الثلاثاء 16 نيسان 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : بداية حوار سياسي غير مشجعة، حول السيناريوهات الحكومية لخفض العجز في الخزينة، لم تتمكن من بناء التغطية المطلوبة لِما سمّاها رئيس الحكومة سعد الحريري القرارات الموجعة وغير الشعبية التي ستلجأ إليها الحكومة، لوقف الانحدار المتسارع في الوضع الاقتصادي. ويؤشّر ذلك الى انّ مشروع موازنة العام 2019 سيسلك طريقه الى مجلس الوزراء، أقله خلال هذا الاسبوع، ما يعني انه رحِّل الى ما بعد العيد، فيما ينتظر ان يحمل يوم غد الولادة الفعلية لخطة الكهرباء بعد إقرارها في مجلس النواب، في ظل توجّه نيابي لإدخال تعديل عليها يعيد لإدارة المناقصات الدور الاساس في دراسة دفاتر الشروط والمناقصات وفق الاصول التي يحددها قانون المحاسبة العمومية.
”التبشير” الذي اعتمده بعض السياسيين، بعزم الحكومة على اجراء تخفيضات تطال الرواتب والتقديمات للموظفين في القطاع العام، سواء للاداريين او للاسلاك العسكرية والامنية، أدخل البلد في حال من الارباك، والبلبلة في صفوف الموظفين المرشحين بأن يطالهم سيف التخفيض، وهو الامر الذي حرّك حالات وظيفية اعتراضية على هذا المنحى الحكومي، ترافقت مع تحركات على الارض قام بها المتعاقدون امس، اضافة الى دعوات الى التظاهر من قبل
بعض الضباط المتقاعدين، وايضاً من هيئة التنسيق النقابية، التي دعت الى الاضراب العام في الادارات والمدارس يوم غد الاربعاء.
وأعلنت الهيئة في بيان أصدرته بعد اجتماعها امس: “أمام تسارع التطورات وما يُشاع على قهر الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود؛ فإنّ هيئة التنسيق النقابية تدعو إلى تنفيذ الإضراب العام والشامل في الإدارات العامة وفي المدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمعاهد والمهنيات وفي دور المعلمين ومراكز الإرشاد والتوجيه والمؤسسات العامة والبلديات وذلك يوم الأربعاء 17 الجاري، والاعتصام في ساحة رياض الصلح الساعة الحادية عشرة قبل الظهر. على أن تبقي الهيئة اجتماعاتها مفتوحة لاتخاذ الخطوات في ضوء التطورات، محتفظة بحقها بأعلى درجات التصعيد.
واعلنت الهيئة أنها “تحمّل الحكومة والكتل النيابية مسؤوليّة الشلل التام الذي سيصيب مؤسسات الدولة ومرافقها العامة وتعطيل العام الدراسي، إذا فكّروا بالمَس بالسلسلة والتقديمات الإجتماعية ونظام التقاعد”.
بيت الوسط
وقد حضر ملف الموازنة والإجراءات التقشفية التي تنوي الحكومة الاقدام عليها، في الاجتماع السياسي المطوّل الذي عقد في بيت الوسط ليل امس الاول، واستمر حتى قرابة الواحدة بعد منتصف الليل، وحضره الى جانب الحريري كل من وزير المال علي حسن خليل (حركة “أمل”)، وزير الخارجية جبران باسيل (التيار “الوطني الحر”)، وزير التربية اكرم شهيّب (الحزب “التقدمي الاشتراكي”)، وزير الاشغال والنقل يوسف فنيانوس (تيار “المردة”)، وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان بدلاً من وزير العمل كميل ابو سليمان الذي تغيّب بداعي السفر (“القوات اللبنانية”)، وزير المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين خليل، إضافة الى فريق عمل رئيس الحكومة.
وقالت مصادر مواكبة للاجتماع انّ الاجواء كانت صريحة، وقدّم رئيس الحكومة عرضاً حول التوجّه العام للموازنة والاصلاحات الضرورية التي ستعتمد، اضافة الى أبواب التخفيضات التي يمكن ان تلجأ اليها لخفض عجز الخزينة.
واشارت المصادر الى انّ كل الاطراف أدلت بدلوها في هذا الموضوع، وبَدا واضحاً انّ هناك فوارق بين المواقف، لكن لم يحسم اي شيء في هذا الاجتماع، خصوصاً انّ الحاضرين قرروا العودة الى مرجعياتهم السياسية لاتخاذ الموقف النهائي مما هو مطروح، مشيرة الى احتمال عقد اجتماع آخر في وقت قريب.
وكان لافتاً للانتباه هو التمني على كل الحاضرين إبقاء ما تم بحثه طَي الكتمان وعدم التسريب، لكي لا يؤدي ذلك الى بلبلة من شأنها ان تعطّل المسار التي تنحى اليه الامور. الّا انّ احد الوزراء قال لـ”الجمهورية”: عرضنا الامور بكل تفاصيلها، وخلاصة الامر انه لا بد من دخول البلد في “ريجيم” اقتصادي ومالي، لأنه ان استمر الوضع على ما هو عليه سيموت المريض من البدانة، وهنا البدانة تعني الورم الاقتصادي الخطير”.
”القوات”
وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية” انّ الاجتماع الذي عقد بدعوة من الرئيس سعد الحريري ليس الأول من نوعه، ويشارك فيه عن “القوات” وزير العمل كميل أبو سليمان الذي تغيّب بسبب تمثيله لبنان في اجتماع وزراء العمل العرب، وانتدبَ مكانه وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، والهدف من هذه الاجتماعات الوصول إلى رؤية موحدة حول الموازنة وضرورة خفض العجز فيها بما يتجاوز الـ3% من أجل إعادة وضع لبنان على السكة المالية الصحيحة.
ولفتت المصادر الى انّ طابع الاجتماع تقني بامتياز، ويرمي إلى تفنيد كل الأبواب المحتملة والخيارات الممكنة لخفض العجز بمسؤولية وطنية عالية في ظل إدراك الجميع دقة الوضع الحالي، فيما من السابق لأوانه الإعلان عن اي توجّه معين قبل تمحيص الأرقام والمخارج والاحتمالات، ولذلك تفضِّل “القوات” العمل بصمت في هذا الملف بانتظار التثبُّت من الصورة كاملة، لأنّ الوضع لا يحتمل المواقف غير المبنية على أرقام ووقائع، كما انّ الناس لا تحتمل الخضّات. وبالتالي، من الأفضل مواصلة الاجتماعات المكثفة بانتظار تبلور نظرة موحدة للأمور تقود لبنان إلى شاطئ الأمان. وفي هذا السياق تذكر “القوات” بأنها كانت أول من حذّر من خطورة الوضع الاقتصادي عندما دعت إلى التئام حكومة تصريف الأعمال، وأكدت ان لا خوف على الوضع في حال الالتزام بخريطة طريق واضحة المعالم.
”حزب الله”
ولفتت مصادر “حزب الله” الى انّ هناك مجموعة افكار يتم التداول فيها، من بينها واحدة تتعلق بتخفيض حجم القطاع العام وتخفيض كلفته.
وقالت المصادر لـ”الجمهورية”: نحن منفتحون على كل الحلول التي من شأنها ان تؤدي الى معالجة الازمة الاقتصادية في البلد، لكن في نفس الوقت هناك حقوق مكتسبة للعاملين في القطاع العام يتوجب ان نفتش عن كيفية وضع خطة ترشيدية إنقاذية كاملة قبل اي امر آخر. وبالتالي، لا نستطيع ان نوافق على بنود مجتزأة، يجب ان تكون هناك سلة متكاملة وواضحة، وفي الخلاصة لا نستطيع الّا ان نكون منحازين الى جانب الفقراء وذوي الدخل المحدود.
إعتراض نيابي
وقالت مصادر نيابية لـ”الجمهورية”: من غير المقبول ابداً أن تستسهل الحكومة مَد اليد على جيوب الموظفين، فيما القرار في يدها في مقاربة مجالات واسعة لمكافحة الفساد ووقف الهدر والتسيّب الذي يستنزف مال الخزينة. انّ فكرة التخفيض جيدة، ولكن هل هي الوصفة المطلوبة؟ ويُخشى من هذه الخطوة هو اننا نكون امام ازمة اقتصادية فنصبح امام ازمة اجتماعية قد لا يستطيع البلد ان يتحمل نتائجها. المطلوب قبل اللجوء الى خفض الرواتب الذهاب الى اجراءات اخرى في اماكن الهدر الكبرى والانفاق الرهيب الذي أوصل البلد الى الطبقة السفلى في العجز والمديونية.
مجلس الدفاع
في هذه الاجواء انعقد المجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وفي بيان له، أعلن انه طلب إلى الوزارات المختصة “اتخاذ تدابير واجراءات لضبط مسألة تهريب الأشخاص والبضائع عبر الحدود البرية، واليد العاملة غير المرخص لها، كما عرض الأوضاع الامنية في البلاد وأبقى مقرراته سرية”.
وقالت مصادر المجتمعين لـ”الجمهورية”: إنّ البحث تناول سبل التنسيق بين الضابطة العدلية والأجهزة الأمنية والقضائية ووقف المناكفات المتمادية. وكذلك عمليات التهريب للأشخاص والبضائع عبر الحدود. وموضوع العمالة السورية من دون ضوابط او تراخيص قانونية، والمحاكمات خصوصاً المرفوعة امام المجلس العدلي.
وقد تضاربت المعلومات بشأن البحث أو عدمه خلال انعقاد مجلس الدفاع الأعلى في الخلاف بين جهاز المعلومات ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس، حيث تقول مصادر مطلعة أن هذا الموضوع استحوذ على الحَيّز الأكبر من الحديث داخل الاجتماع من باب العلاقة بين الأجهزة الأمنية والقضائية. وعلمت “الجمهورية” انّ وزيرة الداخلية ريا الحسن طلبت توضيحات حول ما حصل، مُنتقدة الطريقة التي يتم من خلالها التعاطي مع الأجهزة الأمنية من قبل القضاء. وقالت: نريد تعليمات وقرارات واضحة إذ لا يجوز في كل مرة رَمي المسؤولية على الأجهزة وإلقاء اللوم عليها. فيما ذكرت معلومات أخرى أن الخلاف بين جرمانوس و”شعبة المعلومات” لم يبحث على طاولة مجلس الدفاع الأعلى مطلقاً.
وطالب رئيس الجمهورية باتخاذ قرار واضح بتطبيق القانون بشكل يضع حداً للصراع القائم، فأوضح وزير العدل أنّ الأجهزة الأمنية تتحول الى ضابطة عدلية اذا وضعت يدها على قضية معينة او عملية ما بالجرم المشهود وتبدأ التحقيق، لكنّ استمرار الجهاز الأمني بالتحقيق يحصل بقرار من النيابة العامة، فإمّا تكلفه الاستمرار بالتحقيق او تقرر نقله الى جهاز آخر وفق الاختصاص بناء على إشارة النائب العام. ودار نقاش حول الموضوع انتهى الى قرار صارم بتطبيق القانون، وطلب من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الاستمرار بالقيام بمهامه الى حين تقاعده، كما تم الاتفاق على الإسراع في المحاكمات والبَت بالأحكام والدعاوى العالقة وخصوصاً تلك المتعلقة بالمجلس العدلي، وتطرّق البحث الى أوضاع السجون المكتظة.
وحول عمليات التهريب، قرر مجلس الدفاع تشديد الإجراءات ورفعها على الحدود الشمالية والجنوبية مع سوريا، لأنّ الإجراءات المتخذة الآن لم تنجح بمنعها وتم الاتفاق على مصادرة البضاعة فوراً من دون اي تسويات والمهرّب يعاقب ويغرّم، أمّا الدخول خلسة فيعالج بالإبعاد الفوري من دون التوقيف لدى الأجهزة اللبنانية، إذ تقرر ان يتم تسليم من يدخل بطريقة غير شرعية الى السلطات السورية فوراً.
امّا في شأن العمالة، فقد قرر مجلس الدفاع التشدد بالعمالة الأجنبية فيتم توقيف كل أنواع العمل غير المرخّص، وطلب الى البلديات والقوى الأمنية تطبيق القانون كلّ بحسب اختصاصه، وستصدر الحسن تعميماً بهذا الامر يتم إبلاغه الى كافة البلديات وبدء العمل به فوراً.
على صعيد آخر، قالت مصادر المجتمعين انّ البحث تأجّل بالتعديلات المقترحة على مكتسبات “التدبير رقم 3” في الجيش، بعدما تقرر البحث فيه أثناء البحث بموازنات الوزارات كلّ على حدة، وكذلك بملف تلال كفرشوبا وشبعا بعد قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل.
لافروف
من جهة ثانية، وفي تطور سياسي لافت للانتباه، زار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، أمس، موسكو، والتقى مساء وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، وجرى بحث العلاقات اللبنانية – الروسية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.