أصدرت محكمة استئناف الجنح في جبل لبنان – جديدة المتن، برئاسة القاضي فيصل حيدر والمستشارين ناظم الخوري وساندرا القسيس، حُكماً قضى بإدانة رئيس مجلس إدارة Mtv ميشال غبريال المرّ وحبسه لمدة سنة واحدة في الدعوى المقامة من الدولة اللبنانية بجرم التخابر غير الشرعي وهدر المال العام. وألزمت المحكمة المُرّ وشركة ستوديوفيزيون ش.م.ل. بأن يدفعا للمدعية الدولة اللبنانية، الممثلة بوزارة الاتصالات، مبلغاً قدره ملياران وأربعة وسبعون مليوناً وثلاثماية وأربعة وستون ألف ليرة مع التعويض الذي قُدِّرت قيمته بنصف مليار ليرة لبنانية. وقررت المحكمة وقف تنفيذ عقوبة الحبس بحق ميشال المرّ في حال سدد المبلغ الملزم به خلال شهرين من تاريخ صدوره. وحكم الاستئناف هذا قابلٌ للتمييز خلال فترة ١٥ يوماً من تاريخ تبلّغه الحكم، إلا أنّه في حال لجوء المدعى عليه إلى محكمة التمييز ولم يكن حكم التمييز في صالحه، فإنه سيخسر ميزة وقف تنفيذ عقوبة الحبس حتى لو دفع الغرامة والتعويض الملزم بهما. وبالتالي، فإنه سيُسجن ويُلزم بالدفع بموجب حكمٍ مبرم.

هكذا عاد ملف التخابر غير الشرعي الذي تسبّب في هدر ملايين الدولارات من المال العام إلى الواجهة مجدداً. القضية بدأت عام 2016، من خلال الملف الذي فتحته لجنة الإعلام والاتصالات النيابية. لاحقاً، أحالت وزارة الاتصالات على النيابة العامة المالية تقريراً تشكو فيه وجود تخابر غير شرعي تقوم به شركة «ستوديوفيزون»، من خلال سرقة خطوط اتصالات عبر الإنترنت لإجراء اتصالات دولية. وذكرت الوزارة في تقريرها أنها قطعت خطاً يُشتبه في استخدامه للسرقة لمدة يومين، فلم تتغيّر وتيرة الاتصالات الشرعية للشركة المذكورة، ما يعني أن الخط المقطوع كان يُستعمل لاتصالات غير شرعية.


حينذاك، ادّعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على رئيس مجلس إدارة «Mtv» ميشال المرّ، وأحاله على القاضي المنفرد الجزائي في المتن منصور قاعي الذي أصدر حُكماً في 5 شباط ٢٠١٨ قضى فيه بمنع المحاكمة عن المرّ وقرر إبطال التعقّبات «لعدم وجود جُرم». غير أنّ وزارة الاتصالات استأنفت الحكم بعد أسبوعين على صدوره عبر رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل. كذلك تقدمت النيابة العامة المالية بطلب استئناف الحكم. قُبِلَ الاستئناف وفُسِخ الحكم واتُّخذ قرار بإعادة محاكمة المر.


وكُلّفت شركة متخصصة بوضع تقرير قدّر أنّ شركة المرّ أجرت اتصالات بـ300 مليون دقيقة أو ما قيمته مليونا دولار (دفع المر من أصلها مليون دولار). غير أنّ المرّ اعترض على التقرير وتقدم باستئناف طارئ مدعياً على هيئة «أوجيرو » بالتزوير. غير أنّ قراراً صدر بردّ الادعاء لتُستكمل المحاكمة أمام محكمة استئناف الجزاء لدى القاضي فيصل حيدر. واستمعت هيئة المحكمة إلى عدد كبير من الشهود والفنيين في هذا الملف لتحديد سبب الكم الهائل من الاتصالات على رقم مشبوه. وأشار الحكم إلى أنّ الأدلة تؤكد إقدام ميشال المرّ على الحصول على أجهزة وآلات خاصة من دون ترخيص من أجل تأمين تخابر غير شرعي بسعر منخفض عبر شبكات الانترنت، من دون المرور ببوابات الإدارات الرسمية. واعتبرت المحكمة أنّ المدعى عليه أقدم قصداً، وبصورة غير نظامية، على استمداد خط الهاتف عن طريق التعليق وتملّص عمداً من دفع الضريبة.

كذلك تطرق الحكم إلى حصول تقصير في عملية كشف هذه الجرائم بحيث لم تتم المداهمة في الوقت المناسب لمعاينة هذه الأجهزة قبل إتلاف محتوياتها، بل تم اللجوء إلى قطع الخط لمدة يومين فقط وأعيد تشغيله بعد ذلك. كما استند الحكم إلى مضمون التقرير الذي تضمن أدلة الإدانة، بدءاً من معدل الاتصالات اليومي الذي تجاوز ٣٧٠٠ اتصال، ثم انخفاض عدد الاتصالات بشكل لافت بعد إيقاف الخط لمدة يومين من دون أن يتأثر عدد الاتصالات في الأرقام الأخرى التي تملكها الشركة. كذلك استُخدم الخط المشبوه للاتصال ليلاً ونهاراً وقبل منتصف الليل وبعده بشركات وسفارات وفنادق ومؤسسات وأشخاص، الأمر الذي اعتبره القاضي أمراً يثير الشكوك حول الهدف من استعمال هذا الهاتف العائد لمؤسسة إعلامية للتواصل مع تلك المراجع بهذه الأوقات، علماً بأنّ معدل الاتصال بكل مرجع خلال العامين ٢٠١٤ و٢٠١٥ تراوح بين ٧٠٠ و ٧٨٠٠ اتصال. كذلك استخدام المدعى عليه من خدمة الـ clear لهذا الخط فقط لحجب الرقم عن متلقي الاتصال من دون الاستفادة من هذه الخدمة بالنسبة إلى الأرقام الأخرى التي يملكونها.