الأخبار
الرئيسية / محليات / قبلان: نحن وسط أزمات تاريخية مفصلية وعلى الحكومة الضرب بيد من حديد

قبلان: نحن وسط أزمات تاريخية مفصلية وعلى الحكومة الضرب بيد من حديد

مجلة وفاء wafaamagazine

أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في رسالة الجمعة، الى “أنه بتعاليمنا الربانية شهر رمضان ليس شهر الامتناع عن الأكل والشرب فحسب، بل هو شهر إعادة تعريف النفس وتربيتها على حقيقة دورها ووظيفتها، هو شهر الوقوف مع المظلوم، والانتصار له، والخصومة مع الظالم، هو شهر الصدق في الموقف والتحرر من الأنانية، والنزوات الباطلة، والشهوات المحرمة، التي لا تتناسب مع معتقدنا بالموقف والحساب والميزان يوم القيامة، شهر رمضان هو شهر كفالة الفقير، وإعالة اليتيم وإغاثة الملهوف، وإعانة المكروب، وتأكيد إرادة الله فينا، بخلفية أن يكون نمط تفكيرنا أو طريقة حياتنا منطبقة على الاعتبارات والقيم الدينية والقرآنية والتي تنفعنا يوم القيامة. فكما أن الله سبحانه وتعالى له حق عليك في قلبك ونفسك وباطنك، كذلك له حق عليك في عقلك وفكرك وأولوياتك ومسؤولياتك الاجتماعية. فكل ما عندك ميزانه وإطاره قيم الله، والقرآن، بمعنى أن التقوى تعني انقياد قلبك وفكرك وجسدك وطاقاتك كلها، بما يتناسب مع ما أراده الله سبحانه وتعالى في الإنسان، على النحو الفردي الاجتماعي والسياسي والأخلاقي”.

ولفت الى أن “العبادة ليست مجرد عبادة قلب دون شروط لله في طريقة التفكير والمعيشة والعلاقة، هي أعم من ذلك، وإلا من يعاند ويؤمن ببعض ويكفر ببعض سيخسر حظه يوم القيامة، وتذكروا أيها الإخوة أن شهر رمضان هو شهر الحق والموقف السياسي والاجتماعي، شهر البحث عن الذات، وإعادة تموضعها في الموقع الحقيقي الذي جعله الله سبحانه وتعالى لها”.

واشار الى “أننا قريبون من الله بمقدار قربنا بالقيم والمبادىء التي نمارسها ونحميها ونعمل بها ونجاهد من أجلها، في ما يتعلق بإنساننا ووطننا ومصالح أمتنا وشعوبنا، وهذا يفترض انتصارنا للمظلوم ووقوفنا بجنب المحروم وتأكيد العدل وخوض معاركه الأخلاقية والسياسية والميدانية والمالية، لمنع الفساد من بيئتنا، ولإيقاف مشاريع السلطة الناهبة، هذا يلزمنا بالوقوف في صف المعذبين والمظلومين والمضطهدين ومخاصمة الظالم والفاسد المحتل، والانتصار لقضية المسلمين المركزية فلسطين والقدس، والتنديد بالفتن التي خاضها الأميركي وغيره ممن هو من إخوة يوسف في سوريا والعراق واليمن وما زال يخوضها في ليبيا”.

وأكد “الوقوف إلى جانب القدس بكل ما عندنا وكذلك بخصوص كل بلادنا المظلومة والمعتدى عليها، وعلى من تورط بالفتنة أن يعود إلى الله بالتوبة، لأن الرهان واللعب لصالح الأميركي انتهى بتخريب بلادنا الإسلامية واستنزافها من كل الجهات”.

وعلى مستوى لبنان توجه المفتي قبلان إلى السياسيين بالقول:”ان الهيكل يتهاوى والدولة إلى سقوط وما أنتم عليه لا يبشر اللبنانيين بالخير، ودلالة واضحة على أن المركب يغرق، وقد تصبح النجاة شبه مستحيلة، إذا ما استمرت سياسة المحميات الطائفية والحسابات النفعية. كما أكدنا دائما على أن الفساد لا يبني وطنا ولا يقيم دولة ولا يسلم من تداعياته أحد، وها نحن في المستنقع، الانهيار عام وشامل، وفي كل القطاعات وعلى كل اللبنانيين الذين أصيبوا إصابات قاتلة في أعمالهم وفي مصالحهم وفي جنى أعمارهم بحيث أصبحوا بين ليلة وضحاها، جراء السياسات الاقتصادية الفاسدة والهندسات المالية الفاشلة، لا يملكون قوت يومهم، واقفين أمام المصارف أذلاء يستعطون أموالهم. إنها وقاحة بكل معنى الكلمة، وكارثة صنعتها القلوب السوداء، قلوب حيتان السلطة والمال والاحتكار والتهرب والتهريب الذين أبدعوا في سرقة المال العام، وبرعوا في إفقار هذا الشعب ولا زالوا يمارسون سياسة النعامة والمكابرة والانكار وتقاذف التهم، الأمر الذي أفقدنا مناعتنا الوطنية، وحول دولتنا ومؤسساتنا وإداراتنا إلى إرث يتوارثه أهل السلطة وأصحاب النفوذ على حساب الوطن والمواطن”.

وطالب “الحكومة بالضرب بيد من حديد، وبالأخص أوكار الصرافين ومن لف لفهم الغارقين بالإفساد المالي، كما نطالب الحكومة بإنقاذ الأسواق وصغار التجار والكسبة، وحمايتهم من الوحوش المتعطشة للسلب والاحتكار والنهب، فالبلد يعيش وسط حرائق مالية اقتصادية معيشية كثير منها مفتعل، ومن قوى سياسية ومالية معروفة، والاعتقاد بأن صندوق النقد الدولي سيعمل على إنقاذ البلد بوصفة سخرية هو وهم، وعليه يجب أن نواكب الحل ونؤسس له من الداخل خاصة، وإلا ستخيب الآمال مجددا. فضلا عن طاعون الكورونا الذي يكاد يتحول إلى وباء حقيقي بسبب قلة ضمير من خالف العزل المنزلي، فضلا عن الاستهتار الحكومي بموضوع العزل الجبري للوافدين، وتحت عينها وحراستها”.

وختم:”نحن الآن وسط أزمات تاريخية مفصلية في هذا البلد، وعلى الجميع التعامل معها كخطر وجودي، لأن بعض المخاطر التي لم يسبق لها مثيل تطال لبنان في صميم مشروعه وهويته وطبيعة حكمه وانتمائه وخريطة سياسته. الواجب يحتم علينا جميعا أن نتعامل مع الوطن كأم الصبي، وليس كتجار ومافيا فرص أرباح ولعبة قطع مفتوحة على مقامرة الأقنعة وتجار الأوطان”.