الرئيسية / مقالات / كسر جرة الحريري جنبلاط وحكومة جبر الخواطر اللبنانية!

كسر جرة الحريري جنبلاط وحكومة جبر الخواطر اللبنانية!

مجلة وفاء wafaamagazine

حسين عز الدين


عندما أطلق رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري مبادرة ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة، كان يتوقّع في قرارة نفسه ألا يتجاوب معه بعض الحلفاء والخصوم، في مقدّمهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي تنحدر العلاقة معه مع كلّ استحقاقٍ جديد، أكثر وأكثر لكنّ الحريري الذي لم يوفّر”رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من عتبه على خلفية ما أثير عن رفضه تسميته قبل تكليف السفير مصطفى أديب أخيراً، ووفق قاعدة “الكسر والجبر” التي اعتمدها مع جميع الفرقاء، حلفاء وخصوماً، كان يتوقّع من الأخير موقفاً “مَرِناً وليّناً”، منسجماً بالحدّ الأدنى مع العلاقة “التاريخية” التي لطالما ربطت بين الجانبيْن.وعلى رغم “استنفار” عددٍ من قياديّي “الاشتراكي”، على رأسهم النائب وائل أبو فاعور، للردّ على ما أثاره الحريري في إطلالته التلفزيونية قبل اسبوعين حول “وساطة” قام بها جنبلاط دفاعاً عن حقّ “الثنائيّ الشيعي” بالحصول على حقيبة المال “مدى الحياة”، بقي الانطباع السائد في الأوساط “المستقبليّة”، بأنّ الخلاف “مضبوط”، بل أنّه لا يتخطّى منطق “رفع العتب.
وتقول الاوساط المتابعة انقلب هذا “الانطباع” رأساً على عقب، مع الإطلالة “النارية” لجنبلاط عبر قناة “الجديد” اللبنانية ، والتي بدت مليئة بالقنابل “غير الودية” في وجه الحريري، وصولاً إلى حدّ رفض استقبال الوفد “المتنقّل” على الكتل السياسية، بل الحريري نفسه في حال أراد زيارة المختارة، وفق منطق أنّ “وليد جنبلاط مش هيك بيتعامل”.وبقدر ما بدا أسلوب “البيك” في التعبير عن موقفه الرافض لما وصفها بـ “التسمية الذاتية” للحريري، بقدر ما بدا مبرَّراً ومفهوماً برأي البعض، بالنظر إلى “الحُجَج” التي ساقها الرجل في سياق “أطروحته”، والتي تتقاطع جميعاً عند نقطةٍ واحدةٍ تتمثل بـ “توجّس” جنبلاط من “الصفقة” التي قد تكون تمّت خلف الكواليس، ودفعت الحريري لتجاوز خلافه مع “العهد”، وترشيح نفسه بكلّ ثقة، ومن دون التفكير مرّتيْن.
ويقول العارفون إنّ هذا “التوجّس” الذي عبّر عنه جنبلاط يلتقي مع “الهواجس” التي لطالما حرّكت المختارة في كلّ الاستحقاقات المفصليّة، والتي دفعته مراراً وتكراراً لممارسة ما توصَف بـ “الانعطافات الدوريّة” التي يُنتقَد جنبلاط عليها من قبل الأقربين والأبعدين، ولو أنّ البعض يستخدمها للإشادة بالرجل، الذي لا تزال “أنتيناته” قادرة على التقاط الرسائل والإشارات المشفّرة وغير المشفّرة، والبناء عليها على المستوى السياسي.
و تتابع المصادر إذا كان جنبلاط عبّر عن “هواجسه”، من خلال إثارة مسألة “الحصّة الدرزيّة” في الحكومة فإنّ موقفه الذي وصل إلى حدّ إعلان “عدم ضرورة” مشاركة كتلته النيابية في الاستشارات الملزمة، دفع بكثيرين إلى “التساؤل” عمّا إذا كان قد “أطاح” عملياً بمبادرة الحريري، وخلط مجدّداً أوراق هذه الاستشارات.
لكن، رغم ذلك، تبقى الخيارات مفتوحة وفقاً لهؤلاء، لعدّة اعتبارات، أولها أنّ جنبلاط نفسه “ترك للصلح مطرح”، إن جاز التعبير، رغم هجومه القاسي والعنيف، ما يمكن أن يُفسَّر وكأنّه “استدراجٌ للعروض” في مكانٍ ما، وثانيها، وربما الأهمّ، أنّ العلاقة “التاريخيّة” بين الجانبين، والتي شهدت الكثير من “الصعود والهبوط”، تتيح “المرونة” التي قد تظهر في ربع الساعة الأخيرة، بعدما تنشط الاتصالات والوساطات، وهو ما يُرجَّح حصوله في الايام المقبلة.