مجلة وفاء wafaamagazine
بعدما وصل سعر سعر ربطة الخبز 900 غرام إلى 2000 ليرة، وبعد قرار قيادة الجيش إلغاء اللحم من وجبات العتيد، وبعد فقدان عدد لا بأس به من السلع الأساسية وغير الكمالية من المحلات التجارية، لم يعد أمام اللبناني سوى الإكتفاء بأكل “الهواء”، على رغم ما فيه من سموم، خصوصًا إذا تفاقمت أزمة النفايات من جديد.
ولن يستغرب اللبناني إذا ما لجأت الحكومة إلى تركيب عدّادات لقياس نسبة إستهلاكه لـ”الهواء”، وهو أمر لا يمكن نفيه، خصوصًا مع هكذا حكومة مستعدة لحرق جميع مراكب اللبنانيين، الذين لا يزالون يأملون بالوصول إلى الشاطىء الأمين، على رغم ما تتعرّض له مراكبهم من أمواج عاتية، لا تترك للركاب الكثير من الخيارات، مع أن البعض تراوده فكرة القفز إلى المجهول، وذلك كخيار يعتبره أفضل من البقاء على سطح المركب المهدّد بالغرق في كل لحظة.
فمع كل يوم يمرّ على “حكومة الجوع” يفيق اللبناني على خبر وينام على خبر آخر، حتى أنه يرى في منامه كوابيس اليقظة، التي باتت تلاحقه ليلًا ونهارًا وكيفما إتجه، الأمر الذي يدفعه إلى التفكير ألف مرّة بأن يترك هذا البلد، الذي لا يزال يحبه على رغم كل شيء، مع أن لا شيء يوحي بإمكانية العيش فيه بكرامة ومن دون بهدلة و”تشحشط” والركض وراء السراب، الذي يخيّل إليه بأنه قريب، إذ كلما إقترب إليه كلما إبتعد أكثر فأكثر.
كمّ مرّة في اليوم القصير نسمع المواطنين، من كل المستويات الإجتماعية، يقولون بأن العيشة مثل باقي البشرفي هذا البلد قد أصبحت مستحيلة أو جعلوها مستحيلة، على الأقل على مستوى المسؤولين، الذين باتوا يزاحمون الناس في النق والتذمّر، ومن بين المتذمرّين وزراء إكتشفوا، ولو متأخرين، أن الوضع المعيشي لم يعد يطاق، وأنهم يتفهمون غضب الناس في الشارع ولجوءهم بعض الأحيان إلى لغة العنف، الذي نعتبره غير مبرر، لأن صرخة الناس ستُسمع في نهاية المطاف، خصوصًا عندما ينزل كل الشعب إلى شارع رفض سياسة التجويع والإفقار ودفعهم نحو الهاوية.
وما يزيد الطين بلّة الحديث المتنامي، في السرّ والعلن، عن إحتمال تفجّر الوضع الأمني، وأن شهر تموز سيكون “حارًّا، خصوصًا أن ثمة معلومات لدى الأجهزة الأمنية بأن الوضع لا يطمئن، على رغم حرصها على العمل بكل ما لديها من قوة وإمكانات للحؤول دون الوصول إلى نقطة الخطر، من خلال السياسة التي تتبعها هذه الأجهزة لناحية الأمن الإستباقي.
وقد ترافق هذا الجو المقلق مع تخوف وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، الذي سيزور لبنان قريبًا، والذي حذّر من أن تؤدي الأزمة الإجتماعية والمعيشية الصعبة إلى تزايد العنف، الأمر الذي يضع الحكومة أمام مسؤوليتها، وهي تتصرّف وكأن لا أزمات في لبنان، وأن الوضع فيه لا يقلق، مع العلم أن إنقطاع التيار الكهربائي في الأيام المقبلة سيزيد من نقمة الناس، مع تصاعد الإحتجاجات الليلية وما يتخللها من قطع للطرقات.
بإختصار الوضع لا يطمئن ويجب أن يكون حافزًا للحكومة، التي لا تزال تنام على حرير، وهي في “خبر يوك”.
لبنان 24