
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت ميسم رزق في” الاخبار”:
تتوالى التطورات المرتبطة بالملف الفلسطيني حيث توسّع الخلاف بين قيادة فتح في لبنان والسلطة الفلسطينية في لبنان، خصوصاً بعدما أشهر السفير أشرف دبّور رفضه وقيادة ساحة لبنان المضي قدماً بتنفيذ مشروع سحب السلاح الفلسطيني، الأمر الذي ردّت عليه سلطة رام الله بجملة من التغييرات في صفوف حركة فتح في لبنان، طاولت دبّور (إعفاؤه من مسؤوليته كنائب للمشرف على السّاحة ونقله من موقعه كسفير في لبنان، وتعيين محمد الأسعد مكانه)، إلى جانب تغييرات تنظيمية أخرى.
فيما يتواصل العمل على تغييرات إضافية يُرجّح أن تشمل كل قيادة الساحة وجهاز الأمن الوطني، والذي أصبحت قيادته تتبع مباشرة لرام الله، وذلك بهدف الإمساك بتنظيم حركة فتح والسفارة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، عبر تعيين أشخاص تابعين لرام الله وينفّذون الأوامر دون اعتراض، تمهيداً للإمساك بالقرار الفلسطيني في لبنان.
وتزامنت هذه التغييرات مع مباشرة لجنة كلّفتها رام الله بالتحقيق في ملفات فساد، تزعم أن دبور متورّط فيها مع كوادر أمنية وعسكرية في فتح.
كشفت مصادر لـ«الأخبار»
أن «لجنة كبيرة، تتفرّع منها أربع لجان، أمنية وعسكرية وتنظيمية ومالية وصلت إلى بيروت منذ أسبوعين، وتتخذ من فندق «الموفيمنبك» مقراً لإقامتها، وهي برئاسة اللواء العبد إبراهيم عبد السلام خليل (المعروف بالعبد)، والذي يشغل منصب قائد قوات الأمن الوطني والضابط المسؤول عن التنسيق مباشرة مع إسرائيل.
وهو أمر أثار قلق مسؤولين في الدولة اللبنانية التي بدأت تتلمّس مشروعاً كبيراً يتضمن إعادة تشكيل أمن وطني في لبنان مرتبط مباشرة برام الله من خلال مسؤول التنسيق، لا عبر قيادة الساحة اللبنانية».
وكشفت المصادر أن «الأيام الماضية شهدت توتراً كبيراً، بدأ منذ مغادرة «أبو مازن» وهو آخذ في الاتساع بعدَ أن اعتبرت رام الله أنّ دبور وفتحي أبو العردات أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وغيرهما من القيادات على الأرض يرفضون تنفيذ الأوامر، وبدأت الإجراءات بعزل دبور ومنع عزام الأحمد من المجيء إلى لبنان قبل إرسال اللجان».
وقد تعزّز الخلاف، بعدما رفض قياديون كثر طلبات اللجان الحضور إلى مقابلتهم في الفندق البحري، وردّت القيادات بأن على أعضاء اللجنة زيارتهم في المخيمات وليس العكس.
في هذا الوقت، فتحت رامَ الله باباً للتفاوض مع دبور، علماً أن أحد أسباب الخلاف، هو أن دبور، بادر إلى التواصل مع القصر الجمهوري بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون، ما أثار حفيظة عباس الذي طالبه بمشاورته قبل أي خطوة، لكنّ دبور ردّ بأنه أطلع الجهات المختصة في رام الله على ما يقوم به، ما دلّ على بداية صراع بين عباس ونائبه حسين الشيخ الذي كان اعترض على تعيين سفير من فريق عباس، وتوصّل معه إلى اسم محمد الأسعد كتسوية.
وبحسب مصادر قالت إن «أبو مازن أكّد لدبور أن ما يحصل لا يستهدفه شخصياً، لكنّ هناك قراراً كبيراً يجب أن تتجاوب معه». وعرض أبو مازن على دبور نقله من لبنان عبر المناقلات الدبلوماسية التي ستحصل، مقدّماً له أربع وجهات للسفر إليها: إسبانيا، تركيا، مصر وعُمان. حتى إنه وصلَ معه الى تحديد البلد الذي يريد السفر إليه، وتعهّد بنقل السفير الموجود إلى بلد آخر، قبلَ أن يوافق دبور على نقله إلى عُمان. ومن الإجراءات التي حصلت على الأرض، استدعاء عدد من القيادات الفتحاوية وتوجيه تهديدات ضمنية لها من قبل اللجنة الآتية من المقاطعة، فضلاً عن وضع حوالي 250 مسلحاً فلسطينياً كانوا تابعين لقيادة فتح في بيروت تحتَ إشراف صبحي أبو العرب.
وبحسب ما هو رائج في مخيمات بيروت، فإن اللجان التي تعمل الآن، ركّزت على إبعاد كل من العميد منير المقدح عن منصبه كقائد عسكري، وإحالة صبحي أبو العرب إلى التقاعد، وإعفاء فتحي أبو العردات من مسؤولية الشق السياسي في تنظيم فتح في لبنان.
إضافة إلى إقالة وإعفاء عدد كبير من الكوادر، مع إطلاق حملة «تنقيح» لقوائم المنتسبين إلى أجهزة السلطة وفتح، والذين يتقاضون رواتب شهرية تُرسل من رام الله.
وبحسب مصادر مطّلعة في حركة فتح، فإن ما يفعله أبو مازن، لن يؤدي إلى ترتيب البيت الفتحاوي ولا إلى تنظيم وضع السلاح، بل سيأخذ الواقع الفلسطيني إلى مكان آخر أشد خطورة في لحظة يواجه فيها الفلسطينيون واللبنانيون معاً خطراً وجودياً.