مجلة وفاء wafaamagazine
سلط موقع “أويل برايس” الضوء في تقرير على الرابحين والخاسرين من فائض النفط العالمي (تخمة العرض)، في ظل استمرار انهيار الطلب المتأثر بعمليات الإغلاق والقيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
ورغم اتفاق منتجي النفط بمنظمة أوبك وحلفائها بقيادة روسيا على تخفيض الإنتاح 9.7 مليون برميل يوميا ابتداء من أيار المقبل، إلا أن سعة تخزين النفط في العالم ستكون ممتلئة قبل منتصف أيار، وفقا لكثير من المحللين.
وانهارت أسعار النفط الأميركي إلى أكثر من 300 بالمئة، خلال تداولات الإثنين، وسجلت سالب 37 دولارا للبرميل عند التسوية.
وتحولت العقود الآجلة للنفط الأميركي لأقرب استحقاق أثناء تعاملات الاثنين إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكا على موعد تعافي استهلاك الوقود.
وهبطت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط للتسليم في أيار 55.90 دولار، أو 306 بالمئة، إلى ناقص 37.63 دولار للبرميل بحلول الساعة 18:34 بتوقيت غرينتش، فيما تراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 9.2 بالمئة إلى 25.43 دولار للبرميل.
ويرى الخبير الاقتصادي بالبترول والطاقة مايكل لينش أن قطاعات من صناعات النفط وبعض البلدان والشركات ستكون بمنزلة الرابح الأكبر من هذه الأزمة مقابل آخرين خاسرين، بحسب مقال نشره في مجلة “فوربس”.
الخاسرون
يعتبر منتجو أوبك الذين لا يملكون طاقة تكرير كافية للنفط، ولا يملكون عقود توريد طويلة الأجل مع الدول المستوردة هم الأكثر خسارة، وهم في هذه الحالة: أنغولا ونيجيريا والعراق، وفقا للخبير الاقتصادي.
ويوضح سبب ذلك بأن العراق الذي يمثل ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك يبيع معظم الخام الذي ينتجه، كما أن السعودية تفعل ذلك أيضا.
لكن الوضع مختلف بالنسبة للسعودية (أكبر منتج للنفط)، لأنها عقدت بعض الصفقات المحورية خلال السنوات الأخيرة مع الصين (أكبر مستورد للنفط)، مما يضمن لها الطلب على المدى الطويل على خامها في السوق.
ووفقا لتقديرات لينش، فإن قدرة المصافي لكل دولة عضو بمنظمة أوبك وحسب إنتاجها المستهدف خلال شهري أيار وحزيران القادمين، تظهر أن طاقة التكرير المحلية المجمعة لهذه الدول تمثل نصف ما ينتجونه في حال التزموا جميعا بحصصهم حسب الاتفاق.
وينوه إلى أنه لو أخذنا بعين الاعتبار أن التزام الدول بالاتفاق لن يكون بنسبة 100 بالمئة، فهذا يعني أن أعضاء أوبك سينتجون أكثر من ضعف طاقتهم التكريرية للنفط.
وعليه، فإن البلدان التي لديها عقود توريد نفط طويلة الأجل ستكون في وضع أفضل من تلك التي تعتمد على مبيعات الخام الفورية، وفق لينش الذي ينبه إلى أن أسواق النفط الفورية تواجه مشاكل في الطلب حاليا.
ويقول إن “الدول المنتجة للنفط التي لديها حصص أعلى من المبيعات الفورية لن تكون قادرة على التخزين مقارنة بغيرها، كما أن المصافي الضخمة التي تعاني من زيادة المعروض ستحاول التخلص من بعض العقود طويلة الأجل”.
وعلى صعيد الشركات، فإن الشركات التي لديها قدرة أكبر على تكرير الخام سيكون لديها مصافي تكرير لترسل إليها الفائض، مع العلم أن سوق المنتوجات المكررة ضعيف أيضا، لأن الطلب على البنزين والديزل ووقود الطائرات منخفض في جميع أنحاء العالم.
وسيتحمل موزعو المنتوجات المكررة (البنزين والديزل وغيرها) أكبر الخسائر في هذه الأزمة، حيث إن الاستهلاك في حدوده الدنيا، كما هو الحال على سبيل المثال في الولايات المتحدة أكبر مستهلك لهذه المنتوجات.
الرابحون
أما الرابحون من الوضع الحالي، فهم أصحاب السعة التخزينية الأكبر سواء في البر أو البحر. ويقول موقع “أويل برايس” إنه كان التخزين هو “السلعة” الأكثر طلبا في سوق الطاقة خلال الشهر الماضي في ظل انهيار الطلب وارتفاع العرض.
وحاليا، يتدافع التجار لحجز مواقع التخزين العائم، كما ترتفع أسعار استئجار الناقلات العملاقة بشكل كبير، وترتفع تكاليف التخزين، وذلك من أجل القدرة على تلبية المبيعات المستقبلية، حيث يتوقع التجار أن يتعافى الطلب بعد انحسار جائحة كورونا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، الأسبوع الحالي، إنه على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها أوبك+ ومجموعة العشرين لتقليص الإنتاج، فإن صناعة النفط ستكون تحت اختبار القدرة على التخزين في الأسابيع المقبلة.
وأضافت: “لم تقترب صناعة النفط من قبل من هذا الحد من اختبار قدرتها اللوجستية، في ظل الوصول للحد الأقصى من العرض”.
وفي الولايات المتحدة، فإن من المرجح أن تمتلئ مساحات التخزين بحلول منتصف شهر أيار، وربما تلعب أسعار النفط المنخفضة دورا في إجبار شركات النفط الصخري على تخفيض الإنتاج.
وقالت كونوكو فيليبس، إحدى هذه الشركات، إنها ستخفض طواعية إنتاج 200 ألف برميل يوميا في كندا والولايات المتحدة، حتى تتحسن ظروف السوق، ومن المرجح أن يتبعها آخرون قريبا.
وفي ظل تخمة المعروض النفطي، سيكون أصحاب سعة التخزين الأعلى هم أكبر الرابحين في هذه الأوقات غير العادية من صناعة النفط.
مشكلة التخزين
وسبق لمحللين من صحيفة “وول ستريت جورنال” أن أوضحوا أن هبوط أسعار العقود الآجلة مقابل الفورية سيجبر شركات النفط على تكديس البراميل في أماكن أكثر تكلفة، بما في ذلك على السفن.
ولفت المحللون إلى أن البراميل تتراكم بوتيرة غير مسبوقة، مما يزيد من خطر نفاد المساحات العالمية لتخزينها قريبا بالكامل. الأمر الذي صار إليه المشهد اليوم في تعاملات عقود النفط الأمريكي الآجلة لشهر مايو المقبل، وسط مخاوف من تكرار ذات السيناريو لعقود شهر حزيران المقبل.
والسبت الماضي، قالت مصادر ملاحية، لـ”رويترز”، إن المتعاملين يخزنون مستوى قياسيا مرتفعا يقدر بنحو 160 مليون برميل من النفط على متن السفن، بما يعادل مثلي المستوى قبل أسبوعين مع سعيهم لمعالجة تخمة معروض نتجت عن تراجع الطلب العالمي من جراء فيروس كورونا.
في غضون ذلك، سارع المتعاملون لإيجاد مساحات التخزين في البر والبحر وسط ما يُعتقد أنه فائض المعروض النفطي الأكبر في التاريخ.
وقالت مصادر ملاحية إن حجم النفط في المخزون العائم على متن الناقلات بلغ 160 مليون برميل على الأقل بما يشمل 60 ناقلة عملاقة، والتي تبلغ سعة الواحدة منها نحو مليوني برميل.
بالمقارنة، كان عدد الناقلات المستأجرة مع خيارات للتخزين بين 25 و40 ناقلة عملاقة في مطلع نيسان، وأقل من عشر ناقلات في شباط، بحسب المصادر.
وأضافوا أن ناقلات أصغر يجري استعمالها أيضا، مما يعزز كذلك الأحجام المخزنة.
وكانت المرة السابقة التي تصل فيها مستويات المخزون العائم إلى قريب من ذلك في 2009، عندما خزن المتعاملون أكثر من 100 مليون برميل في البحر قبل أن يبدأوا في تصريفها.