مجلة وفاء wafaamagazine
تواصلت الإدانات لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي ترافقت مع دعوات متصاعدة لمقاطعة المنتجات والسياحة الفرنسية. والأربعاء، قال ماكرون إن فرنسا لن تتخلى عن “الرسوم الكاريكاتورية”، التي اعتبرها كثيرون مسيئة للإسلام والنبي محمد، ما أثار موجة من ردود الفعل المنددة. وأمس الأحد، غرّد ماكرون بالعربية قائلاً: “لا شيء يجعلنا نتراجع، أبدا. نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام. لا نقبل أبدا خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني. سنقف دوما إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية”.
لا شيئ يجعلنا نتراجع، أبداً.
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) October 25, 2020
نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام. لا نقبل أبداً خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني. سنقف دوماً إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية.
كما دعت فرنسا حكومات الدول الإسلامية إلى وقف دعوات مقاطعة سلعها، وقالت في بيان: “الدعوات إلى المقاطعة عبثية ويجب أن تتوقف فورا، وكذلك كل الهجمات التي تتعرض لها بلادنا والتي تقف وراءها أقلية راديكالية متطرفة”.
وكانت فرنسا قد استدعت سفيرها لدى تركيا للتشاور بعدما أهان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ماكرون. وطالبت فرنسا أردوغان بتغيير سياسته لأنها “خطيرة”. وقال أردوغان إن ماكرون يحتاج إلى فحص للصحة العقلية بعد تعهده بتأييد استمرار نشر رسوم اعتبرت في أرجاء العالم الاسلامي مسيئة للنبي محمد، وذلك في إطار ما يعتبره الرئيس الفرنسي دفاعا عن القيم العلمانية ومحاربة الإسلام المتطرف.
وردا على حملة ماكرون للدفاع عن مثل هذه القيم، التي بدأت قبل مقتل المعلم، سأل أردوغان في خطاب: “ما هي مشكلة الفرد الذي يُدعى ماكرون مع الإسلام ومع المسلمين؟” وأضاف: “ماكرون يحتاج إلى علاج عقلي”، متابعاً: “ماذا يمكن أن يقال أيضا لرئيس دولة لا يفهم حرية المعتقد ويتصرف بهذه الطريقة إزاء ملايين الأشخاص الذين يعيشون في بلده الذين ينتمون إلى دين مختلف؟”.
المواقف العربية والإسلامية
دعت هيئة كبار العلماء في السعودية لإدانة الإساءة للأنبياء والرسل، مؤكدة أن الإساءة إلى مقامات الأنبياء لن تضر أنبياء الله ورسله شيئا، وإنما تخدم أصحاب الدعوات المتطرفة.
وشددت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء على أن “الإساءة إلى مقامات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لن يضر أنبياء الله ورسله شيئا، وإنما يخدم أصحاب الدعوات المتطرفة الذين يريدون نشر أجواء الكراهية بين المجتمعات الإنسانية”.
وفي ثاني موقف رسمي للأردن، بعد وزارة الخارجية، اعتبر وزير الأوقاف محمد الخلايلة، أن الإساءة للنبي محمد وللأنبياء جميعا “ليست حرية شخصية وإنما جريمة تشجع على العنف”، مضيفاً أن “هذه الإساءة غير المقبولة، تولد العنف وخطاب الكراهية (..) وهي اعتداء صارخ وجريمة بحق الأديان والمعتقدات والإنسانية جمعاء”.
وفي قطاع غزة، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، ماكرون إلى “التوقف عن سياسة الإساءة للإسلام والتحريض عليه”. كما طالبه في بيان، بـ”وقف التعرض للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعدم المساس بمشاعر المسلمين على مستوى العالم”.
وفي لبنان، استنكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، “الإساءة الفرنسية للإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام”.
وذكر بيان صادر عن الشيخ عبد الأمير قبلان، أن “التعنت الفرنسي الرسمي بنشر رسوم مسيئة للنبي محمد، في موقف غير مسؤول يفتقر الى الحكمة ويغذي العنصرية وينافي كل التعاليم الدينية”.
وأضاف البيان، أن هذه الإساءة “عدوان موصوف لا يقبله عقل ولا دين، فضلا عن معارضته حرية الرأي والتعبير التي تقف عند احترام حرية معتقدات الآخرين وتقديس رموزهم”.
وفي الجزائر، دعا المرشح الرئاسي السابق، رئيس حركة البناء الوطني (إسلامية)، عبد القادر بن قرينة، السياسيين في فرنسا إلى “كبح تهور ماكرون وحكومته بشن حملات ضد الإسلام والمسلمين لتغطية الفشل الداخلي”.
وحذر بن قرينة من “أي مساس بمقدسات الأمة الإسلامية وما ينجر عنه من انعكاسات على مصالح فرنسا في ساحات الأمة الإسلامية، الاقتصادية والثقافية”.
وفي اليمن، طالب “الحوثيون”، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا وطرد سفرائها من البلدان الإسلامية.
من جانبها، كانت وزارة الخارجية الكويتية قد أصدرت الجمعة بيانا حذرت فيه من مغبة دعم الإساءات واستمرارها للأديان السماوية كافة أو الرسل عليهم السلام.
وقالت إن الإساءات والسياسات التمييزية، التي تربط الإسلام بالإرهاب تمثل “تزييفا للواقع وتطاولا على تعاليم شريعتنا السمحاء الرافضة للإرهاب، فضلا عما تمثله من إساءة لمشاعر المسلمين حول العالم”.
وسبق بيان الخارجية الكويتية، تصريح لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، دعا فيه الحكومة الكويتية إلى استنكار الإساءات المقصودة لرموز الإسلام، والتحرك العملي ضمن المحيط الدبلوماسي لحظر الإساءة للمعتقدات كافة حول العالم.
كذلك، دانت وزارة الخارجية الإيرانية الإساءة الى “أنبياء الديانات السماوية وخاصة خاتم الأنبياء النبي محمد”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعید خطیب زادة إن الأعمال المتطرفة وغير المقبولة التي يمارسها بعض المتطرفين نشأت من الفكر المتشدد المتطرف في العالم الاسلامي وفي دول تُعد شريكة للغرب ولأميركا.
وأضاف أن المواقف غير المبررة للمسؤولين الفرنسيين ستؤدي أكثر إلى النفور منهم.
بدوره، اتهم رئيس وزراء باكستان عمران خان ماكرون بأنه “هاجم الإسلام” عندما شجع على عرض الرسوم التي تسخر من النبي محمد.
وقال على حسابه بموقع تويتر: “المؤسف أن الرئيس ماكرون اختار أن يتعمد استفزاز المسلمين، ومنهم مواطنوه (المسلمون)، من خلال تشجيع عرض الرسوم المسيئة التي تستهدف الإسلام ونبينا عليه الصلاة والسلام”.
لوبان تصعّد
بالتزامن مع ردود الفعل المنددة، اعتبرت زعيمة اليمين الفرنسي مارين لوبان، أن مهام مكافحة الإرهاب والإسلام الراديكالي تتطلب تخلي البلاد عن تطبيق بعض مواد الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وقالت زعيمة حزب “التجمع الوطني” الفرنسي: “ينبغي لفرنسا أن تتخلى عن تطبيق عدد من مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لأن قرارات المحكمة الدستورية في البلاد يتم اتخاذها في كثير من الأحيان استنادا إلى تفسير قرارات للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومع مراعاة ممارستها القانونية”.
كما حذّرت لوبان من أنّ الكثير من الفرنسيين يستهلكون المنتجات الحلال دون معرفتهم بذلك، داعية الحكومة إلى اتخاذ إجراءات بهذا الشأن.
📹 "Beaucoup de Français mangent des produits #halal, sans que ça soit indiqué. Que @GDarmanin commence par faire un étiquetage pour permettre à ceux qui ne sont pas musulmans de choisir leur mode de consommation." #LeGrandJury pic.twitter.com/kfWTIT78lS
— Marine Le Pen (@MLP_officiel) October 25, 2020
وأوضحت خلال مشاركتها في برنامج تلفزيوني أنّ “الكثير من الفرنسيين يأكلون منتجات حلال من دون معرفتهم ذلك. فليبدأ وزير الداخلية جيرالد دارمانان بوضع ملصقات خاصة على هذه المنتجات حتى يتمكن غير المسلمين من اختيار نمط الاستهلاك الذي يناسبهم”.
وكالات