مجلة وفاء wafaamagazine
هنأ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان المسلمين عموما واللبنانيين خصوصا بذكرى المبعث النبوي، موجها رسالة لهم جاء فيها: “كل عام وأنتم أيها المسلمون بخير في أيام المبعث النبوي الشريف هذا الفصل العظيم، الذي مثل أكبر عنايات الله بخلقه ورحمته ببريته، حيث تجلى لهم بصوت أنبيائه ورسله، ليبين الوظيفة الرئيسة التي فرضها على خلقه، التزاما وانتماء وانقيادا وطاعة لسنته، وهو ما صرح به سبحانه وتعالى عندما قال (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) فجعلهم الدليل عليه، والسبيل إليه، ثم ختم وظيفتهم بأكبر الأنبياء وأعظمهم محمد، الذي أخذ ميثاقه على كل أنبيائه، فقال (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلك مإصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين).
وأضاف قبلان في رسالته: “مع نبينا محمد اكتملت النبوة وتمت الرسالة وتجلت أكبر رحمات الله واستوفت عندها الخليقة ما لها وما عليها، فكان المقصود الإلهي من هذه النبوات وهذه النبوة العظيمة أن تربح الخليقة عملية اختبارها في عالم الدنيا من أجل الآخرة، حيث البقاء لا الفناء، فمن التزم الحق والعدل وصبر وثبت وجاهد وتبين وسعى من أجل الحقيقة واستثمر كل إمكانياته في سبيل الخير، وفي سبيل العدل والاستقامة والوعي والإحسان والأمان، ووظف كل ذلك من أجل الخير العام، وتأكيدا لحق هذا الإنسان، بدولة عادلة وظيفتها خدمة الإنسان، وضمان مصالحه المشروعة، وهو ما أكده المولى سبحانه وتعالى فينا وهو مطلوبنا اليوم، أن نجير كل شيء من أجل الإنسان فإذا تحولت السلطة امتيازا ذاتيا أو فرصة للعائلة والأتباع والصفقات ضاعت السلطة وضاع مشروعها، وضاع ناسها، وهو ما عانينا منه طويلا في لبنان، وما زلنا.
وعليه نؤكد ونحن في هذه الذكرى المباركة على ضرورة تنظيف وتعقيم وتطهير السلطة من الفساد، ومنعها من كافة أشكال الأنانية، وإلزامها بإعادة تأهيل ذاتها على النحو الذي يفي الإنسان حقوقه ويحترم إنسانيته”.
ودعا إلى “حماية ما تبقى من الدولة ومنع حيتان المال من نهش ونهب هذا الشعب، وبخاصة الطبقة العاملة والأكثر فقرا التي باتت بحاجة إلى عملية إنقاذ حقيقية من الكوارث المختلفة، وفي مقدمها هذا الوباء المستجد الذي يهدد حياة اللبنانيين جميعا، ما يفرض على الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها أن تكون مستنفرة ومجندة في خدمة الناس وتأمين كل مستلزمات المواجهة الصحية والحياتية والاجتماعية وتحويل الضرائب والرسوم لصالح من يدفع، وليس لصالح لصوص المال العام، ومزاريب الهدر”.
ولفت الى أن “على السلطة أن تستعيد الدولة من الدويلات المصرفية والمالية وجماعة النفوذ والنخب، وتجار الأزمات، الذين نهبوا الدولة والناس لأن منطق الدولة يعني ملاحقة الفاسد واسترداد المال العام، وحماية مشروع الناس بسلطة عادلة ونظيفة وقوية”.
وتوجه قبلان من خلال هذه المناسبة العظيمة للبنانيين بالقول: “عليكم الالتزام بالتعليمات والإرشادات والعزل المنزلي وعدم الخروج إلا للحالات الضرورية ولأن المرحلة صعبة وكارثية، إذا لم نتعاون وننضبط ونطبق ما يصدر عن وزارة الصحة وعن كل المختصين والباحثين، فالمصيبة كبيرة والنتائج مدمرة على كافة الأصعدة”.
كما طالب الحكومة “القيام بمسؤولياتها وتأمين الحد الأدنى من مقومات الصمود للفقراء والمحتاجين، وعلى القادرين من أصحاب الأموال والمصارف والشركات أن يشاركوا في هذه المعركة الوطنية في عملية إنقاذ أنفسنا وإنقاذ بلدنا، فالوضع مخيف وكارثي، فلنتنادى جميعا ولنساهم إلى جانب الدولة في عملية إنقاذ انفسنا وبلدنا”.
وختم قائلا:”مع البعثة النبوية، يؤكد الله علينا حق الحقيقة، حتى لا نرضى بغيرها، ويؤكد على العدل حتى لا يضيع العدل بميزان السلطة وقوس القاضي واشترط علينا الوعي لتأكيد الأولويات وألزمنا الإرادة الاندفاع لأن الانتساب لله فعل وقيم ومبادئ وثورة ومطالبة ومعارضة لكافة أشكال الفساد والباطل والانحراف، وهذا يفترض علينا الصراحة والامتثال منعا للتملق والسكوت والتراجع. جعلنا الله وإياكم من أهل الله وأتباع أنبيائه وأوليائه، لأن التجربة البشرية أكدت أن من ترك طريق الصواب، طريق الحق، ومن أقفل أذنيه عن أصوات أنبيائه تحول ذئبا همه نهش الأمم والشعوب ولو عبر الغزوات المالية والاقتصادية وغيرها”.