مجلة وفاء wafaamagazine
باستثناء بعض «النَتعات» السياسية، لم يسجّل أي حدث سياسي بارز في الجلسة التشريعية التي بدأت أمس في قصر الاونيسكو لضرورات «التبعيد» بين النواب في زمن كورونا، والذي لم تُتِحه قاعة الجلسات في ساحة النجمة. وقد غطّت هذه النتعات غياب «الاوراق الواردة» بناء على رغبة رئيس المجلس نبيه بري «ان تكون الجلسة فاعلة ومنتجة في التشريع الذي أصبحنا بأمسّ الحاجة اليه»، وكان الانتاج أمس تشريع زراعة القنّب الهندي (الحشيشة) للأغراض الطبية، ورفع صفة العجلة عن مشروع قانون العفو العام وإحالته الى لجنة لتعديله خلال أسبوعين.
وفيما تتوقع الاوساط النيابية ان يبدأ بعض الافرقاء السياسيين الذين يعتبرون أنفسهم متضررين من الحكومة تصعيداً ضدها في لحظة اعلان «الانتصار» على وباء كورونا، فإنّ عداد الاصابات بهذا الوباء القاتل، بحسب وزارة الصحة، لم يسجل أمس اي اصابة جديدة ليستقر عدد المصابين عند الرقم 677 وعدد المتوفّين عند الرقم 21، إلّا أنّ معلومات وردت ليلاً عن حالة هلع تسود مخيّم الجليل في بعلبك، بعد تأكّد إصابة امرأة بالفايروس، فانتشر الجيش في محيط المخيم.
تركزت الانظار أمس على الجلسة التشريعية التي انعقدت في قصر الاونيسكو، والتي يتوقع ان تنتهي اليوم في حال إنجاز إقرار كل بنود جدول اعمالها. وقد راهن كثير من الاوساط السياسية على ان تعكس اجواءها طبيعة مستقبل الوضع السياسي الذي ينتظر ان تشهده البلاد بعد ان يزول وباء «كورونا» الذي يتصدر الاهتمامات على كل المستويات منذ شباط الماضي. ولكن إلغاء الاوراق الواردة في هذه الجلسة أبعدها مسافة عن السياسة، وإن كانت تعليقات وملاحظات بعض النواب على بعض مشاريع القوانين المدرجة في جدول الاعمال حملت بعض المسحات السياسية التي تكشف بعض المكنونات.
حضور ضعيف
وقالت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية»: «انّ الجلسة كانت تقنية رغم محاولات البعض تسييسها، وقد نجح رئيس المجلس نبيه بري منذ اللحظة الاولى في هذا الامر بتَجنّبه الدخول في الاوراق الواردة فلم تبرز فيها جبهات ولم يظهر فيها اصطفاف سياسي لا مع ولا ضد، حتى في قانون العفو العام ظهرت وجهات نظر متفاوتة ولو أنها أخفت في طيّاتها خلفيات سياسية، ونستطيع القول انّ رئيس المجلس نجح في ضبط المجلس النيابي ولو تحت سقف الاونيسكو، وكذلك استطاع تجاوز الازمات السياسية والكورونية وعقد جلسة منتجة، لكنّ الغائب الاكبر في الجلسة كانت الحكومة التي حضرت بعدّتها الكاملة لكن حضورها كان ضعيفاً، وقد برز من خلال النقاشات حيث لم يُبدِ الوزراء المعنيون بالملفات المطروحة رأيهم إلّا قليلاً. كذلك برزت قلة خبرتهم في عمل المجلس النيابي».
ورجّحت المصادر النيابية ان ينتهي المجلس النيابي من جدول اعماله في جلسة ما قبل الظهر او على أبعد تقدير في الجلسة المسائية. وعلمت «الجمهورية» انّ جزءاً كبيراً من الاقتراحات القانونية المتعلقة بمكافحة الفساد والهدر والاثراء غير المشروع واستعادة الاموال المنهوبة وغيرها ستُحال الى اللجنة الفرعية المختصة.
النظام الطائفي والمجلس
وكان بري رفع الجلسة التاسعة مساء أمس على أن تستكمل الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في قصر الأونيسكو، وذلك بعد أن أحال اقتراح قانون الاثراء غير المشروع الى اللجنة الفرعية التي يترأسها عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان، والتي تبحث في منظومة القوانين المرتبطة بالاثراء ورفع السرية المصرفية.
وأسقط المجلس صفة العجلة (المعجل المكرر) عن بعض اقتراحات القوانين، وأبرزها اقتراح قانون العفو العام، وأحالها إلى اللجان النيابية لمعاودة درسها.
واعترض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على اقتراح العفو، قائلاً: «الوباء لا يغطّي الجريمة ولا يجوز تمرير العفو تحت جنح كورونا، والسياسة العقابية تضعها الحكومة ونرفض مناقشة العفو بهذا الشكل».
وردّ بري على باسيل قائلاً: «من حق المجلس ان يشرّع، وعندما يأتي المشروع من المجلس يكون اقتراحاً، وعندما يأتي من الحكومة يكون مشروعاً».
وقال عضو تكتل «لبنان القوي» سيمون أبي رميا: «خيراً فعلنا لأنّ قوانين أساسية من هذا النوع لا يمكن ان تقرّ بلا درس معمّق للأسباب الموجبة والتداعيات».
ودعا وزارة العدل الى الاسراع في «إرسال مشروع قانون مرتكز على المعطيات الدقيقة المتوفرة لديها»، لافتاً الى أنّ «هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تخطّيها».
وأقر المجلس اقتراح القانون الرامي الى تنظيم زراعة القنّب للاستخدام الطبي، في ظلّ رفض كتلة «الوفاء للمقاومة» وكتلة الأرمن والنائب سمير الجسر.
وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن: «نتكلّم عن قانون ينظّم زراعة القنّب ولكن من دون تقديم دراسة جدوى إقتصادية، ولذلك نعترض».
وقال بري في مداخلة خلال الجلسة المسائية انّ «المشكلة في لبنان هي انّ الاحزاب لم تُحزِّب الطوائف، بل الطوائف طيَّفت الأحزاب». وأضاف: «كفى دوراناً حول الحقيقة، فالمجلس النيابي لم يستطع القيام بدوره الرقابي بسبب النظام الطائفي».
وردّ على متّهمي المجلس بالتقصير وعدم القيام بدوره، فقال: «انّ المجلس النيابي يقوم بواجباته واكثر، والكل يعلم منذ متى كانت هذه الجلسة مقررة وكيف تعطّلت، وأن هيئة مكتب المجلس وضعت كل المشاريع والاقتراحات على جدول اعمالها. وللأسف، انّ هناك بعض الزملاء يصدقون ما يُقال عن دور المجلس، وفي هذا الاطار اقول: انّ المجلس يقوم بدوره، وهو أكثر تشريعياً ورقابياً مهما قالوا ومهما يقولون».
موقف «القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ النائب جورج عدوان طالب الحكومة خلال الجلسة التشريعية بتقديم خطة مالية بأسرع وقت ممكن، «لأن الوضع لم يعد يحتمل على الإطلاق والتأخير على هذا المستوى غير مبرّر، كما انّ الحكومة لم تقدم على اي خطوة إصلاحية واضحة بعد. ولدى مناقشة البند المتعلق بالمصادقة على اتفاقية القرض بين وزارة الزراعة والبنك الدولي في شأن مزارعي ومُنتجي الحليب في لبنان، طالبَ عدوان بتأجيل البَت باتفاقية القرض وتكليف الحكومة مفاوضة البنك الدولي مجدداً على طريقة التمويل وجعلها أكثر واقعية، لأنّ الاتفاقية الحالية تعطي معظم الأموال للرواتب ونفقات الاستشاريين. فطلبَ بري من رئيس الحكومة إبداء رأيه، فأيّد دياب اقتراح عدوان وطلبَ استرداد القانون ليتم التفاوض مع البنك الدولي.
وفي موضوع إنشاء نفق بين بيروت والبقاع على طريقة BOT كان النقاش ينحصر في جدوى هذا المشروع وأهميته وحيويته، خصوصاً في ظل الشكوى العارمة من حال الطريق الحالية. ولفت النائب جورج عقيص الى انّ هذا القانون أقرب إلى صيغة التمنّي منه إلى صيغة الإلزام، لأنه غير مرتبط بمهل زمنية حيث يتمنّى على الحكومة إنشاء نفق على طريقة الـBOT. واشار إلى انّ التشريع على طريقة التمني غير ملزم للحكومة ولا يمكن مراقبة الحكومة ولا محاسبتها إلا في حال ربط البدء بالتنفيذ بمهلة، وهذا ما حصل بعد ان وافق بري على اقتراح عقيص وربط التنفيذ بمهلة، فصُدّق الاقتراح بناء على ملاحظة عقيص الذي أنقذ مشروع النفق من عدم التنفيذ.
وبدوره، عرض النائب سيزار المعلوف للواقع المُزري لطريق ضهر البيدر الذي سمّاه «طريق الموت»، وطلب من رئيس الحكومة ووزير الأشغال العامة زيارة البقاع عبر هذا الطريق للاطلاع على واقعها الكارثي.
كذلك تجدر الإشارة إلى انه من القوانين التي صدِّقت اليوم اقتراح قانون كان النائب حسن فضل الله قد تقدّم به لتعديل المادة 61 من قانون الموظفين، وكان هذا الاقتراح قد أحيل إلى لجنة الإدارة والعدل ودرسته لجنة فرعية برئاسة عقيص، فتمّ التصديق عليه كما عَدّلته اللجنة الفرعية.
وخلال مناقشة البند المتعلق بقانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، طلب تكتّل «الجمهورية القوية» إدخال بعض التعديلات عليه خصوصاً لجهة مالية الهيئة بنحو يؤمّن استقلاليتها عن السلطة التنفيذية، وتعديلات أخرى تتعلق بإمكانية عقد التسويات السابقة للمحاكمة الأمر الذي يؤدي الى تعزيز عملية اكتشاف حالات الفساد.
إلّا انّ بري طرح الاقتراح على التصويت كما ورد من اللجان المشتركة، وقد صَوّت تكتل «الجمهورية القوية» مؤيّداً، نظراً لأهميته القصوى مع إمكانية تقديمه اقتراحاً تعديلياً على حدة في وقت لاحق.
مجلس وزراء بعد غد
وفي هذه الأجواء، دعا رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء تعقد في القصر الجمهوري الثانية والنصف بعد ظهر يوم الجمعة للبحث في مجموعة من البنود العادية الخالية من اي تعيينات كما تردّد سابقاً، وخصوصاً في المواقع المالية المعلّقة على وضع آلية جديدة للتعيينات تعمل لجنة وزارية من أجلها.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ هذه الجلسة تنعقد قبل يومين من موعد انتهاء المهلة الممددة للتعبئة العامة التي تنتهي للمرة الثانية ليل الأحد – الإثنين المقبلين، ومن الضروري البَت بتمديدها من عدمه. وأضافت هذه المصادر ان لا صيغة ثالثة للتمديد حتى الآن، وإن كان من المرجّح اعتماد الصيغة الأولى لتمديد العمل بالتعبئة حتى ليل العاشر ـ الحادي عشر من ايار المقبل أسوَةً بالترتيبات التي اتخذت في اكثر من دولة حول العالم.
مجلس الدفاع
وعلمت «الجمهورية» انه ولهذه الغاية سيُدعى المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع ظهر يوم الجمعة في القصر الجمهوري، أي قبَيل جلسة مجلس الوزراء، لمناقشة التطورات الأمنية والتوصية بتمديد إضافي لفترة التعبئة العامة.
وفي المعلومات أنّ المجلس سيناقش مجموعة اقتراحات تتعلق بتخفيف حالات الإغلاق في بعض القطاعات الحيوية التي تسمح التعبئة بإعادة الحركة اليها، وهو أمر يجري البحث فيه خلال اجتماعات اللجنة الوزارية المكلّفة بملف كورونا بغية التخفيف من المصاعب الإقتصادية والإجتماعية التي تعانيها هذه القطاعات.
ودائع الدولار… بالليرة
وعلى الصعيد المالي، إتخذ مصرف لبنان أمس قراراً في اتجاه مساعدة المودعين بالدولار على سحب مبالغ محددة، من خلال السماح للمصارف بإعطاء الزبائن أموالهم الدولارية بالليرة، على أن يتم احتساب سعر الصرف وفق السعر الفعلي القائم في سوق الصيرفة. وجاء هذا القرار عقب توقّف المصارف كلياً عن الدفع بالدولار، بحيث أصبح المودع مضطرّاً الى السحب بالليرة بالسعر الرسمي (1508) ليخسر نصف المبلغ الذي يسحبه.
وبهدف سد هذه الثغرة، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً في هذا الشأن، ذكر فيه أنّ أي عميل يطلب «إجراء اية سحوبات او عمليات صندوق نقداً من الحسابات او من المستحقات العائدة له بالدولار الاميركي او العملات الاجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، ان تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وذلك استناداً للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني». وطلب التعميم من المصارف الاعلان يومياً عن سعر السوق المعتمد لديه.
حمود لـ«الجمهورية»
في السياق، أوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ«الجمهورية»، انّ مصرف لبنان يحاول عدم إذلال المودعين من خلال تحرير ودائعهم، «لأنّ تسديد الودائع اليوم بالدولار أصبح أمراً غير ممكن. وبما انّ الودائع محتجزة لدى المصارف، فإنّ البنك المركزي ارتأى انّه يجب على الأقل تسديد تلك الودائع بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق المحدّد لدى المصارف، وذلك وفقاً لمبالغ محدّدة أو «كوتا» محدّدة لكل مصرف».
وطمأنَ حمود الى أنّ هذا التعميم «لن يُحدث ضغطاً اضافياً على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، لأنّ الفارق شاسع بين حجم الطلب والعرض في ما يتعلَّق بالدولار».
وحول عدم إقبال المودعين على سحب ودائعهم وفقاً لسعر الصرف المحدّد من قِبل جمعية المصارف بـ2600 ليرة، رأى حمود انّ المصارف لن تمانع في رفع هذا السعر طالما انها تبيع تلك الدولارات لمصرف لبنان، وبالتالي في حال لم يلقَ هذا السعر إقبالاً، قد تلجأ المصارف لاحقاً الى رفعه.
المجذوب والسنة الدراسية
وعلى صعيد مصير السنة الدراسية، قال وزير التربية طارق المجذوب لـ«الجمهورية» انّ «هناك 14 سيناريو يدرسها المديرون العامّون والمدارس والتربويّون، وفي كل سيناريو هناك نتائج منبثقة منها والهدف الرئيسي منها هو إراحة الاهل والتخفيف عن الطلاب، وجعل التربية في مكانتها السابقة».
وأضاف: «الامتحانات الرسمية سينظر اليها من منظار هذه السيناريوهات الـ14، وفي كل سيناريو هناك اوضاع معينة في المواد يمكن ان ينظر فيها بحيث تكون ميسّرة وأسئلتها ميسّرة للطلاب، ونتمنى ان ننجز السنة الدراسية من دون استخدام وقت من فصل الصيف، والّا يكون الطالب مستنفد القوى ليكون مرتاحاً».
وعن الاقساط في المدارس الخاصة، قال المجذوب: إنها تبحث مع المدارس ولجان الاهل ونقابة المعلمين للوصول الى حل يرضي الجميع ويكون عادلاً».
الجمهورية