مجلة وفاء wafaamagazine
اعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي أن “القرار الصادر في مجلس النواب وينص على إجراء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وانسحابه على مؤسسات الدولة كافة من الوزارات الى الصناديق والمجالس والهيئات هو قرار جيد، والأساس أن مصرف لبنان ملزم بالتطبيق والتعاون وتسليم المعطيات المطلوبة وعدم التحجج بالسرية المصرفية أو أمور أخرى”.
بو عاصي لم يُخفِ قلقه من “المشهد الذي رأيناه بالأمس”، إلا انه أعرب عن رغبته بالبناء عليه إيجاباً، قائلا: “لا نريد التشكيك بموقف أحد، ولكننا نسأل: اذا كان الجميع متفقاً على “التدقيق” لما لم تُحل المسألة بالأطر القانونية لتصل الأمور برئيس الجمهورية إلى إرسال رسالة إلى البرلمان؟ لماذا لم تحل في الحكومة ومع وزير المال؟ هل رياض سلامة هو فقط المعرقل؟ لا نريد ان نحكم على النوايا ولكن هذا امر لافت لكل اللبنانيين وانا منهم”.
وأضاف: “الإجماع المطلق أمام اللبنانيين على ضرورة إجراء “التدقيق” خطوة جيدة في المسار الصحيح ولكنها لم تنتج حتى الآن والعبرة في التنفيذ. هناك تساؤل عن نية التطبيق لدى الطبقة السياسية، إذا شهدنا كل هذا الإجماع السياسي الذي لم يشهده البلد منذ زمن ولم نتمكن من تنفيذ شيء فهناك تكمن المشكلة”.
كما شدّد بو عاصي على أن أي قرار لا مفعول له ويبقى شعاراً ما لم توضع آلية عملية له ولا ينفع. وأشار إلى أنّ “ما نقوم به ليس ترفاً فنحن دولة منكوبة وأخلاقياً علينا القيام بالتحقيق اللازم ومعرفة ما جرى. لذا المطلوب فورا تحديد شركة لإجراء التدقيق وتقديم المستندات من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإذا تلكأ فليحاسب ولتؤخذ أشد التدابير بحقه. فهو لا يعيش بجزيرة معزولة والوصي عليه هو وزارة المال، لكن إن لم تتمكن الدولة من إجراء التدقيق الجنائي فهذه ليست دولة”.
تابع: “إن كان هناك من يريد حماية حاكم مصرف لبنان وتخطي القانون فيعني انه كذب أمس، لكنني لا أشكك ولا أهاجم أي طرف سياسي من دون بناء الموقف على معطيات معينة. من سرق او هدر اموال اللبنانيين قاتل ومجرم ويجب معرفة المرتكب. تجهيل الفاعل وتغييب المسؤوليات من أعظم مشاكل لبنان”.
أمّا بما يتعلّق بإقتراح القانون المعجل المكرر لرفع السرية المصرفية لسنة الذي تقدم به تكتل “الجمهورية القوية”، فأشار الى أنه “من الممكن إقراره في بأي وقت لكنه ذكّر أنهم لفتوا خلال تقديمه “انه لزوم ما لا يلزم” لأن القانون اللبناني كاف ليطلب ويفرض على حاكم مصرف لبنان تسليم المستندات المطلوبة”. وقال: “المرجع السياسي الذي يجب ان يبت بالامر اي الحكومة لم يبت به لشهور، لذا قدمنا الاقتراح لسحب الحجج والعراقيل ورفع أي إلتباس أو شك”.
ورداً على سؤال عن أن جلسة مجلس النواب كانت تسجيل أهداف بين عون وبري، أجاب: “لا يهمني ما يقال عن تسجيل نقاط بين الأطراف السياسيين في جلسة الامس بل يهمني أن تكون النتائج النهائية لمصلحة المواطنين. سياسة التسديد في المرامي لا توصل الى أي شيء مفيد بل الى ما وصلنا اليه من إنهيار مالي واقتصادي واجتماعي وصحي. إنها تأخذ البلد إلا إلى الانهيار”.
وتعقيباً على ذلك، ذكّر بو عاصي أن القوات اللبنانية دعت منذ 2017 على لسان النائب جورج عدوان لقيام تدقيق جنائي في مصرف لبنان، مضيفاً: “أثرنا الموضوع وأنا طرحت الأمر مراراً في مجلس الوزراء ولكنها معركة لا نستطيع القيام بها منفردين. الدليل ان الدولة مجتمعة اليوم ولم تنجح حتى الآن بخوضها. كما كنا سباقين بتقديم اقتراح قانون لرفع السرية المصرفية لمدة عام، لكن هل تتحقق المصلحة العامة بتظهير أنفسنا على أننا السباقين بالمواجهة؟! همنا مقاربة الأمر بإيجابية واجراء التدقيق”.
حكومياً، اعتبر بو عاصي أن الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية هما المسؤولان دستورياً عن تأخر التأليف أما سياسياً فلو يوجد حد أدنى من الحس الوطني من قبل حركة “امل” و”حزب الله” و “التيار الوطني الحر” لكانت تشكلت الحكومة، مضيفاً: “لا افهم دخولهم اليوم في سجالات تقسيم الحقائب في وقت لم ينجحوا بأي منها. المطلوب من الحكومة رد القطار على السكة الصحيحة”.
كما رأى أن الرئيس الحريري يتعرض “لأكثر من ضغوط محلية”، وقد يكون تقديم الحريري مسودةً للرئيس عون حلاً وحينها نكون أمام إما الاعتذار أو الشلل او التوافق وهو الحل الأفضل. وقال: “اذا كان الرئيس الحريري يتمسك بأن تطبق المعايير نفسها في التأليف على الجميع فعليه ان يقنع رئيس الجمهورية بذلك. يجب ايجاد حل وتشكيل حكومة بأسرع وقت. اي شخص لا يمكنه ان يسيّر الامور عليه التنحي ويسمح لغيره بالمحاولة، ولكن اتمنى من قلبي ان ينجح الحريري بتشكيل الحكومة”.
ولفت بو عاصي الى انه “يوجد ميل لدى بعضهم للتفاهم مع حزب الله لانه يُخيف كثر، لكننا لا نخاف كقوات لبنانية”.
ورداً على سؤال، أجاب: “من ناحية السيادة والكرامة الوطنية لا أقبل التشكي للرئيس الفرنسي ماكرون من اي طرف لبناني، فالمبادرة الفرنسية امر واللعبة السياسية امر آخر. غير صحيح ان يشتكي احد الافرقاء على غيره من السياسيين لدى رئيس دولة أجنبية، خصوصا اذا كان وزيرا للخارجية في السابق ويدرك جيدا هذه الامور”.
بو عاصي الذي اشار الى أن العقوبات الاميركية على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لم تعرقل التشكيل بل باسيل يعقّد جزئياً تشكيل الحكومة، رأى أن حجم التأثير الاميركي على السياسة اللبنانية غير مباشر، مضيفاً: “لا أحد يبالغ باهتمام الخارج بنا باستثناء فرنسا لديها اهتمامات ليس فقط سياسية بل وجدانية. تصرّف دول الخليج خير دليل فقد تعبت الدول منا. قادة العالم اعربوا عن دعمهم لنا اذا بدأنا بالاصلاحات ولكنهم سئموا من دخول اللبنانيين بالزواريب الضيقة”.
الى ذلك، اعتبر بو عاصي أن ما حصل في هذه الحكومة في موضوع الفقر مع إحترامه للجميع “كان من أغبى الامور التي حصلت”، لافتا الى أن “معالجة الشؤون الاجتماعية علم حيث بالامكان ان نستفيد من تجارب دول أخرى في ملف الفقر كالهند ومصر وبنكلادش ونستوحي المعايير التي تعتمدها المنظمات الدولية في مقاربة المسألة ونتطبقها كما يجب”.
ورأى أن “الهجوم على برنامج دعم الاسر الاكثر فقراً بالتزامن مع توزيع مساعدة الـ400 الف ليرة، كان يستهدفني وكادوا يصيبون بالضرار 44 الف عائلة من الاكثر فقرا في لبنان. البنك الدولي والدول المناحة تعتبر قاعدة بينات البرنامج هي من الافضل في العالم وانا كنت قد خفضت العدد من 104 الاف عائلة الى 44 الفاً بناء على مسح والتدقيق تطلب سنة كاملة. هذا البرنامج هو ثمرة تعاون بين وزارة الشؤون الاجتماعية والحكومة والبنك الدولي ومنظمة التغذية العالمية. للسخفاء الذين يدّعون انني سيست البرنامج، كيف لي القيام بذلك وانا خفضضت العدد واستغنيت على ثلث المتعاقدين واكثر المستفيدين منه في طرابلس والضنية وعكار وبعلبك – الهرمل؟ لقد اعتمدت الحكومة معيار غريب لا يعتمد عالمياً بتوزيع الـ400 الف كتوزيعها على اولاياء طلاب المدارس الحكومية ومصابي الالغام . من يقول أنهم فقراء؟!”.
فيما يتعلق برفع الدعم، أكد انه لا يمكن رفع الدعم دفعة واحدة بل يجب ترشيده. وأوضح “أننا كقوات لبنانية سنعلن موقفنا الاثنين. لكن برأي الشخصي بطاقة الفقر لا تغني عن بطاقة الدعم. فللفقر اوجه عدة ولدينا اليوم شريحة الفقراء الجدد. الدعم هو استجابة لحاجات معينة بامكانيات محددة. لا يمكن ان نستمر وكأن شيئا لم يكن ونستمر بدعم كل الادوية او دعم المحروقات والطحين لكل الناس لذا يجب ان يكون تحديد المستفيدين غير مسيس وبالتالي يجب ترشيد الدعم. للأسف اذا لم يكن هناك حكومة ووزير ورقابة خارجية للمساعدات فسيتحول الدعم الى محسوبيات وسيخسر الفقير ومالية الدولة. أما اذا كان العمل جدياً وقاعدة البينات نظيفة فحكماً ستزيد الدول المانحة الدعم كما جرى خلال حين كنت اتولى وزارة الشؤون.
أمّا بشأن طرح الرئيس نبيه بري المتكرر لملف قانون الانتخاب، فقال: “لا اعرف ما الذي يريده الرئيس بري من فتح ملف قانون الانتخاب. نتمنى ان تكون الجلسة الماضية هي الجلسة الاخيرة حول هذا الموضوع. اذا كان هناك نقاط محددة يمكن مناقشتها لتعديل القانون الحالي لا نسفه، فهذا القانون يعكس طبيعة المجتمع المعروف بتعدديته”.