الثلاثاء 23 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
بات السؤال اليوم هل يسقط خيار المجلس العدلي في مجلس الوزراء فيتأمن اخراج لائق للنائب طلال ارسلان، من دون “كسر” النائب السابق وليد جنبلاط، لما لذلك من تداعيات؟ أم يكون الكلام عن عملية الاسقاط في مجلس الوزراء خدعة تطيح ما سبق من اتصالات وتفاهمات وتؤدي أيضاً الى عملية “كسر” رئيس الوزراء سعد الحريري الرافض لموضوع التصويت على الاحالة على المجلس العدلي؟ الاكيد ان البلد كله لا يحتمل النتيجة التي ستعيد الامور الى نقطة الصفر مع المخاطر المالية التي تتهدد الوضع بمجمله، اذ لا قدرة للبنان على مواجهة فراغ حكومي يصعب الخروج منه حاليا في ظل التوترات الاقليمية والاشتباكات الدولية، كما لا قدرة مالية على مواجهة اخطار اضافية تعرض البلد لانكشاف مالي وخفض اضافي في التصنيف.
فالاجتماع الذي عقده أمس الرئيس الحريري والوزير صالح الغريب وان كان ايجابيا في الشكل، لم يخرج بنتائج ايجابية في ظل اصرار الاول على عدم استباق الامور، واتاحة المجال للمحكمة العسكرية لتنجز عملها، واصرار الثاني على المجلس العدلي يدعمه فريق الرئيس ميشال عون. فعلى رغم الحديث في أوساط قريبة من عون عن قرب انتهاء فترة السماح لارسلان، الا ان مصادر أخرى مواكبة أكدت الاصرار على جعل الملف بنداً أول على جدول أعمال مجلس الوزراء، وان هذا البند سينال أكثر من نصف الاصوات. وهذه التسريبة تحمل رئيس الوزراء على التصلب أكثر في عدم الدعوة اليوم الى جلسة توقع البعض ان يكون موعدها الخميس.
وقد ظهرت الأولوية لدى الرئيس الحريري أمس في “استعادة المؤسسات دورها من خلال اجتماع مجلس الوزراء في الايام المقبلة، لان التعطيل الذي درج البعض على استخدامه وسيلة ضغط ليس في مصلحة أحد، ولا سيما من يستخدم التعطيل، والمسار يتجه نحو انعقاد جلسة مجلس الوزراء خلال الايام القليلة المقبلة”.
هذه الخلاصة التي خرج بها زوار رئيس الوزراء أمس ليست من عبث وانما وليدة تفعيل حركة الاتصالات في اليومين الاخيرين ، والتي، على رغم الجمود الذي يتحكم بها، تكاد كما قالت مصادر متابعة لـ”النهار” تنضج لتجد الامور مخارج لها. فاحالة ملف حادثة قبرشمون على المحكمة العسكرية، وان كان اجراء روتينياً، ربما شكل بداية الخروج من نفق الاحالة على المجلس العدلي، بحيث ان طلب المجلس العدلي سيعلق الى حين، في انتظار المرحلة التالية من التحقيقات ووصف المحكمة العسكرية الحادثة بين “كمين” أو”اشتباك مسلح” ما يستدعي او لا يستدعي الاحالة.
وتحدثت المصادر الى “النهار” عن مضمون تحقيقات شعبة المعلومات التي اظهرت بدء مرافقي الوزير صالح الغريب باطلاق النار الذي قوبل بالمثل، ما ينفي افتراض الكمين. وهذا الامر ستنظر به مجدداً المحكمة العسكرية التي ستعجل في عملها واصدارها الحكم ، وستحكم غيابيا على الذين وردت اسماؤهم ولم يسلموا أنفسهم أو لم يتم تسليمهم. وقد تسلمت المحكمة العسكرية الملف من النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي عماد قبلان الذي وجد أن هناك صلاحية للقضاء العسكري، كما طلب قبلان إحالة التحقيقات في الحادثة، مع دعوى الحزب التقدمي الاشتراكي على الوزير صالح الغريب و”مرافقيه المسلحين”، على مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس.
ولا يلغي هذا التطور حق النائب طلال ارسلان والوزير صالح الغريب في استمرار المطالبة بالمجلس العدلي، في ظل دعم معلن من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” الذي يتجه الى تليين موقفه منعا لتجميد عمل الحكومة وتعطيلها أكثر، ما يسيء الى صورة العهد والى استحقاقات لبنان.
في هذه الاثناء، يعاود مجلس الوزراء أعماله، وقد واصل الحريري مساعيه لفك الحصار عنه، وتجنب التصويت في الجلسة منعاً لاحراج معظم الافرقاء، وأولهم وزراء كتلة “التنمية والتحرير” اذ ان الرئيس نبيه بري يتجه الى عدم التخلي عن حليفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كما عدم التباعد في الموقف مع “حزب الله”. وقد التقى الحريري الوزير وائل أبو فاعور في السرايا بعد الظهر قبيل لقائه مساء الوزير صالح الغريب الذي التقى أيضاً اللواء عباس ابرهيم. وأفادت اوساط الحريري ان رئيس الوزراء لا يزال عند موقفه من حيث رفضه انقسام مجلس الوزراء، لكنه بدا أكثر اصراراً على رفض تأخير انعقاد الجلسة الحكومية.
وصرح الوزير الغريب بعد اللقاء: “اننا نحن حريصون على البلد وعلى تفعيل عمل مجلس الوزراء”. وأوضح أنه “بالتوصيف الجرمي قضية حادثة قبرشمون يجب ان تحال على المجلس العدلي”، مشيراً الى أن “الحريري يقوم بمجموعة اتصالات لتقريب وجهات النظر”، ومشدداً على “أننا منفتحون على مناقشة المخارج اللائقة لهذا الأمر”.
وأوضح ان “الحريري مع التوافق على الحلول ونحن كذلك، وبنهاية المطاف هناك حكومة تقرر”. واضاف: “اننا مصرون على طرح هذا الموضوع على المجلس العدلي وهذا حقنا، وهناك مساع لتدوير بعض الزوايا”. واعتبر انه “لا يمكن الا ان يتم طرح هذا الملف على التصويت، واذا تعذر ذلك فنحن مع التوافق المسبق”. وخلص الى “اننا لا نطلب المجلس العدلي للتشفي من احد على الاطلاق”.
وعلمت “النهار” ان “تكتل لبنان القوي” متمسك بطرح احالة حادثة البساتين على المجلس العدلي في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء. وقالت اوساط مواكبة للعمل الحكومي ان ما ادلى به الوزير صالح الغريب ليس تصعيدا وانما هو احتكام طبيعي الى لمؤسسات الدستورية تماماً كما تم الاحتكام الى القضاء المختص وان التصويت على الاحالة ستكون بنصف الحضور من الوزراء زائد صوت واحد والجميع سيرضون بنتيجة التصويت.
المصدر: النهار