الرئيسية / آخر الأخبار / حاصباني: الحكومة لا تثق حتى بنفسها وآمل ألا نكون تأخرنا بمواجهة كورونا

حاصباني: الحكومة لا تثق حتى بنفسها وآمل ألا نكون تأخرنا بمواجهة كورونا

مجلة وفاء wafaamagazine

 اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني أن “القرارات الكبيرة المنتظرة من الحكومة لم تصدر بعد، وقد يكون هناك خشية من ردة فعل الناس والسياسيين المعارضين للحكومة وكذلك السياسيين، الذين يقفون وراء تشكيل هذه الحكومة، وبالتالي وقع رئيس الحكومة والحكومة في حلقة مفرغة، وهناك حالة ضياع كاملة، ونتمنى للحكومة الصحوة والجرأة، كي تعالج أولا، الوضع المالي والأزمة الصحية، اللذين تعيشهما البلاد وتنطلق بالعمل التنفيذي”.

وقال حاصباني في حديث لإذلعة “الشرق”: “طالبنا بحكومة اختصاصيين مستقلين، فأتوا بحكومة فيها أصحاب اختصاص ومثقفين. الناس كانت تريد حكومة جاهزة بمشروع وخطط، فتبدأ العمل منذ اليوم. حتى الآن نرى دراسات ولجانا وخبراء واستشاريين، ويبدو أن هذه الحكومة لديها أسئلة أكثر بكثير من الأجوبة، فيما يجب على الحكومة أن تكون مصنعا لا مختبرا. ففي المختبر قد نأخذ سنوات لوضع معادلات، أما في المصنع فتكون المعادلة جاهزة، ويبدأ التصنيع من اليوم الأول. لقد قدمت بيانا وزاريا مؤلفا من أفكار عدة غير مترابطة، فاكتشفنا أن الحكومة امتداد لتفكير سابق وقديم، وهي مستمرة بالنهج المتبع منذ سنوات عدة، لإلغاء السلطات والهيئات الرقابية المستقلة”.

أضاف: “إنهم يسعون اليوم، كي يكون دور الوزير السياسي، هو الأساس في كل القرارات العملية والتشغيلية، فأساس الإصلاح أن تقوم هيئات مستقلة في العمل، وهناك بلدان عدة، عمدت إلى الغاء الوزارات، في ظل هذه الهيئات، التي تشرف على المنافسة بين القطاع الخاص، والعكس هو الصحيح لدينا، إذا ورد في البيان الوزاري جملة، تدق ناقوس الخطر، وهي تدعو إلى تعديل قانون الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة، وتبين أن غالبية هذه التعديلات، تصب في إلغاء صلاحيات الهيئة الناظمة، فتصبح هيئة شبه استشارية، وبالتالي يعود القرار بالكامل للوزير مجددا، وهذا الأمر تم في قطاع الاتصالات، حيث نسفت الهيئة الناظمة، فيما بقي موظفوها يتقاضون الرواتب”، معتبرا أن “هذا التوجه خطير جدا، لأنه معاكس تماما لتوجه الإصلاح”، لافتا إلى أن “الإصلاح لا يعني ديكتاتوريات تتحكم في الإدارة، ونضع كل الأمور في يد القطاع العام، هذا النهج يطلق يدي الوزير، ويخلق ممالك أو والي يعود إلى الملك، الذي سيقول له ماذا يجب أن يفعل”.

وتابع: “بغض النظر إذا كان هناك جولات إلى الخليج أو غيره أم لا، فهذا لا يعني أن اللقاءات ستصدر عنها قرارات إيجابية، إذا كان التصرف في المكان الخطأ. الدول كانت واضحة معنا، بأنه علينا أن نحسن وضعنا، ونقوم بالإصلاحات اللازمة، كي تقف إلى جانبنا، المجتمع الدولي واضح، وهو يرجح أن نصل إلى مرحلة ذات طابع إنساني واجتماعي صعب جدا، ورغم ذلك هذا النوع من المساعدات، لن يأتي إذا لم تقم الحكومة بالإصلاحات الجذرية المطلوبة”، معتبرا أننا “ما زلنا في حالة إنكار مميتة لواقعنا، والبحبوحة العالمية غائبة والظروف الإقليمية تعاكسنا، وواضح بأن الدول لن تتدخل بأي شيء لمساعدة لبنان، الذي يعاني من الهدر والفساد وسوء الإدارة، إلا إذا قمنا بالإصلاحات”.

وإذ عرض “العوامل التي أوصلتنا، إلى ما نحن عليه من حيث ارتفاع الدين وانعدام النمو منذ العام 2010، حيث كان الدين العام لا يزال محدودا، ولا يتخطى 50 مليار دولار والناتج المحلي فوق 60 مليارا دولار”.
قال: “العامل الأول هو انتهاك سيادة الدولة ووجود سلاح خارج قرارها وخطاب سياسي متشنج، وهذا أدى إلى انقطاع السياح العرب عن القدوم إلى لبنان في السنوات العشر الماضية، ويقدر تراجع السياح العرب واستثماراتهم بخسارة 12 مليار دولار، تراجع ودائع المغتربين وبعض المودعين الأجانب بنحو 10 مليار دولار، وانخفاض الثقة الاستثمارية العامة، أفقدنا بحدود 14 مليار دولار لمدة 10 سنوات.
– العامل الثاني، هو تعطيل التشريع في مجلس النواب، وتعطيل عمل الحكومة، واستمرار البلد لأكثر من سنتين، من دون رئيس جمهورية، وهذا كلفنا ديونا متراكمة بحدود 11 مليار دولار إلى جانب الانخفاض بالنمو المحلي، بنحو مليارين، وهذا فقط في مرحلة التعطيل.
– العامل الثالث، هو سوء الإدارة والهدر. كلفته تقريبا 33 مليارا، منها 27 مليارا جراء دعم الكهرباء وسوء الجباية، والتهرب الجمركي وفلتان الحدود البرية، تقديره 15 مليار دولار على 10 سنوات.
– العامل الرابع، كلفة النزوح السوري التي قدرت ب17 مليار دولار، وكبدتنا أعباء على البنى التحتية وغيرها”.

أضاف: “إذا جمعنا كل هذه الخسائر والديون والفرص الضائعة، فهي تشكل أكثر من 99 مليار دولار، مؤكدا أن “خلال السنوات العشر الماضية كانت القوات اللبنانية، كفريق سياسي، تعود تدريجيا إلى الحكم، حيث رفعت الصوت ودقت ناقوس الخطر، وها هم الناس تحركوا اليوم”.

وفي ملف التنقيب عن النفط والغاز، قال: “إننا في الخطوة الأولى في مسار النفط والغاز”، مذكرا بما قاله في العام 2012: “علينا أن نتنبه ألا يكون نفط وغاز لبنان نقمة لا نعمة، فحين يتم الحديث بشكل كبير عن مخزون الطاقة في بلد معين، إن لم يكن البلد يتصرف بمسؤولية، يصبح يتصرف بتهور، على أمل استخراجها. بالطبع نأمل خيرا ولكن بحسب دراسات الكميات المتوقعة، لن تقدم مردودا ماليا كبيرا للدولة اللبنانية، استخراج النفط أو الغاز يساعد، أكان عبر المداخيل المالية منه أو عبر خلق فرص عمل، هذا الامر يساعد الدولة ولكن لا يسدد الديون”.

وردا على سؤال، أجاب: “أي إنجاز بسيط يعلن، يسارعون إلى تبنيه منفردين من قبل مجموعة واحدة، أما الفشل فيرمونه على الغير. يجب العمل كمجموعة واحدة وفريق عمل يتشارك الإنجازات ويتحمل الفشل مجتمعا. إنجاز بحجم التنقيب عن النفط، تطلب مجالس وزراء ونقاشات عدة.
نحن كفريق سياسي في مجلس الوزراء دعمنا هذا الملف، وسهلناه وأعطينا ملاحظاتنا بكل إيجابية، ومر الأمر في الحكومة، للاسف لم يقولوا إن أحدا لم يعرقل، أو إن الجميع سهل الأمر، لكن عندما رأينا شوائب في مشاريع أخرى، وكنا في المرصاد، اتهمنا بالعرقلة”.

وردا على سؤال عن كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عن “دخول لبنان نادي النفط، وأن هذا الحلم النفطي، تحقق بفضل جهود تكتل التغيير والإصلاح والوزير جبران باسيل، ومن تعاقب من بعده في وزارة الطاقة لتحقيق هذا الحلم”، أجاب: “إذا كان فضل إنجاز الغاز سيحمله هذا الفريق منفردا، فليتحمل إذا، كل ما حصل في لبنان من ديون، ففي السنوات العشرة الماضية، حيث تسلم هذا الفريق السياسي وزارة الطاقة، تكبد لبنان 30 مليار دولار خسائر، نحن ندفع ثمن ذلك اليوم، من خلال ما يعانيه المواطنون في المصارف.
الآن نرى مراحل يوضع فيها رئيس الجمهورية في موقع رئيس حزب، رغم أنه كان من المفترض أن يكون لجميع اللبنانيين، وليس لفريق سياسي واحد، وبما أن الرئيس نسب كل المسؤولية لوزارة الطاقة، ولمن تولاها في ملف الغاز، وفق ما هو متوقع من أرباح من كمية الغاز المتوقعة، نقول إننا بحاجة ل 15 سنة تنقيب نفط وغاز وبيع، لتعويض خسائر 10 سنوات كهرباء، لذلك الفريق السياسي الذي يخبرنا أنه بفضله اكتشفنا النفط ليتحمل الخسائر أيضا”.

وقال: “حين انطلقت الثورة، كانت أشبه بشجرة تنمو في الربيع، فعمد بعضهم إلى تشحيل أغصانها، عامل السيادة ممنوع تناوله، والتهديد أصبح عبر بعض الذين يدفع بهم إلى الساحات، كما وضعت محرمات في الكلام، وترك المجال للحديث عن الفساد والهدر، وهو عامل مهم، بما وصلنا إليه، ولكن هناك عامل سياسي رئيسي، وهو تسبب بتعطيل المؤسسات وبتعزيز الفساد، لقد حاولوا خلق مرشد للثورة والقيام بتنفيسها، ولكن حين تكون هناك إرادة شعبية حقيقية فلا تنطفئ الثورة. مع الثورة المحاسبة باتت واضحة أكثر، دور الشعب بات أمرا واقعا في تغيير المصير، ولكن المسار لا يزال طويلا وشاقا، لتأكيد الإصلاحات المطلوبة، والوصول إلى ما يريده الناس، الأساسات الكبرى لم تتغير، لكن الثورة غيرت طريقة التعاطي والمقاربة بعض الشيء، نحن مع الثورة في الدعوة إلى انتخابات مبكرة وفق القانون الحالي، لأن أي شخص يدعو إلى مناقشة القانون، يعني أنه يدفع إلى تأجيل إجراء الانتخابات لربح الوقت، طموح الثورة ما أصبحت عليه القوات، منذ 4 سنوات أي تعارض وتصوب وتدخل في النظام السياسي، عبر الانتخابات لتصحيح الأمور من داخل المؤسسات”.

وفي موضوع صندوق النقد الدولي، قال: “الحكومة أكدت أن لا خطة لديها، وهي لا تزال تعمل على ذلك، ولكن عدم سداد الديون من دون خطة، يفتح علينا بابا عريضا من المشاكل المالية المستقبلية الكبيرة جدا، وستفقد الثقة من قبل داعمي أو مديني لبنان كليا، وأي دعم، هو مرتبط بخطة للحكومة مرتبطة بالإصلاحات وبكيفية عملها”، مشدد على أنه “سيكون للقرار الذي ستأخذه الحكومة، بشأن تسديد استحقاق 9 آذار المقبل، تأثير مباشر على المواطن وأمواله في المصرف وعلى أمنه الغذائي، لذلك يجب ألا تمس الحلول بالمواطن وودائعه”.

أضاف: “نحن أعطينا فرصة لهذه الحكومة، ولكن الوقت يداهمنا، وأنا أطلقت أفكارا للحل، وأتمنى أن تنال جزءا من النقاشات، لقد هدرت الدولة الأموال بمؤسسات وإدارات وربما بطريقة مشرعة، ومن الحلول التي اقترحها، خلق مؤسسة سيادية قابضة، توضع فيها كل أصول الدولة من اتصالات، إدارة، مرافئ، سكك حديد وأمور أخرى، مثل بعض المؤسسات العامة، وهكذا يفتح مجال للناس لملكية مباشرة لهم، عبر حصولهم على أسهم فيها، عوض المس بمدخراتهم في المصارف، تكون هيئة إدارية لهذه المؤسسات، بأعلى معايير الشفافية الدولية، ويكون هناك هيئة إدارية بمعايير دولية شفافة، وبمساعدة وإشراف من الصناديق الدولية الداعمة للبنان، من دون إدارتها”، داعيا إلى “إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وأن لا يدفع المواطن الثمن، جراء تكبدها بعض الخسائر”.

وتابع: “الثقة بلبنان فقدت كليا، وجميع المانحين يتحدثون عن صندوق النقد الدولي، لأنه يدقق بالخطط وجدواها، كي يعطيهم تقريرا كاملا عن مدى إمكانية الدولة اللبنانية تطبيق الخطط المطروحة، الحكومة لا تثق حتى بنفسها، وهذا يدل على خوف من اتخاذ القرارات، لذلك المجتمع الدولي، يطلب اتخاذ القرارات فورا، ليساعدنا العالم”.

وفي موضوع “فيروس كورونا”، قال: “كلما تأخرت ردود الفعل والإجراءات للتصدي له، كلما تفاقمت المشكلة أكثر، فالمرض لا يظهر فورا. لقد غردت منذ بضعة أيام مطالبا بتوقيف الرحلات المباشرة مع الدول، التي ينتشر فيها كورونا بشكل كبير، وقد ذكرت إيطاليا وايران، كي لا يتحجج البعض بخلفيات سياسية، خطوات الحكومة بموضوع كورونا متأخرة، وآمل أن نعالج الأمر بشكل سريع، لأن الوقت لا يسمح بالمماطلة، اليوم اضطررنا لإقفال المدارس، لكن، ماذا إن انتشر الفيروس بشكل كبير، وأصبح لبنان من الدول التي يطلب العالم بحظر السفر إليها، يعني إن كان لدينا متنفس صغير للناس للعمل خارج لبنان، وإدخال الأمول يتوقف الأمر أيضا، ونصبح في عزلة مالية وصحية، لذا المطلوب العمل سريعا من دون تردد، وآمل ألا نكون قد تأخرنا”.