الرئيسية / سياسة / تحذير من “سيدر” وأميركا تمنع إدانة إسرائيل

تحذير من “سيدر” وأميركا تمنع إدانة إسرائيل

الجمعة 06 أيلول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

على طريقة الصدمات الكهربائية المتدرجة والمتعاقبة يكاد لا يمر يوم من غير ان يتلقى لبنان تحذيراً أو تنبيهاً أو تقريراً يثير واقعه المالي والاقتصادي المتعثر، ويشدد على الطابع الملح والعاجل للإجراءات الاصلاحية سواء التي قررتها الحكومة أو تلك التي تقررت في مؤتمر “سيدر” أو سواه من المناسبات تجنباً لبلوغ المراحل الأشد سوءاً. وإذا كان الواقع الاقتصادي والمالي لا ينفصل عن الواقع الاستراتيجي للبنان الذي وحد نفسه في الفترة الأخيرة في مواجهة المخاوف من تدهور حدودي يؤدي الى اشتباك بين اسرائيل و”حزب الله”، فإن هذا الارتباط بين الواقعين يتضح مما تعبر عنه بعثات ديبلوماسية غربية في بيروت لا تخفي أن ما حصل على الحدود الجنوبية أخيراً كان مقلقاً الى حد كبير، وهو يبقى كذلك في المدى المنظور لأن عوامل التوتر لا تزال قائمة وتتصل بالصواريخ الذي لم يخف “حزب الله” وجودها لديه، فيما تحذر اسرائيل من اجراءات تنوي اتخاذها في هذا الاطار.

وتقول مصادر ديبلوماسية غربية أن عوامل التوتر القائمة يمكن أن تتطور بسرعة على نحو دراماتيكي كما أظهرت الامور أخيراً، خصوصاً في ظل اعتقاد ديبلوماسي ان الوضع كان يمكن ان يكون خطيراً جداً وينزلق الى أمر غير محسوب لو ان الصاروخ الذي أطلقه الحزب على آلية اسرائيلية أوقع قتلى. وتخشى هذه المصادر ان يؤثر ما حصل أخيراً، سلباً وبقوة على وضع اقتصادي صعب جدا في لبنان، بحيث أن ما حصل على صعيد التطورات العسكرية لم يساعد لبنان بل جعله أكثر هشاشة، علما أن الوضع الاقتصادي يشكل بدوره مصدر قلق كبير أيضاً على رغم عمل دول عدة مع الحكومة اللبنانية من أجل مساعدة لبنان.

ووسط هذه الأجواء، نقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” أمس عن مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة عرقلت صدور إعلان عن مجلس الأمن حول التوتر الاخير على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية بين “حزب الله” واسرائيل، بعدما رفضت تضمين الإعلان أي انتقاد لاسرائيل.

وتضمنت الصيغة الأولى لمشروع الإعلان التي تم التفاوض في شأنها منذ مطلع الأسبوع وحصلت الوكالة على نسخة منها، ست نقاط تعبر عن “قلق مجلس الأمن العميق” من الخروقات على الحدود بين لبنان واسرائيل.

وجاء أيضاً في مشروع الإعلان الذي أعدته فرنسا “أن أعضاء مجلس الأمن ينددون بكل الخروقات للخط الأزرق أكانت من الجو أم من الأرض، ويدعون بحزم كل الأطراف الى التزام وقف أعمال العنف”.

وأفاد ديبلوماسيون في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة رفضت مرتين أن تلزم الصمت، أي ألّا تعترض، لاقرار النص. لا بل طالبت في البداية بتضمينه إدانة مباشرة لـ”حزب الله”، قبل أن تطالب أيضاً بإزالة أي إشارة ولو ضمنية الى مسؤولية تتحملها اسرائيل في هذا التوتر.

وقال ديبلوماسي شارك في المشاورات إنه لم يكن وارداً بالنسبة الى واشنطن أن تضع على قدم المساواة، اسرائيل التي تعتبر أنها تدافع عن نفسها من جهة، و”حزب الله” الذي تعتبره منظمة ارهابية من جهة أخرى.

وأوضحت المصادر أن سائر أعضاء مجلس الامن لم يوافقوا على الطلب الاميركي، ما أدى في النهاية الى التخلي عن إصدار الإعلان. ومعلوم أن الإعلانات الصادرة عن مجلس الأمن لا بد أن تحظى بموافقة جميع اعضائه الـ15.

خلاصات دوكين
أمّا في تطورات الملف الاقتصادي وغداة صدور التقرير الجديد لوكالة “ستاندارد أند بورز” عن احتياطات مصرف لبنان، جاءت الصدمة الكهربائية الأحدث على لسان المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” بيار دوكين الذي تحدث عن نتائج جولته على المسؤولين وخلاصاته في شأن الواقع الاقتصادي والمالي في لبنان، في مؤتمر صحافي اتسمت نبرته فيه بصراحة بلغت حدود التحذيرات الصارمة والقاسية انطلاقاً من تقويم بالغ السلبية للواقع القائم. وقد انطلق دوكين من الطابع “الملح والطارئ” للوضع في لبنان ليعلن استنتاجاً عاماً صادماً بقوله: “لا يمكن ان نجد مؤشرا اقتصادياً ومالياً واحداً ليس سيئاً. طبعاً لن أعدد كل هذه المؤشرات الاقتصادية لكنكم تعرفونها”.

وأضاف: “هذا الوضع كان موجوداً في مرحلة مؤتمر “سيدر” إلّا أن البعض كانت لديه آمال بخلاف ذلك. إلا ان ذلك لا يمنع أن أصل الى انطباعي الثاني وهو ان بعض الأشخاص لا يزالون يعتقدون ان هناك حلاً يأتي على شكل معجزة، حل سحري قد يحل كل المشاكل، وهذا غير موجود”. وحزب مثلاً محدداً في موضوع التنقيب عن الغاز والنفط، فقال ان “اكتشاف النفط في لبنان ليس بالحل السحري الذي سيحل كل المشاكل التي يواجهها لبنان… هذا الامر ايجابي، لكننا لم نصل اليه بعد”، وأكد ان “اعتبار النفط هو الحل، أمل خاطىء وليس الطريق المناسب الى الأمام”. وأقر بأن “الوضع حرج، لكن الثقة هي المفتاح والكلمة الأساسية التي اعتمدناها في مؤتمر سيدر”. ثم قال: “نحن نفهم ان أمام الحكومة اللبنانية الكثير من العمل لتقوم به، وأنا أفهم ان الأطراف في لقاء بعبدا التزموا هذا المجهود وكذلك الجهات المانحة، الا ان عقد الثقة هذا هو حازم. يجب ان تنطلق عملية سيدر في أسرع وقت ممكن ولكن على كل الجبهات. هذا عقد يجب ان يلتزمه الطرفان ودور بلدي هو ان أحرص على التزام الطرفين، بالقول للطرفين الاول والثاني، هذا ما وعدتم به ووقعتم عليه، عليكم ان تنفذوا الآن”.

الحريري
في المقابل، قال رئيس الوزراء سعد الحريري إن “على الحكومة أن تقوم بكل جهد ممكن لكي تخرج البلد من الأزمة التي يعيشها”. وجاء في كلمة ألقاها خلال رعايته حفل تكريم حجاج في مسجد محمد الأمين بوسط بيروت: “سترون في الأيام المقبلة جهداً كبيراً جداً من الحكومة لكي ننجو من هذه العاصفة التي تمر فوقنا، والتي يمكنها أن تؤذينا، لكننا إذا حمينا أنفسنا وقمنا بالخطوات الصحيحة نصل إلى بر الأمان بإذن الله”.

الى ذلك أعلن الحريري خلال ترؤسه أمس جلسة مجلس الوزراء في السرايا انه في موضوع التعيينات، وبناء على طلبه، سيتم من الآن فصاعداً وضع بند التعيينات على جدول أعمال مجلس الوزراء ويزود الوزراء السيرة الذاتية للمرشحين ويتم إبلاغهم إياها مع الجدول، ويتم التعيين عند اتخاذ القرار من مجلس الوزراء. هذا الامر تم حسمه أمس بأن لا تعيينات من خارج جدول الأعمال والتعيين يجب ان يكون مدرجاً ضمن جدول الاعمال مع إرسال السير الذاتية سلفاً إلى الوزراء.

المصدر: النهار