مجلة وفاء wafaamagazine
«الأبواب مُقفلة». هكذا يُمكن اختصار حصيلة الاتصالات المحدودة التي جرت بشأن الأزمة الحكومية في الأيام الماضية. وبات واضحاً أن هذه المراوحة، التي حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يكسرها بدعوته إلى الاستشارات النيابية في الـ15 من الشهر الحالي، تهدِف إلى رمي حجر في المياه الراكدة، ليس على المستوى الداخلي، وحسب، بل محاولة منه أيضاً لجس نبض الإليزيه الذي لم يُحرّك ساكناً منذ المؤتمر الأخير للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن لبنان.
الأكيد أن الاستشارات الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد لم يسبقها اتفاق على أي اسم، رغم الكلام المتكرر عن ضرورة تلازم التكليف والتأليف، لكن عون ارتأى التحرك للقول إنه يعمَل على إنجاح المبادرة الفرنسية، وتواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً بأن الأخير كانَ يفضّل التفاهم على «السلة كاملة» قبلَ تحديد الموعد. باختصار، تُجيب مصادر في بعبدا أن «الرئيس عون يُطبّق الدستور، أليسوا هم من يتهمونه بخرق الدستور؟ فماذا يريدون أكثر من ذلِك؟». وماذا عن الاتفاق على اسم الرئيس العتيد؟ «لقد حدد الرئيس الاستشارات بعدَ أسبوع من الآن، لكي يُعطي فرصة للقوى السياسية للتشاور والوصول إلى اتفاق، لكن فليعلَم الجميع أننا لا يُمكن أن ننتظِر أكثر من ذلِك، وأن وضع البلد أشبه باللغم القابل للانفجار في أي وقت».
مع الخطوة التي أقدمَ عليها الرئيس عون، تتجه البلاد نحو عملية خلط للأوراق السياسية، ستبدأ بالظهور تباعاً مع إعلان القوى السياسية الأساسية مواقفها مما يجري. وقد بدأ بذلك رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي جدد أمس في مقابلة مع قناة «أل بي سي آي» ترشيحه للرئيس سعد الحريري على رأس حكومة تكنوسياسية (6 وزراء سياسيين و14 من التكنوقراط)، وهو أمر مرهون بقبول الحريري نفسه الذي سيظهر اليوم في برنامج «صار الوقت» على قناة «أم تي في»، ومن المرجّح أن يقول موقفه من هذا الترشيح، فيما قالت مصادر مطلعة إن «الحريري سيردّ على الاتهامات التي طالته بشأن تعطيل الحكومة، لكنه لن يستخدم سقفاً عالياً ضد حزب الله».
في مطلق الأحوال، ثمة ثابتة وحيدة، وهي أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وأن لا اتجاه الى تأليف حكومة من لون واحد. وهذه الثابتة تقود إلى أن الخيارات الوحيدة المتاحة أمام القوى المعنية بتأليف الحكومة، هي إما العودة الى التفاوض مع الحريري نفسه لتكليفه بتأليف حكومة أو الاتفاق معه على اسم محدد. لكن الخيار الأول، وبحسب مصادر مطلعة، دونه عقبات كبيرة. فالحريري حتى الآن لم يحسم موقفه، وقد يخرج قريباً للقول إنه يرفض هذه المهمة. ومع أن «الحريري لا يزال الاسم المفضّل عند الرئيس نبيه بري، رغم تحفظه على الكثير من الأمور، وهو خيار لن يعارضه حزب الله»، إلا أن المشكلة الكبيرة هي في موقف الرئيس عون منه، كذلك الوزير السابق جبران باسيل. فالأخير يرفض رفضاً قاطعاً عودة الحريري الى السراي. ولأجل قطع الطريق عليه، جرى التداول بمعلومات تفيد بأن «باسيل يعمل على تعويم السفير مصطفى أديب من جديد». وبينما تنفي مصادر التيار الوطني الحر ذلك، علمت «الأخبار» أن «أديب تلقّى اتصالات كثيرة من بيروت تطالبه بالعودة»، لكنه «يرفض ذلك قبلَ التوصل الى اتفاق نهائي، فهو يريد ضمانات تتيح له التأليف فورَ مجيئه».
السلبية التي ترافق المشهد الحكومي، باغتها أمس إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن المؤتمر الدولي الثاني لمساعدة لبنان بعد الانفجار الضخم في مرفأ بيروت، سيعقد في تشرين الثاني وليس في تشرين الأول.
وأوضح لودريان أن هذا المؤتمر سيسمح بـ«الانتقال إلى المرحلة الثانية»، وهي مرحلة «إعادة بناء» المرفأ والأحياء المتضررة في بيروت، بعد مرحلة أولى كان عنوانها «الطوارئ». وكانَ لافتاً تحذيره مرة جديدة من «تفكك لبنان، لا بل من زواله إن لم تؤلف حكومة سريعاً، ولم تُجرَ إصلاحات هيكلية».
الأخبار