مجلة وفاء wafaamagazine
بعد الإشكالات التي حصلت أول من أمس في الجديدة ‐المتن بين مناصري “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ومن قبل في بلدة الحدت، وفي ضوء التراشق الإعلامي بين الطرفين الذي تحفل به مواقع التواصل الإجتماعي، والذي بلغ حدودا غير مقبولة من التوتر والاستفزاز، لا بد من العودة إلى لغة العقل، والإتّعاظ من الماضي وما أدى إليه من مآسٍ، تحاشيا لفتنة قد تؤدي إلى حرب اخوة شبيهة بتلك التي حدثت في العام ١٩٩٠ بين الطرفين عينهما.
وإن ما حصل بالأمس ذكرني بما أورده رئيس حزب الكتائب اللبنانية الراحل الدكتور جورج سعاده في كتابه “قصتي مع الطائف” الصادر في العام ١٩٩٨، قبل أيام من رحيله، والذي أشار فيه (ص:٣٢٤و٣٢٥) إلى تشكيل لجنة مارونية في أيار ١٩٩٢ “بمباركة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير” ضمّت كلاًّ من المطران خليل أبي نادر، قبلان عيسى الخوري ، أنطوان الهراوي، شاكر ابو سليمان، إرنست كرم، سيمون بولس، جورج جبر، الأباتي بولس نعمان، نعمة الله أبي نصر، جو تابت.
وقامت اللجنة بجولة على أكثر القيادات في الداخل والخارج بعد أن وضعت ما سمته بـ”المبادئ الأساسية للوفاق الماروني” وهي:
١‐ضرورة خلق مرجعية مارونية شورية.
٢‐قبول بعضنا ببعض والتعامل بطريق ديموقراطية.
٣‐استعمال السلاح بين الموارنة ممنوع منعا باتا، وحجب الدم بينهم هو عهد شرف.
٤‐الاحتكام في الخلافات إلى المرجعية.
٥‐التنافس الديموقراطي أمر طبيعي، أما التناحر والتجريح الشخصي فهي أمور محظورة
٦‐الحرص على نزاهة المراكز المارونيّة في كل المجالات، والعمل على اختيار الأشخاص الكفوئين”.
ويلفت سعاده في كتابه إلى أن اللجنة لاقت صعوبات جمّة للحصول على تواقيع بعض القيادات المارونيّة. وكان من جملة من وقّعها الرئيسان شارل حلو الذي أضاف “مع التأييد الكامل”، وسليمان فرنجية الذي علّق “مع الموافقة والتمني بالتوفيق” وسمير جعجع الذي كتب قبل التوقيع “مع الموافقة والتمني بإكمال النهج حتى النهاية”، وايلي حبيقه. ويضيف سعاده:”اما انا فقد كنت من جملة الذين وقّعوا عليها فور عرضها عليّ بعد أن دونت الملاحظة الاتية: “كم كنت اتمنى احتمال أن يكون هناك مفعول رجعي لهذه البنود. وما ارجوه اليوم أن يصار إلى تنفيذ هذه البنود بأسرع ما يمكن”، ولم تكتفِ اللجنة بالاتصالات التي قامت بها في لبنان، بل انتدبت من قبلها وفدا قوامه: قبلان عيسى الخوري، أرنست كرم، جورج جبر، نعمة الله أبي نصر، سافر إلى فرنسا حيث التقى كلا من الرئيس الأسبق أمين الجميل، العماد ميشال عون والعميد ريمون اده، ووافق هؤلاء على الوثيقة، واثنوا على عمل اللجنة، وضمن كل منهم موافقته في ورقة خاصة به قدمها إلى الوفد مذيّلة بتوقيعه. وهذا يعني أن هناك توافقا شاملا حول “المبادئ الأساسية للوفاق الماروني”.
إن ما حصل في الجديدة يؤشر إلى منحى غير مريح، ينبغي تداركه، ولا يبدو حتى الآن أن أحدا من الأطراف يرغب بالامعان في نهج التحدّي والمكاسرة لأن تبعاته ستكون كبيرة ومكلفة للجميع، في زمن لم يعد فيه للبنان، ولا اللبنانيين، وخصوصا المسيحيين فيه، طاقة على احتمال أي تطور سلبي على الأرض مهما كان حجمه، لأن الأثمان ستكون باهظة.
دعوة إلى جميع المعنيين مسيحيا، ومارونيا على وجه التحديد: عودوا الى البندين الثالث والخامس من “ورقة المبادئ” الأساسية للوفاق الماروني: “استعمال السلاح بين الموارنة ممنوع منعا باتا، وحجب الدم بينهم هو عهد شرف.
التنافس الديموقراطي أمر طبيعي، أما التناحر وإلغاء الآخرين والتجريح الشخصي فهي أمور محظورة.”
والسلام على من اتبع الهدى.
النشرة