مجلة وفاء wafaamagazine
إعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي أن “العقلية نفسها التي مارست الاهمال القاتل الذي أدى الى انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، تمارس اليوم الفراغ القاتل وتعوق تشكيل الحكومة”، مضيفا: “لا حكومة في المدى المنظور وفقا للمعطيات الراهنة، وما حصل مع مصطفى أديب في الملف الحكومي وما يحصل اليوم أمران مشابهان وانسحابه مشرف وهو تصرف وفق قناعته”.
وفي حديث عبر “صوت كل لبنان”، شدد بو عاصي على أن “من المعيب تهكم بعضهم على المبادرة الفرنسية التي يتم عرقلتها، فهذا تصرف لا مسؤول، محذرا من أن خطورة الموقع الذي وصلت إليه المبادرة الفرنسية اليوم هو أن نكون أمام خيارين: مبادرة بلا حكومة أو حكومة بلا مبادرة” .
واعتبر بو عاصي أنه “على قدر ما كانت خيبة الموفد الفرنسي باتريك دوريل كبيرة، فهي لن تصل الى مدى خيبتنا لأن أي ديبلوماسي لا يمكن أن يشعر بالوجع على قدرنا حين نرى بلدنا ينهار أمام أعيننا”، مضيفا: “الفرنسيون أطلقوا مبادرة وهم مشكورون، وقد قالوا للطبقة السياسية الحاكمة إن وطنكم ينزف والمطلوب منكم وضع اليد على الجرح أي تنفيذ بعض الاصلاحات البسيطة ووقف السرقة وإتخاذ قرارات في بعض القطاعات كالاتصالات والكهرباء وضبط الحدود، كي يضخ المجتمع الدولي دما أي أموالا. لكننا دوما نضع خططا بلا تنفيذ، ففي قطاع الكهرباء على سبيل المثال وضع الوزير سيزار أبي خليل خطة في آخر جلسة للحكومة وأقرت، ولم تطبق من قبل الوزيرة ندى البستاني التي وضعت خطة أخرى ولم تطبق أيضا من قبل الوزير ريمون غجر، مع العلم أنهم من العائلة السياسية نفسها. عدو من ينزف هو مرور وقت والأمر وصل إلى ودائع الناس وهو يلامس المس بالاحتياطي الالزامي، والطبقة السياسية لا تريد وقف النزف”.
وتابع: “اللعبة السياسية مكونة من 3 أجزاء: لعبة الوصول الى السلطة وهي مشروعة، تطبيق المشروع والمصلحة الوطنية العليا، وإن لم نع بعد أن المصلحة الوطنية بخطر، فقد يصبح الأذى مستداما، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود”.
العقوبات خيار وارد لدى ماكرون إن تعثرت مبادرته
وذكر بو عاصي بأن خارطة الطريق الفرنسية للإصلاحات وفق مواقيت محددة وهي أصبحت بعد تبني الافرقاء اللبنانيين لها في قصر الصنوبر خارطة طريق لبنانية، وأردف: “خارطة الطريق هذه بحاجة لحكومة كي تطبق، وتمت تسمية رئيس حكومة لتشكيل “حكومة مهمة” تنفذ خارطة طريق واضحة ومحدودة بالزمن ومحددة النقاط. لكن لعبة السلطة طغت على كل ما عداها من نقاط والموضوع محصور فقط بالمحاصصة والحقائب.
كما أشار الى أن “الغضب ليس تصرفا سياسيا ولكن قد توجد وسائل ضغط أخرى كفرض العقوبات”، وإستطرد: “عندما يلتزم رئيس جمهورية دولة كبرى إلى هذا الحد، بشكل أن ينظم تحركا سياسيا لمصلحة لبنان فقط ويضع رصيده وكل قدراته لمساعدته، ويقابله الجزء الأكبر من الطبقة السياسية بهدر الوقت والعمل على تفشيل مسعاه، من الطبيعي أن يحضر لخيارات قد يكون من بينها العقوبات في حال تعثرت مبادرته. حكما طار المؤتمر الدولي الذي كان يعده الفرنسي لمساعدة لبنان في ظل الواقع المحلي الذي نعيشه وعدم تشكيل حكومة مهمة والسير بالاصلاحات”.
العقوبات الأميركية ليست بنية ضرب المبادرة الفرنسية
وردا على سؤال، رأى بو عاصي أن “الأجندة الأميركية مختلفة عن الأجندة الفرنسية ومقاربة كل منهما مختلفة وإن وجد تنسيق بالحد الادنى”، مضيفا: “لا أعتقد أن فرض الادارة الاميركية عقوبات على سياسيين أساسيين ووازنين له ارتباط بتشكيل الحكومة بل هو يندرج بجزء منه ضمن الحرب بين إيران وأميركا التي يدور جزء منها في لبنان بسبب وجود “حزب الله”. فهذه العقوبات لها جانب قضائي ومالي يعتمد على قانون ماغنيتسكي الذي يستهدف الفساد وسوء استعمال السلطة وجانب سياسي عبر عنه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو حين تحدث عن سياسات النائب جبران باسيل التي دعمت حزب الله وساهمت بوضع يده على لبنان. وخوفي الفعلي هو ما مدى دفع كل لبنان الثمن”.
كما أكد أن “العقوبات الأميركية ليست بنية ضرب المبادرة الفرنسية”، موضحا أن “هناك حدا أدنى من التنسيق على الرغم من أن السياستين مختلفتان”، وأردف: “العالم الديبلوماسي ينطلق من عالم الواقع، الفرنسيون يطالبون بتشكيل حكومة لأجل المساعدات واضعين خطوطا حمرا لا يمكن تجاوزها، وأكيد أن هناك هوامش مناورة معينة”.
كذلك إعتبر أن “الطبقة السياسية دمرت لبنان أكثر من أي قوة إحتلال”. وعما يحكى عن مخاوف من حرب، قال: “لا أرى خطرا أمنيا على لبنان والدبابة ليست دراجة هوائية. فآلة الحرب كبيرة جدا وحين تتحرك يظهر الامر جليا. عندما تقرع طبول الحرب سنعلم بذلك. لا معطيات حتى الآن باحتمال الحرب إلا ما يحكى عن الرد بحال الاستفزاز. لكن المعارك اليوم ليس فقط عسكرية بل إقتصادية ونحن أقحمنا نفسنا في معركة إقتصادية حين ضربت مصادر العملة الصعبة التي كانت تأتي بشكل أساسي من الخليج نتيجة أداء حزب الله وحلفائه الذي عزل لبنان عن محيطه الاقليمي والدولي فأصبح وضعنا شبيها بوضع غزة”.
لا يحق لبري فرض التوقيع الثالث
أنا لبناني فقط ونطالب كقوات لبنانية من اليوم الأول بحكومة اختصاصيين مستقلين، ذكر بو عاصي وأردف: “طالبنا الرئيس المكلف سعد الحريري خلال الاستشارات بعدم الدخول بالمحاصصة وإرضاء الأطراف بل بتشكيل حكومة يكون مقتنعا بها ترضي الناس وتستطيع إنجاز المهمة. السائق لن يرد القطار على السكة والعملية قد تأخذ شهرا أو سنة، وبعدها يعود السائق لقيادة القطار”.
وعن العلاقة بين “القوات” والحريري قال: “علاقة جيدة وصريحة، لا ندخل في السجالات لأنها عقيمة ولا وقت لدينا لها. المشكلة ان قسما كبيرا من السياسيين يقلدون من يعتبر أنه ربح، وهناك من يسعى لتكرار تجربة الجنرال عون الذي بنى قوته السياسية في انطلاقته على محاولة ضرب القوات. لذا البعض يستسهل الهجوم على القوات وهو مخطئ. بدل من أن يحسن آداءه يحاول إغراق غيره”.
وعن عدم السير بالمداورة في الحقائب، علق: “نحن واقعيون ولكننا ضد الآداء الذي يؤدي إلى إحتكار وزارة من قبل أي طائفة كوزارة المال التي أصبح دورها مشوها بمثابة “لقطة على الخوانيق” في لعبة مصارعة. أصبح وزير المال يستنسب التوقيع فيما على الوزير أن يوقع أو يستقيل أو يقال. لا يحق للرئيس نبيه بري فرض التوقيع الثالث لأن هذه المقاربة ليست ميثاقية”.
وعن وقف الدعم، اعتبر بو عاصي أنه “سيكون له انعكاسات اجتماعية كبيرة”، محملا حاكم مصرف لبنان الكثير من المسؤوليات في هذا الاطار “بسبب السياسات النقدية والهندسات المالية ورفضه أخيرا تسليم المعطيات للتدقيق المالي الجنائي”.
أتخوف من تضييع حقيقة إنفجار بيروت
واعتبر بو عاصي أن “أسوأ ما يحصل في لبنان حالة الافلات من المحاسبة ومن العقاب، وأكثر مثل نافر على هذا الصعيد هو انفجار المرفأ الذي سقط خلاله أكثر من 200 ضحية و6 الاف جريح ولم يطلع أحد الشعب اللبناني عما حصل في التحقيقات التي قيل أنها ستنتهي خلال 5 أيام” .
أضاف: “أين التحقيق في ما حصل في المرفأ وأين تحميل المسؤوليات؟ إعادة الإعمار مهمة ولكن أين الحقيقة؟ ما يخيفني هو تضييع هذه الحقيقة ووضع انفجار المرفأ في اطار الحوادث المتفرقة كحادث سير. مواد “نيترات الامونيوم” موجودة منذ 7 سنوات في المرفأ فهل هذا يحتاج لصور جوية؟ إن أردنا أن نضع المسؤولية على الآخرين والقول إنهم لم يسلمونا هذه الصور، فالامر معيب. هناك حتما تقصير تقني وإهمال ويجب المحاسبة من رأس الهرم. رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبعض الوزراء كانوا يعلمون بوجود مواد متفجرة في قلب العاصمة، ولدينا وثائق تثبت علمهم، فما هي الخطوات التي قاموا بها؟”.
كما كرر بو عاصي عدم ثقة “القوات اللبنانية” ليس بالادارة اللبنانية للتحقيقات بل بالسياسيين اللبنانيين الذين قد يطمشون نتائج هذه التحقيقات، مضيفا: “ليس الامر بجديد، هنا استذكر ملفات التحقيقات بعمليات اغتيال شهداء ثورة الارز وهي ملفات فارغة حتى الساعة. هذا ما ضرب ثقة المواطن بالدولة. لذا طالبنا كقوات بلجنة تقصي الحقائق ونكرر المطالبة بذلك، وأعددنا عريضة وقعت من آلاف المواطنين ورفعت الى مجلس الامن. وقد طالبنا فرنسا بالمساعدة على الدفع بإتجاه ذلك”.
وفي الختام، وصف بو عاصي موقف ودور “القوات اللبنانية” اليوم قائلا: “كلما كانت العاصفة أقوى كلما كان يجب على القبطان ان يكون أهدأ، وهذا ما تفعله القوات اليوم لأن العاصفة الهوجاء التي نعيشها تحتاج إلى هدوء كبير ورصانة. لكن “القوات” غير منكفئة وتراقب ما يحصل بل تعمل بجهد كبير مع قواعدها ومع المجتمع الدولي للخروج مما يحصل بهدوء وحكمة وشجاعة، فالظرف صعب جدا ووضع البلد اليوم لا يحتمل لعبة السلطة بهدف السلطة”.