مجلة وفاء wafaamagazine
أعطت الدولة اللبنانية الضوء الأخضر لتأمين عودة طوعية للعمال الأجانب الراغبين في العودة إلى بلدانهم. رغم «أهمية» هذا القرار بالنسبة إلى المتلهفين للعودة، إلا أن ثمة خوفاً من أن يسمح لأرباب العمل بـ«أكل» حقوق العاملين والعاملات، خصوصاً بعد امتناع كثيرين عن تسديد الأجور بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار. فهل تتنبّه وزارة العمل لهذه الثغرة؟
وبعدما كثرت شكاوى هؤلاء، ولجوء بعضهن إلى سفارات بلادهن، نسّقت السفارات المعنية مع وزارة العمل والأمن العام لتسوية أوضاعهن قانونياً تمهيداً لترحيلهن. ويلفت الأمين إلى أن دفعة الترحيل الأولى تضم «عاملات موجودات في السفارة الإثيوبية وفي جمعيات وبيوت الأمان بعد تسوية أوضاعهن القانونية تمهيداً للترحيل، أو ممن انتهت عقود عملهن وجميعهن ستجليهن السفارة الإثيوبية على حسابها». الأمر نفسه ينطبق على العمال الأجانب الذين توقفت أعمالهم أو انخفضت قيمتها بشكل كبير لأنهم يقبضون بالليرة، ولم تعد تعيلهم هنا، فضلاً عن تحويلها إلى عائلاتهم في بلدهم الأم. ولعل أزمة عمال شركة «رامكو» مؤخراً خير دليل على تردّي أحوال العمال الأجانب الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة وعلى سعر الصرف الرسمي. وهؤلاء ينتمون إلى الفئة الثالثة ضمن تقسيمة العمال الأجانب في لبنان (عمال في شركات تنظيف، عمال في محطات البنزين، مزارع، بناء، حمّال…). وعدد العمال الشرعيين ضمن هذه الفئة هو حوالى 60 ألفاً، غالبيتهم من الجنسيتين المصرية والبنغلادشية.
أما المرحلة الثانية من العودة، فيتوقع أن تشمل، إضافة إلى العاملات اللواتي انتهت عقود عملهن، أولئك اللواتي يعملن في المنازل وقررن العودة بعدما لم يعد رب العمل قادراً على دفع رواتبهن بسبب ارتفاع سعر الدولار بعدما بات راتب العاملة الشهري يساوي نحو 800 ألف ليرة بحسب سعر الصرف الجديد (4000 ليرة). وبما أن الأمور لم تعد «على ما يرام» بين أرباب العمل والعمال، دعا بيان الأمن العام أرباب العمل والعمال الأجانب الراغبين في المغادرة إلى «تسجيل أسمائهم في سفارات بلادهم على لوائح العودة تمهيداً لإيداعها المديرية العامة للأمن العام وإجراء المقتضى في مواعيد تحدد لاحقاً».
الدفعة الأولى من العودة تشمل رعايا إثيوبيين ومصريين تقدموا بطلبات عودة طوعية
لكن، ورغم أن القرار يأتي بعنوان «التسهيل»، إلا أنه من ناحية أخرى قد يسهم في حرمان العمال من حقوقهم. وفي هذا السياق تدعو المحامية في قسم «الاتجار» في منظمة «كفى عنفاً واستغلالاً»، موهانا إسحاق، إلى ضرورة «تشدد وزارة العمل في مراقبة ترحيل العاملات والعمال منعاً للاستغلال والترحيل القسري من دون تحصيلهم حقوقهم، أو العمل على إيجاد صيغة بين الكفيل والعامل لضمان حقوق هؤلاء، ولا سيما عاملات المنازل، وهن الفئة الأكثر هشاشة وضعفاً».
ما يزيد الطين بلة في «المشكل» القائم بين الكفيل والعمال، هو أن الكثير من هؤلاء لديهم رواتب متراكمة، خصوصاً بين العاملات اللواتي كن يطلبن عدم تحويل أموالهن إلى بلادهن ويرجئنها إلى حين انتهاء عقد العمل والعودة إلى الديار. ولذا فإن خيار الترحيل الطوعي الفوري هو من أحد أبرز الحلول كما تشير إسحق لوقف النزف المالي الذي يترتب على أصحاب العمل مع بقاء العاملات في المنزل، أو ترتيب انتقال العاملة بعد موافقتها إلى كفيل آخر قادر على دفع الراتب بالدولار. لكن اللجوء إلى الخيار الأخير بات نادراً «فلا طلب على العاملات في الظروف الراهنة».
أما الأزمة الأكبر، فهي مشكلة تأشيرة السفر للعمال والعاملات الراغبين في الرحيل، والتي يترتب ثمنها على صاحب العمل. وبما أن الكثيرين لا يبدون رغبة في دفع تلك التأشيرة، التي تصل حدود 1000 دولار، خصوصاً إلى الدول الأفريقية، فقد يصبح حلم العودة بالنسبة إلى الكثيرات مستحيلاً. وعليه «لا بد من إجراءات وتدابير معينة يجب أن تتخذ، كتقسيط التأشيرة، وخفض كلفتها، والتعاون بين وزارة العمل والمنظمات الدولية، إذ لا يجوز أن يبقى العمال عالقين لهذا السبب»، تختم إسحاق.
الأخبار