مجلة وفاء wafaamagazine
نظم مركز جيل البحث العلمي في طرابلس مؤتمرا دوليا، بعنوان: “إشكاليات الهجرة واللجوء في الوطن العربي”، برعاية الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية UNSCIN.
ترأس المؤتمر، الذي استمر ليومين، الأمينة العامة للاتحاد ورئيسة المركز الدكتورة سرور طالبي، بمشاركة أساتذة وباحثين من الجامعة اللبنانية ومؤسسات جامعية عربية من الأردن، الإمارات، الجزائر، السودان، العراق، المغرب، المملكة العربية السعودية، اليمن، سلطنة عمان، فلسطين، مصر وموريتانيا.
وهدف المؤتمر، الذي صادف تاريخ انعقاده مع “يوم اللاجئ العالمي”، الى إيجاد حلول عملية لكل الإشكاليات التي تثيرها الهجرة واللجوء في الوطن العربي، من جوانبها كافة: الاجتماعية، النفسية، الاقتصادية، الثقافية، الإنسانية والتشريعية، للخروج بتوصيات فعالة تسهم في حوكمة إدارة الهجرة واللجوء في الوطن العربي والافادة منها.
نتائج
وخلصت لجنة التوصيات إلى مجموعة من النتائج، وهي: “المهاجر هو كل شخص يغادر بلده طوعا وبكامل إرادته دون أي ضغوط بهدف تحسين وضعه الاقتصادي أو الاجتماعي أو المهني، بخلاف اللاجئ الذي يضطر للفرار من بلده نتيجة لشعوره بالاضطهاد، ولأسباب مرتبطة بالخوف والهروب من مصير يعتريه التهديد وعدم الشعور بالأمان. تعتبر الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية من أبرز أسباب اللجوء في الوطن العربي ودوافعه. هناك العديد من الوثائق الدولية الخاصة بحماية كل من اللاجئ والمهاجر، ولكن تظهر المشكلة عند التطبيق العملي لها. ينص الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية للعام 2018 على ضرورة التعاون والالتزام بتقاسم الأعباء والمسؤوليات لحماية هذه الفئة الضعيفة، موضحا الترتيبات التي تضمن تفعيله.
الهجرة غير الشرعية من المشاكل المعقدة والصعبة والتي لها انعكاسات سلبية على الدول العربية كونها بلدانا مصدرة للمهاجرين، وتزداد هذه الظاهرة خطورة عندما تكون بوسائل غير آمنة. أظهرت الجائحة الصحية العالمية كوفيد-19 حاجة اللاجئين إلى حماية أكثر بحكم وصولهم المحدود إلى المياه والرعاية الصحية، كما أنهم يعيشون في مخيمات مكتظة. تشكل هجرة المثقفين والمفكرين العرب عملية استنزاف خطيرة لمخزون ثقافي وعلمي مهم، من شأنه أن يسهم في تطوير مجتمعات بلدان الشمال على حساب الدول العربية. تعاني بعض الدول العربية منها لبنان والأردن من عدم إمكان استيعابها وتحملها للأعداد الكبيرة من اللاجئين، وفي المقابل هناك قصور كبير في الأليات الدولية والإقليمية من حيث مواكبة أزمة اللجوء في الوطن العربي. ترتبط بعض الجرائم ارتباطا مباشرا بالهجرة واللجوء، منها الجريمة المنظمة، جريمة الإتجار بالبشر، وجريمة غسيل الأموال. تسبب الهجرة واللجوء اختلاجات نفسية واجتماعية متنوعة إذا ما تم التوافق والتكيف مع المستوى الثقافي السائد في المجتمع المستضيف. تشتمل حوكمة الهجرة على تطبيق مبادئ الحكم الرشيد الفعال من أجل تثبيت المواطن في أرضه عبر تحقيق الأمن المجتمعي ووضع خطط واستراتيجيات تنموية واضحة المعالم والأهداف.
توصيات
واستنادا الى النتائج أعلاه، أوصت اللجنة بضرورة: العمل الدائم من قبل المجتمع الدولي على تطوير الوثائق الدولية حتى تواكب الواقع الحالي للأعداد الهائلة للأشخاص الذين يهاجرون بلدانهم وتحسين أوضاعهم الإنسانية والاجتماعية وغيرها. تشجيع الدول على الانضمام والالتزام بالوثائق الدولية الخاصة بحماية المهاجرين واللاجئين من خلال اعتماد تدابير داخلية واقليمية: خطط عمل، اتفاقات تعاون، وما إلى ذلك. حضت الدول على استصدار تشريعات وطنية صارمة تتماشى مع الوثائق الدولية وتضمن تمتع اللاجئين بحقوقهم الإنسانية والاجتماعية كافة، وحمايتهم من أشكال الاعتداء أو الاستغلال كافة. العمل على تجريم وملاحقة المتاجرين بالبشر والمهربين، من خلال سن قوانين داخلية صارمة وإبرام اتفاقيات تسليم جماعية أو ثنائية. تقديم المساعدات الدولية التنموية والأمنية والفنية للدول المصدرة ودول المعبر والدول المستضيفة للاجئين. تفعيل وتعزيز دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والجهات المانحة لمساعدة المهاجرين واللاجئين وضمان عودتهم الآمنة إلى أوطانهم الأصلية. العمل على تعزيز التعاون بين اللجان الدولية (الصليب والهلال الأحمر) ومنظمة الصحة العالمية من أجل ضمان وصول اللاجئين والمهاجرين للخدمات الصحية. إنشاء صندوق عربي لمساعدة ودعم الأسر ضحايا الحروب والنزاعات الداخلية. إشراك فعلي وفعال لهيئات المجتمع المدني في التكفل بأوضاع اللاجئين من خلال توفير الرعاية اللازمة لهم وإشراكهم في اتخاذ القرارات وتشجيع انخراطهم واندماجهم في المجتمعات المستضيفة والاستثمار فيها. الاهتمام أكثر بالفئات الهشة من المهاجرين واللاجئين كالأطفال، النساء، ذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن وضمان حماية كافة حقوقهم الإنسانية. وضع خطط وبرامج تربوية لصالح أطفال المهجرين واللاجئين العرب في الدول الغربية من خلال انشاء مدارس نموذجية تعتمد منهاج عربي موحد يحافظ على الخلفية الثقافية والدينية ويسهل الاندماج السلس في المجتمعات الغربية.
تبني الحوكمة الرشيدة في كبح عجلة هجرة الشباب والكفايات العربية إلى الدول الغربية من خلال توفر المقومات الإصلاحية الاتية:
– تحفيزهم على التعلق بأوطانهم وعدم التخلي والتفريط بها من خلال التوعية والسياسات الوقائية التي تغرس مبادئ وقيم المواطنة.
– تشجيعهم على المشاركة في صنع القرار وعلى المساهمة في تشكيل الطبقة السياسية.
– تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي الصناعي والخاص من أجل توفير فرص عمل لكل الخرّيجين ضمن تخصصاتهم المختلفة.
– توجيه مهني للتخصصات الجامعية المطلوبة عبر تنشيط مكاتب لدراسة سوق العمل وتوجهاته .
القضاء على المحسوبية والوساطات من خلال توحيد معايير التوظيف وفق الكفاءة والجدارة.
– تعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى المواطن العربي سيما عبر الجمعيات والمؤسسات والنوادي الثقافية.
– الاهتمام بتوفير سياسات شبابية متخصصة تدمج هذه الفئة في المجتمع وتعزز مشاركتها عن طريق توفير الرعاية الاجتماعية والصحية والخدماتية.
– اقتراح تأسيس مركز دراسات يهتم بشؤون الهجرة والمهاجرين وينسق مع الجاليات العربية في بلاد المهجر للاستفادة من تجاربهم.
– الدعوة إلى تنظيم مؤتمر دولي يبحث في كيفيات تحقيق الأمن المجتمعي والجماعي في الوطن العربي.
– رفع توصيات هذا المؤتمر إلى الجهات المعنية، ونشرها على نطاق واسع من خلال الصحافة والإعلام، ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وأخيرا، دعا الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية ومركز جيل البحث العلمي جميع المشاركين في هذا المؤتمر الى مواصلة البحث ونشر المقالات والدراسات المتخصصة، وبناء على توصيات لجنة الصياغة بالمؤتمر ستنشر أعمال هذا المؤتمر ضمن سلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي.