مجلة وفاء wafaamagazine
يخصص الإعلام الأوروبي عموما والإيطالي خصوصا مساحات واسعة لسوريا منذ أسابيع، لا سيما بعد حرائق كبيرة شبت في مناطق عدة في البلاد وتدهور الوضع الإنساني فيها، ويصف الوضع الإنساني بالكارثي تزامنا مع قدوم فصل الشتاء. وعبرت الخارجية الإيطالية عن قلقها إزاء الأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، ووصفتها بالكارثية، خصوصا بعد صدور تقرير من الأمم المتحدة يفيد بأن أكثر من 11 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة.
أما الفاتيكان الذي أبقى على سفيره الكاردينال ماريو زيناري رغم تعرض السفارة لقصف مدفعي أكثر من مرة، فيبدي في كل مناسبة قلقه بشأن سلامة وحماية ملايين السورين منهم حوالي 3 ملايين شخص في إدلب والمناطق المحيطة بها شمال غربي البلاد.
في الأسبوع الفائت ألقى الكاردينال زيناري مداخلة أمام السفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي في قاعة السينودس الجديدة في الفاتيكان، مقدما لهم صورة عن الأوضاع الراهنة، لافتا الى أن سورية هي اليوم بأمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
وأشار في مداخلته إلى الرسالة العامة الأخيرة للبابا فرنسيس “فراتيلي توتي Fratelli tutti” مسلطا الضوء على أهمية التضامن مع سوريا، “حيث تزداد الأوضاع سوءا وفقرا”، وقال: “يمكننا أن ننجو معا وإلا لن ينجو أحد”.
ولفت السفير البابوي في سوريا إلى “هجرة العاملين الصحيين، وتضعضع صناعة الدواء في المنطقة، فضلا عن المدارس غير الصالحة للاستخدام مع وجود أكثر من مليوني طفل دون تعليم، ناهيك عن انتشار البطالة وتدمير المنازل”. وتحدث عن “وجود أحياء وقرى تحولت إلى مدن أشباح، ووجود اثني عشر مليون مواطن سوري يعتبرون اليوم مهجرين داخليا أو نازحين في البلدان المجاورة”. وقال إن “المساعدات السخية التي حصلت عليها سورية اليوم هي كحنفية المياه في الصحراء”، مشددا على “ضرورة أن تقف حكومات الدول إلى جانب المنظمات غير الحكومية والهيئات الإنسانية”.
وفي سياق حديثه عن العقوبات المفروضة على سورية أكد أنها “تلقي بثقلها على السكان، ولا تضعف القيادة السياسية الحاكمة في البلاد”.
وفي ختام كلمته، عبر السفير البابوي عن ألمه حيال نزوح المسيحيين، لافتا إلى أن “نصف المسيحيين غادروا سورية وباتت الكنائس تفتقر إلى المؤمنين”. وأكد أن “لهذه الظاهرة خطرها على المجتمع ككل، لأن المسيحيين هم نافذة مفتوحة على العالم، كما أنهم يشكلون مصدر غنى لكل القطاعات”.
الجدير بالذكر أن الكردينال زيناري حصل في 24 أيار عام 2017 على جائزة “Path to Peace” أو “الطريق نحو السلام” في نيويورك، تقديرا لعمله الذي أداه دفاعا عن المسيحيين والضحايا الآخرين في الشرق الأوسط.
وتجدر الإشارة إلى أن “الطريق نحو السلام” التي يرأسها المونسنيور برنارديتو أوزا تأسست عام 1991 ضمن مهمة المراقبة الدائمة للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة، وهدفها الأساسي هو نشر السلام عبر نشاطات إنسانية وتوفيقية.
ويقول الكاردينال زيناري: “إن لسوريا مكانة خاصة في قلب وعقل قداسة البابا فرنسيس الذي خصني بمرتبة الكاردينالية من بين كل سفراء الفاتيكان، مؤكدا أهمية المضي قدما في نشر وتعميق ثقافة الحياة والمحبة والتسامح وتجذير العيش المشترك، وهذه ما تتسم به فسيفساء سوريا الجميلة، مهد الديانات السماوية”.