الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / النائب العام يمنع محاسبة المصارف ويغطي المخالفات 7 بنود تحرم المودعين من دولاراتهم ولا تعيد الأموال المهربة الى لبنان

النائب العام يمنع محاسبة المصارف ويغطي المخالفات 7 بنود تحرم المودعين من دولاراتهم ولا تعيد الأموال المهربة الى لبنان

مجلة وفاء wafaamagazine 

 ‎ماذا يحصل في لبنان؟‎
فيما تضجّ البلاد بنزوع مجلس القضاء الأعلى الى تشكيلات قضائية تهدف الى إبعاد القضاء عن السلطة السياسية ‏ومتفرعاتها، وفي ظل تواطؤ بين قضاة العجلة و”مجهول” نصحهم أو تمنّى عليهم عدم قبول دعاوى المودعين ‏بحق المصارف التي تحتجز أموالهم، وفي اللحظة التي قامت فيها قيامة كل حماة النظام السياسي والمصرفي ‏والاقتصادي والأمني لنصرة المصارف في وجه النائب العام المالي علي إبراهيم، خرج الى العلن النبأ عن ‏‏”توافق” بين النيابة العامة وجمعية المصارف على إجراءات خاصة بالتعامل مع الزبائن والمودعين. وقد جرى ‏تسريب بيان، بعد “الاجتماع” الذي عقد بين النائب العام غسان عويدات والنائب العام المالي يتضمن “اتفاق البنود ‏السبعة‎”.‎
يأتي ذلك، أيضاً، في وقت قرر فيه لبنان تعليق سداد الدين العام والمباشرة في مفاوضات مع الدائنين الداخليين ‏والخارجيين للاتفاق على إعادة هيكلة، وفي ظل إعلان رئيس الحكومة حسان دياب ضرورة اعتماد سياسات مالية ‏ونقدية جديدة، ودعوته ــــ صراحة ــــ الى إعادة هيكلة القطاع المصرفي. كما في وقت لا يزال فيه حاكم المصرف ‏المركزي رياض سلامة يحتجز الأرقام الرسمية عن موجودات الدولة، وفيما يبكي رئيس جمعية المصارف سليم ‏صفير لعدم وجود أموال في حوزة المصارف، وفي ظل إصرار على كتمان حجم الأموال التي حوّلها هؤلاء، ‏ومعهم كبار السياسيين والأثرياء، الى الخارج. وبعدما أظهرت المداولات بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان ‏وجمعية المصارف، والتحقيقات التي أجراها النائب العام المالي، خروج نحو 3 مليارات دولار خلال أقل من عام، ‏قسم كبير منها يعود الى كبار المودعين وأصحاب مصارف وأفراد عائلاتهم وسياسيين‎.‎

وقبل عرض البنود التي انتشرت أمس عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بوصفها تعالج جزءاً من مشكلة ‏المودعين، فيما هي في الواقع تعالج جزءاً أكبر من مشكلة المصارف، يجب مصارحة النائب العام ــــ ومن خلفه وزارة ‏العدل والحكومة ورئيس الجمهورية ــــ بأن ما حصل، في الشكل والمضمون، يمثل الكارثة بعينها… كارثة أن يتحول ‏القضاء، فجأة، الى “شيخ صلح” في نزاع غير عادي قائم بين نحو مليونَي مواطن ومقيم، وبين بضع عشرات من ‏رجال المال المسيطرين على القطاع المصرفي، سواء كانوا مالكين أو مساهمين أو كبار المودعين‎.


فبعد تجميد قرار النائب المالي بـ”منع تصرف” المصارف بأصولها، تحول أصحاب هذه المصارف الى “ضيوف” ‏في حضرة القضاء. تمّت دعوتهم الى اجتماع من دون أن تُعرف الصفة التي ذهبوا بها الى النائب العام التمييزي: هل ‏هم شهود أم مشتبه فيهم أم ماذا؟ وما علاقة النائب العام ليقوم بعمل ليس من بين مهماته، أم أنه تطوّع أيضاً لمساعدة ‏رياض سلامة حيث لا يجرؤ الأخير على تحمل المسؤولية في هذه اللحظة؟ وهل لبنان مقبل على قواعد جديدة، يتم ‏وفقها ملاحقة مواطنين عبّروا بغضب عن رفضهم لسياسات المصارف، بينما يؤخذ بمسودة بيان يكتبه المصرفيون ‏ويتحول الى وثيقة سنجبر، نحن المواطنين، على التعامل معها على أنها أساس قانوني من الآن وصاعداً‎.
وإذا كان سلامة ومعه المصارف يريدون تحميل المسؤولين نصيبهم من الخسارة العامة للبلاد، فما علاقة النائب العام ‏ليتولى تهريبهم في هذه اللحظة؟ ومن أين أتى بالمواد القانونية والدستورية التي تتيح له القيام بما قام به أمس؟ وهل ما ‏قام به قابل للنقض، أم أن المصارف ستتسلح به غداً عندما ترفض هذا الطلب أو تقمع ذاك المودع؟‎


ما جرى أمس يمثل فضيحة. ومرة جديدة، بات لزاماً على رئيس الحكومة استدعاء النائب العام، ومعه كل النواب ‏العامين، وفي حضور وزيرة العدل وكل من يهمهم الأمر ــــ ولعلّه يستدعي أيضاً كل الضابطات العدلية العاملة مع ‏النيابات العامة ــــ ليفهمهم بأن الوضع استثنائي الى درجة لا يحق لهم معها المبادرة الى خطوات لم يعلم بها غالبية ‏الوزراء أمس، وإلى فهم أن الأمر لم يعد يحتمل أي محاباة تعوّد عليها اللبنانيون وقبلوا بها مرغمين، باعتبار أن ‏المصارف والقضاء جزء من هذا النظام الفاسد المستولي على مؤسسات الدولة السياسية التشريعية والتنفيذية وغيرها‎.‎

وبالعودة الى الورقة ــــ التسوية، فإن النتيجة الأولى الفعلية للنقاط السبع، هي إسباغ شرعية قضائية على القيود ‏والضوابط التي فرضتها المصارف على المودعين، مقابل استمرار القضاء في تجميد قرار “منع التصرّف” الذي ‏أصدره القاضي إبراهيم الخميس الماضي بحق 20 مصرفاً. وسيتحول النص ــــ الفرمان، الى ذريعة بيد ‏المصارف لتغطية ممارساتها غير القانونية. بهذا المعنى، فإن التزام المصارف أمام عويدات وإبراهيم بسبع نقاط ‏لا يتضمن أي منها ما يتيح للمودعين سحب أموالهم بالدولار أو الحصول على رواتبهم بالدولار، هي أصلاً مطلب ‏للمصارف‎.


يشير المحضر المسرّب إلى أنه عند الرابعة والنصف عصراً، عقد اجتماع في مكتب عويدات ضم إبراهيم ‏وقاضيين آخرين من النيابة العامة المالية، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وعضوي مجلس الإدارة نديم ‏القصار ووليد روفايل، بحضور المحاميين شهدان الجبيلي وكارلوس أبو جودة عن المصارف. وطلب عويدات من ‏المصارف الالتزام (خلال سنة) بمنح المودع حق سحب 25 مليون ليرة لبنانية شهرياً وما فوق. وقبض الراتب ‏بالليرة اللبنانية 100% فوراً وغبّ الطلب، كذلك تحويل كلفة التعليم في الخارج بالعملة الصعبة وكلفة المستلزمات ‏الطبية والغذائية الضرورية غير المصنّعة في لبنان. والسماح بحرية التصرّف بالـ‎ Fresh Money ‎سحباً ‏وتحويلاً، وأخيراً عدم تحويل أموال المودعين من العملة الصعبة (الدولار) إلى الليرة اللبنانية من دون موافقتهم‎.


ماذا يعني هذا المحضر؟

إنه يشير بشكل مباشر إلى أن القضاء تولّى عملاً بدل سلطات أخرى. فالمعروف أن سلامة رفض إصدار تعميم ‏يشرّع القيود التي فرضتها المصارف بذريعة عدم توافر الصلاحيات لديه، ورفض رئيس مجلس النواب نبيه برّي ‏إعداد وعرض مشروع قانون بهذا المعنى على مجلس النواب. وعندما لاحت بوادر تسوية على إقراره، أعدّ سلامة ‏مشروعاً يطلب فيه إعطاءه صلاحيات استثنائية غير محدّدة لإصدار تعميم يشرّع القيود. بدا من النقاشات في ذلك ‏الوقت، أن هناك حاجة لتغطية سياسية، لكن المشروع نام في أدراج وزيرَي المال السابق علي حسن خليل ‏والحالي غازي وزني. والأخير انتظر حتى تمنح الثقة للحكومة، ثم قال إنه يعدّ مشروعاً سيعرض على مجلس ‏الوزراء في الجلسة الأخيرة. لكن المشروع لم يبصر النور‎.


تقاذف مشروع الـ”كابيتال كونترول” دفع به إلى القضاء. ما لم تقم به القوى السياسية، يقوم به القضاء. لا أحد ‏يعلم مدى شرعية مثل هذه الخطوة التي تلزم المصارف بأمور متعلقة بعلاقاتها مع الزبائن من خلال محضر ‏اجتماع! وهو محضر لا يعالج سوى الجزء الذي تسعى المصارف إلى معالجته منذ فترة طويلة لأنه سيخفف عنها ‏أعباء الدعاوى المرفوعة بحقها. فالقضاة النزيهون يحكمون لمصلحة الزبائن ويفرضون على المصارف تسديد ‏الأموال نقداً أو تحويلها إلى الخارج. لكن طريقة المعالجة اليوم على شكل إلزام محصور بـ”الحاضرين”، أي ‏بثلاثة مصارف هي: بنك بيروت والبنك اللبناني الفرنسي وفرنسبنك، أمر غير مقبول. فمن قال إن المصارف ‏ستتجاوب؟ ولمن سيلجأ المتضرّر إذا لم يستجب أيّ من هذه المصارف أو أي مصرف آخر؟ والطامّة الكبرى ‏بتعليق معالجة سحب الودائع والرواتب بالدولار إلى اجتماع لاحق مع سلامة. فمن قال إن الأخير سيتجاوب ‏لمعالجة الودائع بالدولار؟ ومن قال إن المصارف ستتجاوب؟ ومن قال إن هناك آلية لإلزامهما بأي تجاوب إذا ‏حصل؟‎


عملياً، انخراط القضاء بهذا الملف لا تزال فاعليته متواضعة قياساً الى ما التزمت به المصارف لجهة النقاط السبع، ‏وعلى الأداة القوية التي يجري التفاوض حولها مواربة أو مباشرة، أي قرار “منع التصرّف” الذي أصدره ‏القاضي إبراهيم بحقّ 20 مصرفاً، ثم جرى تجميده في مساء اليوم نفسه بقرار من عويدات. فالثابت من المحضر ‏أن المصارف تتحايل على الزبائن، وأن القضاء يحاول تقويم بعض من سلوكها، لكن ليس واضحاً إلى أي مدى ‏يمكن فرض هذا السلوك بآليات غير واضحة‎.‎


الوصايا السبع‎
جاء في محضر الاجتماع الذي سُرّب أمس، أن النائب العام التمييزي غسان عويدات طلب الى المصارف الالتزام ‏بالآتي‎:


أولاً: خطّة التعامل مع صغار المودعين، وتتمثّل بسحب 25 مليون ليرة لبنانية شهرياً وما فوق‎.


ثانياً: قبض الراتب بالليرة اللبنانية 100% فوراً وغبّ الطلب‎.


ثالثاً: دفع كلفة التعليم والأقساط في الخارج بالعملة الصعبة بعد تقديم المستندات اللازمة‎.


رابعاً: تأمين التحويلات الضرورية في ما يتعلق بالمستلزمات الطبية، وذلك بموجب تعميم مصرف لبنان‎.


خامساً: حرية التصرّف الكامل بالـFresh Money ‎من ناحية السحب والتحويل‎.


سادساً: تأمين التحويلات اللازمة بالنسبة إلى المستلزمات الغذائية الضرورية غير المصنّعة في لبنان، مثل حليب ‏الرضّع‎.


سابعاً: عدم تحويل أموال المودعين من العملة الصعبة (الدولار) إلى الليرة اللبنانية من دون موافقة أصحاب الحسابات‎.


وجاء في المحضر ما حرفيته: “التزم الحاضرون من جمعية المصارف التقيّد بالنقاط السبع لمدّة سنة على الأقل”، لافتاً ‏إلى أنه سيُعقد اجتماع لاحق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “لإيجاد آلية في ما يتعلق بحسابات المودعين ‏بالعملات الصعبة (الدولار) وبالرواتب الشهرية المدفوعة بالعملة الصعبة‎”.‎

 

 

المصدر: الأخبار