل الخيار.
3 – الأطعمة الغنية بالبريبايوتكس:
الثوم: يُعد مصدرًا غنيًا بالإنولين، وهو نوع من الألياف التي تُغذي البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
البصل: يحتوي على الأينولين أيضًا، بالإضافة إلى مركبات أخرى مفيدة للأمعاء.
الهليون.
الموز.
4 – الأطعمة الغنية بالبوليفينول:
الشوكولاتة الداكنة: تحتوي على مركبات الفلافانول، وهي نوع من مضادات الأكسدة المفيدة للأمعاء.
التوت: غني بمضادات الأكسدة، بما في ذلك الأنثوسيانين.
المكسرات: مثل الجوز، واللوز، والبندق.
البذور: مثل بذور الكتان، و chia.
خاتمة:
يقدّم هذا البحث نظرة جديدة على العلاقة بين صحة الأمعاء ومرض باركنسون. ومع استمرار الأبحاث، قد يصبح تحسين صحة الأمعاء عنصرًا مهمًا في إدارة هذا المرض العصبي التنكّسي المعقد.