مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
لا تستبعد المعطيات أن تنزلق الأمور نحو احتمال “ولادة قيصرية” للحكومة على طريقة الأمر الواقع إذا تراءى للرئيس المكلف ووافقه رئيس الجمهورية بأن مطالب الأفرقاء ستتحوّل إلى ما يشكل خطر محاصرة الولادة المرتقبة للحكومة العتيدة
لم ترتسم في عطلة نهاية الأسبوع الماضي معالم تبديل إيجابي في مسار تاليف الحكومة الذي لا يزال عالقاً عند دوامة إرضاء فئة من دون التسبب باستفزاز فئة أخرى، علماً أن معطيات لـ”النهار” تتّسم بصدقية عالية قفزت فوق ألغام التأليف وتوقعت ولادة حكومة الرئيس نواف سلام هذا الأسبوع. وإذ ترك المرور السلمي إلى حدود بعيدة وملموسة لـ”أحد العودة – 2″ إلى قرى وبلدات الجنوب قياساً بالأحد الدامي الأول أجواء مريحة خففت من ضغط الواقع الجنوبي على المشهد الحكومي، فإن ذلك لم يحجب استمرار تراكم تعقيدات التاليف التي عكسها تصعيد المواقف والنبرات حيال مجريات التأليف على رغم أن الرئيس المكلف مضى قدماً في التزام التحرك الصامت بعيداً من موجات التسريبات أو المواقف العلنية الكثيفة. وأفادت المعطيات المتوافرة لـ”النهار” في هذا الصدد أن ارتفاع نبرة “القوات اللبنانية” في شكل لافت في الأيام الأخيرة شكّل تطوراً طارئاً يصعب تجاهل آثاره إذ يبدو الاعتراض “القواتي” بالغ الجدية حيال استشعار اعتماد الرئيس المكلف مرونة زائدة مع فريق الثنائي الشيعي في مقابل معالم تشدّد حيال مطالب محددة لـ”القوات” لن تتنازل عنها هذه المرة لكونها تتصل بما يعد تصويبا حتمياً للتوازن السياسي بكل ما يقتضيه ذلك من رفع الصوت. ولا تستبعد هذه المعطيات أن تنزلق الأمور نحو احتمال “ولادة قيصرية” للحكومة على طريقة الأمر الواقع إذا تراءى للرئيس المكلف ووافقه الموقف رئيس الجمهورية بأن مطالب الافرقاء ستتحوّل إلى ما يشكل خطر محاصرة الولادة المرتقبة للحكومة العتيدة في دوامة إطالة امد التأليف مع كل محاذيره، ولكن الأمر لم يبلغ بعد هذا السقف وستكون الساعات والأيام القليلة المقبلة محكاً أساسياً للاتجاهات الحاسمة التي سيسلكها مسار التأليف. وتداولت مصادر سياسية متابعة أسماء عديدة طرحت في مجريات التاليف من منطلق السعي إلى تشكيلة تجمع اسماء نخب واختصاصيين ولا تكون بعيدة عن التمثيل السياسي غير الحزبي. ومن الاسماء التي تتردد: عن الحصة الشيعية ياسين جابر للمال وصلاح عسيران للصناعة وتمارا الزين أو علاء حميّة للبيئة، وطلال عتريسي لوزارة العمل، علي رباح للصحة، ويتردد أن الرئيس سلام رشح أحد الطبيبين من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لتولي الصحة محمد حيدر وحازم عاصي. كما طرحت اسماء جو صدي للطاقة وكمال شحادة للاتصالات والوزير السابق طارق متري لنيابة رئاسة مجلس الوزراء والوزير السابق غسان سلامة للثقافة، وفايز رسامني للأشغال العامة والنقل، ونزار الهاني للزراعة، والعميد المتقاعد أحمد الحجار للداخلية، وعامر البساط للاقتصاد، وحنين السيد للشؤون الاجتماعية وريما كرامي للتربية، كما طرح اسما عمر درغوس وابراهيم الحسيني المتخصصان في مجالات الطاقة. ولا تزال حقائب سيادية مثل الخارجية عرضة للتجاذبات.
وعكس موقف جديد أمس لـ”القوات اللبنانية” مناخاً مشدوداً حيال تمثيل القوى المسيحية إذ قالت: “يروِّج بعضهم لمقولة مفادها أنّ مشكلة “القوات اللبنانية” مع التشكيلة الحكومية تكمن في حصة أو حقيبة معينة، وهذه المقولة خاطئة تمامًا، لأنه لم تكن الحصص ولا نوعية معينة من الحقائب محط اهتمام “القوات” في أي يوم من الأيام، ولكن السؤال الذي تطرحه “القوات اللبنانية” هو التالي: إذا كان مفهومًا الحظر في المرحلة السابقة على وجود “القوات” في الحكومة وعلى نيلها حقائب محدّدة تحديدًا خشية من دورها السيادي والإصلاحي، فليس مفهومًا على الإطلاق استمرار هذا الحظر في المرحلة الجديدة التي يجب أن تكون سيادية وإصلاحية بامتياز؟”. وإذ أعلنت “أن ما لا تقبله بتاتًا هو بقاء أي نوع من الحظر عليها”، تساءلت “هل من تفسير لهذا الحظر غير أن ملائكة محور الممانعة ما زالت حاضرة وتتدخّل من هنا ومن هناك لمنع “القوات” من أخذ موقعها الطبيعي في الحكومة في المرحلة الجديدة؟”.
حتى أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عاود في عظته أمس إثارة عدم تطبيق وثيقة الطائف “فلا احترام للدستور، بل مخالفة تلو المخالفة، ولا احترام لميثاق العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطنيّ، فدبّت الفوضى في الحكم والحكومة”. وأضاف: “كيف يمكننا أن نواجه حاجاتنا الوطنيّة مع السعي إلى المطالبة الضيّقة بالحصص البغيضة التي لا علاقة لها بالميثاق والدستور، بل هي نقيض لهما. فليعد المعنيّون بتعطيل تأليف الحكومة إلى ما جاء في خطاب القسم: “إنّها أزمة حكم وحكّام وعدم تطبيق الأنظمة أو سوء تطبيقها وتفسيرها وصياغتها”.
ولم يكن موقف ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة بعيداً عن هذه المناخات إذ اعتبر أن “الـمُـسـاوَمـاتُ والـتَـرْقـيـعُ والـحُـلـولُ الـوَسَـطُ لا تَــبْــنـي دَولَـةً. الـحُـلـولُ الـجَــذْرِيَّـةُ الـمَــبْــنِــيَّـةُ عـلى الـدُسـتـورِ والـقـانـونِ هِـيَ الـتي تُـؤَدّي إلـى قِـيـامِ الـدَولـةِ، ووَحْـدَهُـم رِجـالُ الـدَوْلَـةِ يَـعْــمَـلـونَ بِـتَـجَـرُّدٍ، ويَــتَّـخِــذون الـقَــراراتِ الـصَعْــبَـةِ الـتـي تَــضَـعُ مَـصْـلَـحَـةَ الـبَـلَــدِ فَــوْق كُــلِّ الـمَـصـالـح، ويُــجـاهِــدون مِـنْ أجْــلِ تَـغْــيــيــرِ الـعَــقْــلِــيَّـةِ والـنَـهْـجِ الـلَــذَيْـن أوْصَـلا الـبَــلَــدَ إلـى الانـهِــيـارِ والـتَــفَــكُّــكِ، ولا يَـخْـضَـعــونَ لأيِّ ضَـغْــطٍ أو ابْــتِــزازٍ أو تَـهـديـد. بـالـتَـصْـمـيـمِ والـشَـجـاعَـةِ والإصْـلاحِ والـشَـفـافِـيَّـةِ، لا بـالـتَـعَــلُّـقِ بِـأعْــرافٍ غَـريـبَـةٍ عَـنْ روحِ الـدُسْـتـورِ ونَـصِّـه، تَـسْـتَـعــيـدُ الـدَوْلَـةُ دَوْرَهـا، وتَـسْـتَـعــيـدُ ثِــقَــةَ أبْـنـائِـهـا واحْــتِـرامَ الـخـارِج. عِــنْـدَهـا فَــقَــطْ يَــلْــتَــفِــتُ الـعـالَـمُ إلَــيـهـا ويُـسـاعِــدُهـا عـلـى الـنُـهــوضِ وبِـنـاءِ مـا قَــد هَــدَّمَــتْـهُ الحُـروبُ الـمُـدَمِّــرَةُ والـمَـواقِــفُ الـعَــبَــثِــيَّـةُ”.
“أحد العودة الثانية”
وسط هذه الأجواء مرّ “أحد العودة – 2” إلى الجنوب أمس بقدر معقول من السلاسة إذ توافد أهالي بلدات وقرى يارون وحولا وميس الجبل منذ الصباح استعداداً للدخول إلى بلداتهم بعد انتشار الجيش اللبناني، وتجمعوا عند مداخل البلدات حيث افترش عدد من الأهالي حقول الزيتون في انتظار الانسحاب الإسرائيلي. وأقام الجيش اللبناني حواجز عند مداخل البلدات ومنع الاهالي من الدخول العشوائي حفاظاً على حياتهم. وتجمّع عدد من الأهالي عند مدخل بلدة كفركلا كما عند دير ميماس في قضاء مرجعيون وتم نصب عدد من الخيم في البلدة. وأطلقت القوات الإسرائيلية الرصاص على الأهالي العائدين إلى بلدة يارون لمنعهم من العودة إليها بعدما كانت اعتقلت صباحاً صيادين في منطقة رأس الأبيض قبالة بلدة الناقورة وأسرت الأول وأطلقت الثاني. وسمح الجيش اللبناني لأهالي عيترون بالدخول إلى وسطها علماً أن قوات الجيش الاسرائيلي لا تزال منتشرة في أطرافها الشرقية والجنوبية. وأقدم الجيش الإسرائيلي، عبر مسيّرة على إلقاء قنبلتين صوتيتين عند مدخل بلدة يارون بالقرب من الجيش والاهالي المجتمعين عند مدخل البلدة.
وفي المواقف الاسرائيلية هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس “خليفة الأمين العام لحزب الله السابق حسن نصر الله بانه سيدفع ثمناً باهظاً إذا خرق وقف النار”، في إشارة إلى الشيخ نعيم قاسم. وأضاف من جنوب لبنان: “أقترح على خليفة نصرالله ألّا يخطئ في تقدير عزمنا”. وتوجّه إلى “حزب الله” والحكومة اللبنانية قائلاً: “لن نسمح بالعودة لواقع 7 تشرين الأول وإذا استمرّ إطلاق المسيّرات من لبنان فلن يكون هناك “حزب الله”.
في المقابل أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مساء أمس الموعد النهائي لتشييع الأمين العام السابق الراحل للحزب السيد حسن نصرالله ومعه السيد هاشم صفي الدين “في ماتم جماهيري مهيب في 23 شباط” ودعا إلى عدم إطلاق الرصاص خلال التشييع وبعده ولا في أي مكان، كما أعلن عدم الموافقة على تظاهرة الدراجات التي حصلت خارج الضاحية الجنوبية لبيروت.