طوال الأسبوع الجاري، خاضت الحكومة ممثّلة بوزير المال وفريق المستشارين مفاوضات مع ممثلين عن مصرف لبنان وجمعية المصارف في محاولة للخروج باتفاق يعيد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. بدا واضحاً من سياق سير النقاش بين الطرفين أن المصارف مصرّة على التنكر لوجود أي أزمة، وتسعى إلى مراكمة مزيد من الأرباح على جثة الدولة اللبنانية. ثمة من يقول هنا إن الرؤساء الثلاثة، ولو أنهم يقفون – إلى الآن – سداً في وجه استحواذ المصارف على أصول الدولة وممتلكاتها، فإنهم لا يزالون يمنحون المصارف ترف تقرير مصيرها ومصير شعب كامل عبر فرض شروطها، فيما يستوجب الأمر قراراً سياسياً حازماً يجبر البنوك على الإذعان لما تقرره «الدولة». فحتى الساعة، تخضع الأخيرة لابتزاز المصرفيين الذين شكلوا «لوبي» نيابياً ساندهم في ضربتهم الأولى بإسقاط خطة الحكومة، وها هم ينفذون الضربة الثانية بربطهم «سرقة» عقارات الدولة وعائداتها باستئناف المفاوضات، أي بمعنى آخر: أعطونا ممتلكات الدولة لنوافق على مناقشتكم بالطريقة التي نراها مناسبة. وتشير المصادر إلى أن الوضع اليوم مشابه لمرحلة «ابتداع لجنة لتقصي الحقائق بحجة توحيد الأرقام، ولكن هدفها إسقاط المفاوضات مع صندوق النقد ودفن الخطة الحكومية لإنقاذ المصارف». فقد أوحى اجتماع أمس، وهو الاجتماع الأخير هذا الأسبوع، بأن المصارف لا ترغب بمناقشة أي فرضية، وتربط بين استيلائها على الأصول وبدء المفاوضات. وحتى عندما دعاها رئيس الحكومة حسان دياب إلى الانتقال للحديث عن المسارات البديلة، رفض ممثلو جمعية المصارف الأمر وأعادوا النقاش إلى الطرح الرئيس بالنسبة إليهم أي أملاك الدولة. كرّر دياب عدم موافقة الرؤساء الثلاثة على بيع الأصول، مضيفاً أن «البرلمان لن يقبل بإجراء مماثل»، لأن بيع الأصول أو استعمالها بحاجة إلى قانون يوافق عليه مجلس النواب. غير أن المصارف تحدّثت بثقة تامة عن خطأ استباق هذا الموضوع، بما يقود إلى الاعتقاد أنها مطمئنة إلى أن عدداً كبيراً من النواب سيساندونها في معركتها الرامية إلى السطو على الأملاك العامة. وخلص الاجتماع إلى مراوحة الأمور في مكانها، مع خرق صغير تمثل باستجابة المصارف لطلب الحكومة تقديم المستندات اللازمة التي تم الركون إليها لتحديد بعض الأرقام في الخطة الحكومية، يوم الإثنين المقبل.