مجلة وفاء wafaamagazine
نظم “معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية” في الجامعة الأميركية في بيروت، جلسة نقاش عن بعد بعنوان “كيف يكون القانون الانتخابي مدخلا للإصلاح السياسي؟”، شارك فيها المحاضر والباحث في العلوم السياسية في جامعة “كامبريدج” صالح المشنوق، الباحثة والناشطة السياسية زينة الحلو، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت ميشال دويهي. أدار الجلسة زياد الصائغ الباحث في السياسات في معهد عصام فارس.
بدأت الجلسة بكلمة لزياد الصائغ أشار من خلالها إلى أنه لطالما خضع قانون الانتخابات النيابية في لبنان خلال الثلاثين عاما الماضية لمشيئة السلطة السياسية، ما من قدرتها على الإمساك بمفاصل السلطة التشريعية، وبالتالي السلطة التنفيذية”.
ورأى الصائغ أن “انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 طرحت مطلبا ثانيا بعد إسقاط الحكومة، وافتراض تشكيل حكومة مختصين مستقلين، يتمثل بإنجاز انتخابات نيابية مبكرة تعيد تشكيل السلطة مدخلا الى الإصلاح السياسي بداية، ما يمهد لإصلاحات بنيوية في كل القطاعات”.
وطرحت خلال الجلسة أسئلة عدة عن “إمكان إجراء انتخابات نيابية مبكرة/أو في موعدها؟ ما هي العوائق والمحفزات؟ أي معايير لقانون انتخابي يؤمِّن صحة التمثيل وعدالته؟ وأي مآلات مرتقبة لخوض الانتفاضة الانتخابات النيابية بخيارات موحدة رؤية وبرنامجا ومرشحات/مرشحين؟”.
وقالت زينة الحلو في مداخلتها: “لا نستطيع تحميل المسؤولية أو إنساب مصدر كل مشاكل النظام اللبناني إلى القانون الانتخابي”، مشيرة إلى أن “القانون هو أداة لإنتاج سلطة تعمل لصالح الشعب خلال فترة معينة من الزمن”.
أضافت: “إن السؤال الذي يطرح اليوم هو كيف سيترجم القانون أصوات الأفراد بالطريقة الأفضل؟. علينا أخذ ثلاثة عناصر في الاعتبار: النظام وتقسيم الدوائر، إدارة العملية الانتخابية التي تفوق بأهميتها أهمية تقسيم الدوائر، والإطار العام حيث تحصل هذه الانتخابات. هذه العناصر الثلاثة تؤثر كلها على تكوين الصوت، وذهابه إلى الصندوق، وتحوله إلى المجلس النيابي”.
وتابعت: “إنه يجب أن نراعي إرادة الناخب في التصويت من خلال التفكير بالسلوك الانتخابي وليس فقط بالقانون الانتخابي، وخير دليل على ذلك هو عدم تصويت البعض في الانتخابات النيابية عام 2018 بسبب رفضهم التصويت للائحة بكاملها، بل كانوا يفضلون انتخاب أفراد. لا نستطيع انتاج قانون انتخابي في ظل انعدام الاستقرار السياسي”.
بدوره، قال صالح المشنوق: “ما من دولة تشهد إجماعا على قانونها الانتخابي، وذلك لأن الهدف الأساسي لأي قانون انتخاب هو سياسي. لا يوجد قانون مثالي أو لا يختلف عليه، إلا أن قانون الانتخاب يبقى أحد أهم الأعمدة السياسية لتشكيل النظام. في ظل الانقسامات الاجتماعية الموجودة في لبنان، نستطيع التعلم من دول أخرى فيها تنوع طائفي، ذلك أن سيادة فكرة عدم الاعتراف بالقواسم الطائفية أصبحت من الماضي ويكمن صلب المسألة اليوم في الاعتراف بوجود الخصوصيات والهويات المختلفة وذلك للعمل على تذليل مفاعيلها السلبية في العملية الانتخابية والسياسية عموما”.
وأشار إلى “وجود توجه عند الذين يعملون في الشأن العام والأكاديميين في لبنان، يجزم بأن التوجه الانتخابي يكون ليبراليا في ظل قانون ليبرالي، إلا أن هذا المفهوم خاطئ”، لافتا إلى أنه “من واجبنا أن نوحد طاقاتنا لنفكر بالأهداف التي نسعى إليها، محققين توازنا بين الحقيقة على الأرض، والقيم والروح التصويتية ذات الطابع المدني”.
وختم: “نحن في لحظة مصيرية لأننا في منتصف الطريق بين انطلاق الثورة وقرب الانتخابات النيابية”، محذرا من “سيناريو تأجيل الانتخابات النيابية من خمس إلى سبع سنوات، وذلك لأسباب سياسية جمة”.
وأشار ميشال الدويهي إلى “المزاج التشاؤمي العام في البلد وإلى خطورة غياب قانون الانتخاب عن النقاش السياسي الحقيقي بين مجموعات الثورة، وإلى أنها المرة الأولى اليوم منذ بداية الثورة التي نفتح فيها حلقة نقاش حول قانون الانتخاب”، لافتا إلى أن القانون الحالي لا يمكنه بشكله الحالي أن ينتج للثورة أكثر من أربعة أو خمسة نواب في المجلس النيابي”، منوها أن “السلطة السياسية تضع القانون الانتخابي الذي تريده لإعادة إنتاج نفسها لذلك تحتاج مقاربة القانون الانتخابي إلى مراعاة المشهد السياسي القائم”.
أضاف: “لا يزال مزاج الطوائف مهيمنا في لبنان وأن الوقت حان لنتعلم كيفية الانتقال من الانتماء إلى جماعة إلى الانتماء إلى المواطنة”.
وقال: “الانتخابات هي عملية طويلة المدى تحتاج إلى وقت طويل للتحضير وأنه في ظل التخوف من تأجيل الانتخابات النيابية بسبب أهداف سياسية تتعلق بالانتخابات الرئاسية يجب أن يتم التركيز والتحضير الجد للانتخابات البلدية التي قد تشكل المدخل الأساسي للتغيير السياسي الذي نتطلع إليه في ثورة 17 تشرين”.
وختم: “نريد قانونا انتخابيا أوسع يسمح لخطاب مدني سياسي نابع من الثورة ويفيد ويهدىء البلد سياسيا من الغليان”.