الاثنين 01 حزيران 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
عمل الجيش وقوى الامن على فتح الطرق التي تربط المناطق بالعاصمة بيروت. وهي المرة الثانية تقطع هذه الطرق في ايام قليلة بعد خطوة قدامى العسكريين. لكن الطرق المفتوحة بعد سلسلة اتصالات سبقت تحرك قوى الأمن، لا تعني ان الخطوط مفتوحة بين المناطق والاحزاب والمواطنين، اذ ان الاحتقان السياسي بلغ مرحلة قياسية لم يصله منذ مدة، مستعيداً مشاهد من الحرب الاهلية، والحروب الصغيرة المتتالية، وحروب الطوائف وما في داخل المذاهب. وبدا ان منطقة الجبل، بما تعنيه من رمزية الثنائية المارونية – الدرزية، وتاريخ لبنان الحديث في ذكرى مئويته الاولى قريباً، تتعرض لهزات متتالية، بل محاولات للعبث بأمنها العسكري، وأمنها الحياتي والاجتماعي في ظل التباعد القائم بين الحزب التقدمي الاشتراكي و”التيار الوطني الحر” أولاً، وأيضاً بين الاشتراكي و”تيار المستقبل” ثانياً.
واذا كانت منطقة الجبل ليست حكراً على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي لا يزال بعض مناصريه يعتبرونها هكذا، فان تغييب الاشتراكي عن تنسيق زيارات رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل دون سواه من الاحزاب والفاعليات يشكل نوعاً من الاستخفاف والاستبعاد والاستفزاز ترجم أمس بتجمعات معترضة رفع خلالها المحازبون اعلام الاشتراكي وصور رئيس الحزب وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور جنبلاط، واحراق بعض الاطارات لاعاقة تقدم الوفد الزائر. وهذا الاعتراض قوبل بردة فعل من موكب وزير شؤون النازحين صالح الغريب الذي اطلق عناصره النار لفتح الطريق وصار تبادل لاطلاق النار ادى الى اصابة ثلاثة مرافقين للغريب توفي اثنان منهم لاحقاً. وهذا الثمن الدموي وتر الاجواء الى حدّ كبير، وادى الى قطع عدد من الطرق الدولية والداخلية حتى ساعة متقدمة من الليل، لم يؤد فتحها الى تخفيف الاحتقان.
ودعا رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع اليوم في قصر بعبدا، لمعالجة الوضع الامني. وهو كان اجرى سلسلة اتصالات وطلب من الجيش والاجهزة الامنية اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبط الوضع. كذلك اتصل الرئيس سعد الحريري بكل المرجعيات المعنية داعياً الى ضبط النفس. واعتبر الرئيس نبيه بري ان ما حصل في الجبل أمراً خطيراً ويجب ان يطوق بسرعة.
وتعقيباً على الحادث وما رافقه قال رئيس التقدمي: “لن أدخل في أي سجال اعلامي حول ما جرى.اطالب بالتحقيق بعيدا عن الابواق الاعلامية. واتمنى على حديثي النعمة في السياسة ان يدركوا الموازين الدقيقة التي تحكم هذا الجبل المنفتح على كل التيارات السياسية دون استثناء لكن الذي يرفض لغة نبش الاحقاد وتصفية الحسابات والتحجيم”.
واذا كان الوزير اكرم شهيب دعا باسيل الى دخول المناطق من أبوابها، فان النائب مروان حماده عبَر عبر “النهار” عن أسفه لسقوط ضحايا “نتيجة الفتنة المتنقلة، وننصح وزير الخارجية بالتوقف عن جولات الاستفزاز المجانية التي لم توفر منطقة أو طائفة أو مذهباً أو حزباً”.
أما عضو “تكتل لبنان القوي” النائب زياد أسود، فقال في تغريدة: “ما يجري في كفرمتى نموذج من مجموعة نماذج تحت مسمى المصالحة والعيش المشترك، والغاية من هذه الكذبة توسيع رقعة التسلط على الناس وحريتهم وحقوقهم وقرارهم وأملاكهم. وما يحصل ليس مستغرباً، فهو في كل المناطق، والمستهدفون نحن كحزب وطائفة ومكون ودائما #طلع_معي_حق_اعتذروا مني”.
وأصدر التقدمي الاشتراكي بياناً اعتبره توضيحياً وجاء فيه:
”أثناء الاحتجاج الشعبي في منطقة الشحار الغربي على زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع ما حملت من استفزاز لمشاعر الناس، خرج موكب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من منزله في كفرمتى ولدى وصوله إلى مدخل بلدة عبيه حيث كان المحتجون قد قطعوا الطريق بالإطارات المشتعلة، أقدم مرافقو الوزير الغريب على اطلاق النار على المحتجين رغم محاولات هؤلاء لفتح الطريق وإزالة العوائق عنها. وبعد وصوله إلى بلدة شملان حيث تبلغ الوزير الغريب الغاء زيارة رئيس التيار الوطني الحر الى بلدة كفرمتى سلك طريقاً فرعية وصولاً الى بلدة البساتين حيث عاد مرافقوه إلى اطلاق النار باتجاه المحتجين عشوائيا، وتابع موكبه الطريق صعوداً باتجاه ساحة قبرشمون حيث ترجل مرافقان للوزير الغريب وعمدا إلى اطلاق النار باتجاه المحتجين أيضا بشكل عشوائي مما أدى إلى إصابة شاب من بين المحتجين، فرد بعض من كان يحمل سلاحاً باتجاه مصدر النار دفاعاً عن النفس فسقط مرافقان للوزير الغريب، وهذا امر موثق بفيديوهات باتت بحوزة المراجع الأمنية.
إننا نضع كل المعطيات الموجودة بحوزتنا بتصرف القضاء والقوى الأمنية. نعود ونؤكد أن ما جرى يتحمل مسؤوليته من وتر الأجواء واستفز الناس ونبش قبور الحرب ومن كان ينتظر زيارة فكانت ردة فعله بالاعتداء على الناس الذين عبروا سلمياً عن رفضهم لزيارة الوزير باسيل لمنطقتهم”.
أما الحزب اللبناني الديموقراطي فالتزم رئيسه النائب طلال ارسلان الصمت الجزئي واعداً باعلان “الحقائق” في مؤتمر صحافي يعقده ظهر اليوم. وربط متابعون تمهله بحركة الاتصالات التي توجت ليل أمس باجتماع في خلده جمع محمود قماطي (“حزب الله”) الى ارسلان والنائب سيزار ابي خليل والوزير غسان عطالله والوزير السابق وئام وهاب الذي قال عن زيارة قماطي انها للتعزية.
أما “التيار الوطني الحر” فأصدر بياناً مما جاء فيه: “بعد ما كان رئيس التيار الوطني الحر ألغى الزيارة الى بلدة كفرمتى ضمن الجولة التي يقوم بها في قضاء عاليه، وذلك تفادياً لأي اشكال أمني بدت بوادر حدوثه بأعمال امنية مشبوهة منذ يومين على التوالي، وقد وقع المحظور فعلاً… ان رئيس التيار، وهو يزور مناصري التيار والمنتسبين اليه من مسيحيين ومسلمين في قضاء عاليه ويفتتح مكاتب للتيار في مناطق مختلطة، دعا في كلماته الى الانفتاح والتلاقي والوحدة ببن اللبنانيين وقد قوبل بهذه التحركات التي تذكر اللبنانيين بزمن حرب مضت وانتجت أحزاناً ومأسي وهو تهجيراً، تهجير لم يقفل ملفه بعد، لا بالوزارة ولا بالنفوس فيما يعمل التيار على اقفاله بالكامل واتمام المصالحة بكل ابعادها السياسية والانمائية والادارية لتكون العودة الى الجبل ناجزة بشراكة كاملة.
نعتذر من اهلنا ومناصرينا في كفرمتى والقماطية و منصورية بحمدون وخلدة عن عدم اكمال الزيارة تفادياً للأسوأ…ونطلب من أهلنا في عاليه الابتعاد عن اي احتكاك من أي نوع كان”.
المصدر: النهار