مجلة وفاء wafaamagazine
– إتهام باسيل “بالعرقلة” محاولة للتعمية عن حقيقة المعرقل
– الرئيس المكلّف غير قادر على تجاوز “الفيتو الأميركي”
– بروز حركة ناشطة لبهاء الحريري على المستويين السياسي والإعلامي
– المؤشرات تدل الى تأجيل ولادة الحكومة المرتقبة
– رفض الحريري إسناد الوزارات المتعلقة بمكافحة الفساد الى فريق “الرئاسة”
– السطو على 860 كلم لن يمر في عهد العماد ميشال عون
– الحل المرجو لن يتحقق إلا عبر مؤسسات الدولة الدستورية
حسان الحسن- الثبات
“لا أمل في ولادة الحكومة الجديدة، مادام وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في موقع القرار في واشنطن”، هذا وفق رأي مرجع سياسي قريب من محور ال م ق ا و م ة، معتبراً أن إتهام فريق رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، للنائب جبران باسيل بعرقلة ولادة الحكومة المرتقبة، هو مجرد محاولةٍ للتعمية عن حقيقة المعرقل الحقيقي وتجهيل الفاعل، أي “الأميركي”، الذي يمنع الحريري من تأليف حكومة تضم وزراء ممثلين أو مؤيدين ل ح ز ب الله، أو حتى في حال كانت تربطهم أي صلةٍ بالحزب، تحت طائلة وضع أسم الرئيس المكّلف على لائحة العقوبات الأميركية. وهذا الأمر، لم يكتمه عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في لقائهما الأخير، وأن الرئيس المكلّف غير قادر على تجاوز “الفيتو الأميركي”، بحسب معلومات المرجع عينه. بالإضافة الى ذلك، يخشى الحريري الدعم الأميركي – الخليجي للمزيد من حركات الإنقسام في شارعه (اي الشارع السني)، خصوصاً في ضوء بروز الحركة الناشطة لشقيقه بهاء أخيراً، على المستويين السياسي والإعلامي، ودائماً برأي المرجع.
ويستغرب أيضاً “تلميحات” أحد المرجعيات الروحية ضد رئيس الجمهوريه وفريقه، والإيحاء للرأي العام، بأنهما يتحملان مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، وهذا الأمر مغاير للحقيقة، على حد تعبير المرجع. ويجزم أن السبب الجوهري الذي يعوق “الولادة المرجوة”، بالإضافة الى الضغوط الإقتصادية على البلد، كلاهما ناجم عن ردود الأفعال الإنتقامية لبومبيو من لبنان، بعد تعليق مفاوضات ترسيم الحدود بينه وبين “إسرائيل”، بما كانت تشتهيه الأخيرة، وبما يناسب مصلحتها. كذلك عدم نجاح الإدارة الأميركية وأدواتها، في “تمرير ولادة حكومة مواجهة مع المقاومة”، على حد قول المرجع.
بناء على ما تقدم، لاريب أن المؤشرات تدل الى تأجيل ولادة الحكومة المرتقبة، في إنتظار المتغيّر الأميركي الشهر المقبل. أما التعويل على الحكومة المستقيلة، ليس في مكانه، بعد الإدعاء القضائي على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي حظي بالتفاف مذهبيٍ، لن يفرط فيه، برأي مصادر سياسية متابعة لمسار تشكيل الحكومة. وتعتبر أن الإحتقان الطائفي، على خلفية الإدعاء على دياب، أسهم في تعميق الخلاف على تشكيل الحكومة المرتقبة، ويكاد يجهض ولادتها، لذا ساد توجه لدى بعض الأفرقاء، بإمكان تفعيل الحكومة المستقيلة، ما لم يلق قبولاً لدى دياب. أما الحريري، فبدلاً من أن يذهب الى الإسراع في تأليف الحكومة، لوقف الإنهيار والحفاظ على ما تبقى، ذهب الى تجييش الشارع السني، على خلفية الإدعاء على دياب، الذي أخذ بعداً مذهبياً، ثم قصد بعدها بكركي، ليوّسط البطريرك الماروني بشارة الراعي في حل الأزمة الحكومية.
بالإضافة الى المعوقات الخارجية المذكورة أنفاً، تلفت المصادر عينها، أن هناك معوقات داخلية أيضاً، تمثلت برفض “الرئيس المكلّف” إسناد الوزارات التي تعنى في شأن مكافحة الفساد، الى فريق الرئاسة الأولى. وتختم بالقول : ” لكل ٍ من الفريقين أسبابه، بالتمسك بتلك الوزارات، ففريق رئيس الجمهورية لديه حرص على فتح كل ملفات الفساد، وفريق الرئيس المكلف يخشى الكيدية السياسية خلال فتح تلك الملفات”، تختم المصادر.
وفي السياق، تؤكد مصادر نيابية في “تكتل لبنان القوي”أن السبيل الوحيد والسليم، الذي يؤدي الى ولادة الحكومة المرتقبة، هو التزام الدستور، وعدم تفسيره بما يتناسب مع المصالح السياسية لأحد الأطراف المعنيين في عملية تأليف الحكومة، كذلك ضرورة إعتماد وحدة المعايير، عند إنتقاء الوزراء وتوزيع الحقائب، وألا يكون ذلك لمصلحة أي مكوّن لبنانيٍ على حساب مكوّن آخر، ما يؤدي الى إجهاض ولادة الحكومة المرتجاة، كذلك إسقاط المبادرة الإنقاذية الفرنسية برمتها”.
وتعتبر أن المبادرة المذكورة، وتدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط أزمة تأليف الحكومة، قد تدفع الأطراف المعنيين بالتأليف، أو بعضهم، الى المضي قدماً، وتقديم التنازلات، من أجل التوصل الى تفاهمٍ، يفضي الى ولادة الحكومة، شرط عدم وضع “العصي الأميركية في دواليب المبادرة الفرنسية”، على حد تعبيرها.
في المقابل، تسأل مصادر قريبة من رؤساء الحكومات السابقين، “لماذا لم يتخذ الرئيس عون أي خطوةٍ جديةٍ على مسار تأليف الحكومة، للإسراع في ولادتها قبل الوصول الى الإنهيار التام، وهل يقبل رئيس الجمهورية أن ينهار البلد في عهده” ؟
وتعقيباً على ذلك، ترى مصادر في فريق الثامن من آذار أن الأجندة الأميركية في لبنان، لا تلحظ إلا المصلحة الإسرائيلية، وأن “الضوء الأحمر الأميركي – الخليجي” الذي كان مضاءً في وجه الرئيس سعد الحريري، لثنيه عن تشكيل الحكومة، أطفىء بالتزامن مع بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل”. ثم تعرقلت بعد ذلك، عملية تأليف الحكومة، بالتزامن أيضاً مع وقف هذه المفاوضات، بعدما حاول المفاوض “الإسرائيلي”، السطو على مساحة 860 كلم من المنطقة الإقتصادية البحرية اللبنانية، وهذا الأمر لن يمر في عهد العماد ميشال عون، وجهوزية المقاومة لردع أي عدوانٍ، سواء كان حربياً أو إقتصادياً. ما دفع الولايات المتحدة وبعض دول الخليج الى ممارسة الضغوط على الحريري، لعدم توزير مؤدين ل ح زب الله، كذلك محاولة تحجيم مشاركة حليفه التيار الوطني الحر في الحكومة المرتقبة، خصوصاً بعد إتساع موجة التطبيع الخليجي – الإسرائيلي.
وتعتبر أن وساطة البطريرك الماروني بشارة الراعي قد تسهم في حل الأزمة الحكومية، لما يتمتع من رمزية وطنية وروحية، ولكن الحل المرجو لن يتحقق، إلا عبر مؤسسات الدولة الدستورية، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، الشريك الفعلي في تأليف الحكومات.