مجلة وفاء wafaamagazine
حبيب معلوف
ألغت لجنة البيئة النيابية اجتماعاً كان مخصّصاً لمعالجة أزمة النفايات، اليوم، في جو من الغموض، إذ أن هذا الاجتماع كان قد رُحّل من الأسبوع الماضي بعدما استحوذ على جلسة اللجنة موضوع سد بسري، معزّزاً بحضور نواب أحزاب الاشتراكي والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الله. علماً بأن وزير البيئة دميانوس قطار قد أجّل الإجابة على أسئلة النواب، الكثيرة والمحرجة، إلى الاجتماع الذي كان مقرراً اليوم.
وإذ وضع المدير التنفيذي للبنك الدولي ساروج كومار جا حداً للتكهنات حول مصير قرض البنك لسد بسري، في اتصال مباشر مع رئيس لجنة البيئة النيابية مروان حمادة سمعه النواب المشاركون في الاجتماع، مؤكداً أن البنك لا يؤيد تنفيذ قرار استكمال الأعمال بالقوة ولن يقبل بالمهلة التي طلبها رئيس الحكومة لثلاثة أشهر… تنفّس المعارضون الصعداء، وزاد إرباك الحكومة والوزارات والكتل المعنية. هذا الموقف، مضافاً إليه الاصطفاف بين الكتل النيابية بين مؤيد للسد ومعارض، زادا حدة النقاشات… إلى أن فتح النائب قاسم هاشم كوة، عندما تحدث عن ضرورة التفكير ببدائل عن السد، لأن الهدف هو تأمين المياه وليس إنشاء السدود.
اجتماع اليوم كان يفترض أن يكون أكثر حماوة، ولا سيما بعد تهديد بلدية الشويفات واتحاد بلديات الضاحية بإقفال مطمر كوستا برافا أمام نفايات المناطق الأخرى، ومع اقتراب مطمر الجديدة الممدّد له ثلاثة أشهر من نهاية عمره… في وقت تُعقد اجتماعات بعيداً عن الأضواء بين نواب المنطقة من الأطراف كافة (ولا سيما الاشتراكي وأمل وحزب الله والمستقبل) لمعالجة الأمر واستباق وقوع المحظور «الطائفي» الذي يمكن أن يفسره البعض بإقفال مطامر مناطق محددة على سكان مناطق أخرى.
حتى كتابة هذه السطور، لم يكن لدى أحد جواب حول ماذا سيحصل، إن على مستوى الحلول الاستراتيجية أو على مستوى البديل عن الخطة الطارئة الحالية. وقد ضيّع وزير البيئة كثيراً من الوقت عندما قبل بتسليم الملف إلى لجنة يديرها مستشارون لرئيس الحكومة لا خبرة لديهم في الملف ولا يملكون أية رؤية، وهم عملوا على إعادة جمع الأطراف كافة التي لم ينجح معظمها في إيجاد حلول سابقاً ولا في إدارة الأزمات السابقة والمتكررة. والدليل على ذلك أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة لم تتطرق إلى الشأن الاستراتيجي ولم تناقش أي خطة طارئة جديدة لناحية البتّ في البدائل (ولا سيما عن موقعَي الجديدة والكوستابرافا)!
تقرير مجلس الإنماء والإعمار الذي طلبته الحكومة بناءً على اقتراح وزير البيئة، بيّن ما كان معروفاً، من أن إعادة فتح مطمر الناعمة هي الخيار الأفضل من النواحي الواقعية والمادية (الأقل كلفة) ولجهة سرعة التنفيذ… الا أن المشكلة، كما هو معلوم، في كيفية إقناع من ضغط سنوات لإقفاله (بعد طول مماطلات وإخفاقات من السلطات غير المسؤولة) بإعادة فتحه.
كما لا يعرف كثر، على ما يبدو، أن التمديد لعمل مطمر الناعمة لم يحصل لعشرات المرات، إلا بسبب فشل الحكومات المتعاقبة ما بعد الطائف في إيجاد بديل عن خطط الطوارئ وفي تفعيل دور وزارة البيئة التي تحوّلت إلى إدارة لتمرير مشاريع تحتاج إلى دراسة أثر بيئي، وهمية في غالبيتها. كما لم يبحث أحد في المشكلة القائمة في الأحزاب السياسية المسيطرة التي لم تجد في وزارة البيئة وزارة سيادية أو خدماتية أو وزارة دسمة يفترض التسابق عليها … وقد تم تركها دائماً للأضعف من الفرقاء. ولا يزال لبنان يحصد نتائج هذا الاستضعاف والاستخفاف بأهم مقومات هذا البلد الهش من موارد وطبيعة وبيئة. ليس هذا وحسب، إذ طالما تمت التضحية بالبيئة بحجة تشجيع الاستثمارات والاقتصاد والتصنيع والتجارة والخدمات… حتى انهار البلد وخسرنا كل شيء دفعة واحدة، مع فارق بسيط، ولكن خطير، وهو أن الخسائر الاقتصادية التقليدية يمكن أن تعوّض، بينما الخسائر البيئية من تلوث المياه والتربة والقضاء على التنوع البيولوجي والكثير من الأنواع …. لا تعوّض.
تم إلغاء اجتماع اليوم، مع إقفال مجلس النواب أبوابه بسبب «كورونا»، على وقع شد الحبال حول سد بسري وانقطاعها عند مطامر أزمة النفايات… من دون أي أمل في أن يستفيد من بيدهم الأمر، من الوقت الضائع بين عطلة الأعياد والحجر الكوروني، للتفكير بحلول مستدامة أو طارئة، لأن «الكيلة» المعوجة في الطاحونة لا تزال هي نفسها.
الاخبار