الرئيسية / سياسة / خسائر لبنان في حال الالتزام بالعقوبات الأميركية على سورية بـ 10 مليارات دولار سنوياً

خسائر لبنان في حال الالتزام بالعقوبات الأميركية على سورية بـ 10 مليارات دولار سنوياً

مجلة وفاء wafaamagazine 

-كل تعاون وتبادل بين لبنان وسورية سيوضع في خانة دعم الارهاب
– لبنان لا يمكن أن يتبنى “القانون” مع دولة جارة تربطه بها علاقات تاريخية وترابط اقتصادي
– تداعيات قانون العقوبات الاميركي الجديد على لبنان وسورية ستكون خطيرة على لبنان
– تضييق الخناق على لبنان وإسقاط خيار الانفتاح على سورية ليأتي لبنان خاضعاً لشروط “الصندوق”

في سورية حيث الاستهداف الأميركي للعقوبات الجديدة، لا شيء يوحي بأن البلد الخاضع لأنواع عديدة من العقوبات خلال أربعة عقود مضت، يولي اهتماماً لغير التركيز على مزيد من الاكتفاء الذاتي الغذائي والاستهلاكي، والمزيد من التبادل المتعدد الأشكال مع الحلفاء والأصدقاء، خصوصاً روسيا والصين وإيران، فيما كان الرد الروسي على العقوبات سريعاً وواضحاً، فروسيا التي يستهدفها قانون العقوبات الجديد، للتأثير على دورها في رعاية الحل السياسي في سورية، والقانون قابل للتعليق على إيقاع تقدم العملية السياسية بصورة يراها الرئيس الأميركي مرضية، أعلنت بلسان الرئيس فلايديمير بوتين عن تفويض وزيري الدفاع والخارجية التفاوض مع الحكومة السورية على توسيع الدور الروسي في سورية، كإشارة إلى عدم اكتراث روسي بالعقوبات.

 

في لبنان بدت الحكومة مرتبكة في الشكل والمضمون، حيث شكّل التداول بقانون العقوبات الأميركية بطريقة غير مدروسة ولا تراعي أصول الممارسة السيادية إلى تلقي الحكومة الكثير من الانتقادات التي استدعت بياناً توضيحياً من رئاسة الحكومة، أشار إلى دراسة آثار القانون على لبنان وكيفية التعامل معه، بينما تحدثت مصادر سياسية متابعة عن ارتباك حكومي تجاه كيفية التعامل مع هذه العقوبات. فالخطة الحكومية القائمة على ثنائية التوجه نحو صندوق النقد الدولي وتعزيز الإنتاج، تحتاج عدم إغضاب واشنطن كمرجع وازن في صياغة توجهات صندوق النقد، وتسريع الانفتاح على سورية، كممر إلزامي للمنتجات اللبنانية نحو أسواق الخليج والعراق.

 

والحكومة مرتبكة في كيفية التوفيق بين المسارين، وهي تدرك أن اختيار أحدهما قد يفقدها الآخر كلياً، وتصير بين ناري الاعتماد على الإمكانات الذاتية من دون دعم الصندوق، أو الاعتماد الكلي على الصندوق من دون الرهان على فرص نهوض اقتصادي، وكل من الخيارين بدون الثاني لا يكفي لمواجهة التحديات، بينما قدرت مصادر مالية خسائر لبنان في حال الالتزام بالعقوبات الأميركية على سورية بـ 10 مليارات دولار سنوياً، سواء في ملف استجرار النفط العراقي، أو في تجارة الترانزيت على العراق، أو في حجم الأسواق التي يوفرها العراق والخليج لبضائع لبنانية زراعية وصناعية سيخسرها حكماً ويخسر معها فرص نمو قطاعاته الإنتاجية. وهذه الخسائر يحق له المطالبة بها كتعويض سنوي إذا طلبت واشنطن منه الالتزام بهذه العقوبات.

 

وتصدّر قانون العقوبات الأميركية الجديدة على سورية (قيصر) الذي دخل حيز التنفيذ أمس، واجهة المشهد الداخلي، وسط ترقب تداعياته ومفاعيله السياسية والاقتصادية والمالية على لبنان نظراً للترابط الجغرافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي بين لبنان وسورية.

 

ولفت خبراء اقتصاديون لـ»البناء» الى أن «قانون العقوبات الجديدة على سورية سيفرض على لبنان نوعاً من الحذر في التعامل مع الدولة السورية ومؤسساتها رغم محدودية التبادل الشرعي بين لبنان وسورية حالياً، وبالتالي إن كل تعاون وتبادل بين لبنان وسورية سيوضع في خانة دعم الارهاب بنظر الولايات المتحدة وبالتالي يشكل خطورة على الوضع الاقتصادي اللبناني لا سيما وأن سورية تزود لبنان بالكهرباء الى جانب أن العمق السوري الاقتصادي يشكل خياراً أساسياً للبنان لتخفيف حجم أزماته».

 

وتوقعت مصادر نيابية أن يتحول هذا الأمر الى عنوان خلافي جديد بين القوى السياسية، مشيرة لـ«البناء» الى أن «لبنان لا يمكن أن يتبنى أو يتماهى أو يطبق القانون مع دولة جارة وشقيقة تربطه بها علاقات تاريخية وترابط اقتصادي لا سيما في ظل الأزمات الخانقة».

 

وفيما وجِهت اتهامات للحكومة بتبنيها قانون قيصر وتوزيع نسخ منه على الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء، أعلن المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء في بيان «أن الحكومة بصدد دراسة تأثير هذا القانون على لبنان، والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حصول ارتدادات سلبية على البلد. ولم يحصل أي التزام أو نقاش أو تبنٍّ لهذا القانون في جلسة مجلس الوزراء».

 

وتشير أجواء مرجع سياسي رفيع لـ«البناء» الى أن «تداعيات قانون العقوبات الاميركي الجديد على لبنان وسورية ستكون خطيرة على لبنان وهو الملتزم بقضايا المنطقة لجهة التمسك بثوابته ونحن كلبنانيين نحتاج الى قراءة هذا القانون بتمعن وبخاصة أن الأميركيين لم يخفوا أن العقوبات ستطال بعض الشخصيّات الداعمة للمقاومة أو لسورية».

 

أما السؤال المطروح فهو ما سرّ هذا التزامن بين استحضار قانون العقوبات الجديد ووضعه موضع التنفيذ وبين إعلان نيات قيادات لبنانية ورئيس الجمهورية عن الانفتاح الاقتصادي على سورية وعزم عدد من الوزراء في الحكومة الحالية زيارة دمشق لبحث سبل التعاون بين البلدين، وذلك بعد ورود إشارات إيجابية من السلطات السورية تجاه الانفتاح على لبنان والتي نقلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للمسؤولين اللبنانيين عقب زيارته الأخيرة الى سورية؟ وهل هذا القانون أداة جديدة لتعطيل الانفتاح الاقتصادي المتبادل بين لبنان وسورية الذي من الممكن أن يساهم في التخفيف من حجم الأزمات الاقتصادية للبلدين لا سيما بعد الحديث العراقي عن إنشاء سوق مشتركة عراقية سورية لبنانية؟ كما تأتي العقوبات الجديدة الهادفة الى حصار سورية ولبنان تزامناً مع المفاوضات المستمرة مع صندوق النقد الدولي ما يعني تضييق الخناق على لبنان وإسقاط خيار الانفتاح على سورية ليأتي لبنان خاضعاً لشروط الصندوق كخيار أخير ووحيد للإنقاذ.

 

 

 

 

 
البناء